أميرة غنيم تخلد ذكرى الزعيم الحبيب بورقيبة

الروائية التونسية في 'العظماء يموتون في أفريل' تضع بين يدي القارئ إرثًا معقّدا يختلط فيه الواقع بالخيال، والإعجاب بالنفور، والبطل الملحميّ بالإنسان البسيط العادي.

تونس - صدر حديثا عن دار ميسكيلياني للنشر عمل روائي جديد يحمل عنوان "العظماء يموتون في أفريل" للروائية التونسية أميرة غنيم، وفي الكتاب تطرح الكاتبة مجموعة من الأسئلة بينها ماذا لو طوى الزعيم الحبيب بورقيبة المسافة بين القائد الفذّ الذي كان عليه والشيخ المريض الذي آل إليه، فروى نُتَفًا من حياة حزينة لم تصل إليها الأضواء، أو فصولا مجيدة من تاريخ غير رسميّ لا دليل للمؤرّخين عليه؟ ثمّ ماذا لو أصغت أذن نبيهة لما رواه الزعيم، فحفظته من التلاشي؟ ماذا لو نقلت لنا رحلته بين أحلامه الصغيرة وهمومه الكبيرة، وبطولاته ونضالاته، وخيباته وانتصاراته؟

وفي تقديمها للإصدار الأدبي الجديد، قالت غنيم على صفحتها بفيسبوك "في هذه الرواية، يخوض بورقيبة معركته الأخيرة ضد الشيخوخة وضد الموت والنسيان. يُحاور ماضيه ويفتح جراحَه ويوسع صدره لأسئلة قديمة ظلّت بلا جواب. ومن خلال ذكريات رئيس معزول في نهاية العمر يطرح النصّ أسئلة السلطة وحساباتها ويرفع السُجف عن الذات البشريّة وتناقضاتها، ويسطّر المفارقات بين الماثل في المرآة والقابع في ظلمات الأنفس وأهوائها مستكشفا في كلّ ذلك وجهَ الإنسان خلف أيقونة الرمز، ومركزيّة الجانب الحميميّ في صناعة المصير الجماعيّ. إنّها رواية تضع بين يدي القارئ إرثًا معقّدا يختلط فيه الواقع بالخيال، والإعجاب بالنفور، والبطل الملحميّ بالإنسان البسيط العادي.

وأوضحت غنيم في اتصال مع وكالة تونس أفريقيا للأنباء أنها أرادت من خلال هذا العمل تدارك نقص، فمن الغريب ألا يكون هناك فيلم أو مسلسل أو أي عمل أدبي أو فني يوثق مسيرة الزعيم الحبيب بورقيبة (3 أغسطس/آب 1903- 6 أبريل/نيسان 2000) فكل الأمم تقريبا تخلد ذكرى زعمائها.

وبينت أن الهدف من الرواية ليس تناول الجانب التاريخي، (فذلك متروك للمؤرخين)، بل التطرق إلى الجانب الإنساني في مسيرة الراحل، من أجل تخليد الذاكرة الجماعية وإطلاع الشباب بالخصوص وكل قراء الرواية، على تاريخ بورقيبة وجزء كبير من حياة باني تونس الحديثة.

وكشفت أميرة غنيم عن بعض ملامح هذه الرواية التي ستكون متاحة للقراء موفى الشهر الحالي في معرض تونس الدولي للكتاب (25 أبريل/نيسان/ 4 مايو/أيار 2025)، فبينت أنها ستقدم من خلالها جوانب من حياة بورقيبة وهو "يتكلم على سرير الموت" وهي حكايات منقولة عن شخص عاش معه الـ13 سنة الأخيرة من حياته "حين كان شبه سجين في دار الوالي بمسقط رأسه مدينة المنستير" وهي الممرضة "سعاد" التي تابعها القراء في روايتها السابقة "تراب سخون"، وتتضمن الأحداث جانبا من أماني بورقيبة، ولا علاقة لها بما حصل في الواقع وفق الكاتبة.

وأضافت الروائية في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء أنها تناولت في هذا العمل حياة بورقيبة من طفولته المبكرة إلى غاية يوم 1 يونيو/حزيران 1955 تاريخ عودته من فرنسا مع وثيقة الاستقلال الداخلي لتونس.

وعن الأحداث التي تناولتها، أوضحت أنها اطلعت على ما دونه المؤرخون، فتبين لها أن فترة ما بعد الأربعينات "بقي فيها فراغات" لم يتناولها أحد، مما يمثل ساحة واسعة للخيال، لذلك جاءت هذه الرواية مزيجا بين الواقعي والتخييلي.

وأعلنت غنيم عن صدور الرواية عبر صفحتها على فيسبوك قائلة: اليوم تكون مرّت 25 سنة على موتة بورقيبة الثانية. موتته الأولى كانت بتاريخ السابع من نوفمبر/تشرين الثاني 1987 حين أكرهه الخروج القسريّ من الحكم على الصمت المُطبق.

ولفتت إلى أنه "طيلة الأعوام الثلاثة عشر التي قضّاها سجينًا في منفاه الأخير بدار الوالي بالمنستير، مسقط رأسه، ظلّ بورقيبة صامتًا كالجثمان. هذا ما تقوله لنا وثائق التاريخ، لكنّ التخييل الروائيّ له دائما قول آخر".

وتعد هذه الرواية الرابعة في رصيد أميرة غنيم بعد "نازلة دار الأكابر" التي بلغت القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" وترجمت إلى الإنكليزية والإيطالية والفرنسية ونالت العديد من الجوائز في تونس وخارجها كان آخرها جائزة "فراغونار للأدب الأجنبي" عن النسخة الفرنسية ترجمة الجزائرية سعاد لعبيز، فضلا عن روايتي "الملف الأصفر" و"تراب سخون".