أنقرة تجهد في مغازلة بروكسل لتلافي عقوبات وشيكة

تشاووش أوغلو يؤكد أن لبلاده فرصة لتجديد الحوار مع الاتحاد الأوروبي، والقادة الأوروبيون يرحبون بحذر مع حرصهم على ضمانات تظهر أن سلوك تركيا الجديد صادق ومستدام.
أوروبا تتسلح باليقظة لمواجهة تقلبات اردوغان ونقضه لتعهداته
جهود تركية مضنية لتحقيق حلم الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي

أنقرة - قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو الأربعاء، إن بلاده تمتلك فرصة لتجديد الحوار مع الاتحاد الأوروبي.

جاء ذلك خلال مشاركته في المؤتمر التركي الهولندي الثامن 'ويتنبرغ، عبر اتصال مرئي، برئاسة مشتركة مع نظيره الهولندي ستيف بلوك.

وتأتي تصريحات تشاووش أوغلو فيما تسعى أنقرة مؤخرا إلى مغازلة الأوروبيين وتلطيف الأجواء المتوترة مع الاتحاد الأوروبيين لفك عزلتها وتلافي عقوبات أوروبية وشيكة في حال لم تتراجع أنقرة عن انتهاكاتها في شرق المتوسط واستمرار تدخلها العسكري في أكثر من منطقة.

وأوضح أن العلاقات مع الاتحاد الأوروبي مرت بفترة صعبة خلال العام الماضي، حيث شهدت منطقة الشرق الأوسط وقبرص وليبيا وسوريا والقوقاز تطورات مهمة.

وتوترت العلاقات بين أنقرة والتكتل بسبب قضايا منها النزاع بين تركيا واليونان في شرق البحر المتوسط والسياسة التركية في سوريا وليبيا وإقليم ناغورني قره باغ وقبرص.

وأشار أن الاتحاد مد يده إلى تركيا في قمة ديسمبر/كانون الأول الماضي، وأن أنقرة استجابت لذلك بشكل إيجابي، مضيفا "لدينا الآن فرصة لتجديد الحوار مع الاتحاد الأوروبي".

وعلى الرغم من التجاوب الأوروبي مع مزاعم تركيا وسعيها لخفض التوتر وجنوحها إلى الحوار، فإن الأوروبيون الذين عانوا من تقلبات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ونقضه لتعهداته ومواقفه العدوانية، يحرصون على ضمانات تظهر أن سلوك تركيا الجديد صادق ومستدام.

وخفض اردوغان في الأشهر القليلة الماضية من نهجه العدواني ولهجة التصعيد وسحب سفن التنقيب من المياه المتنازع، حين تأكد موقف بروكسل بات أكثر صرامة وأن عقوبات أوروبية على بلاده أصبحت أقرب من أي وقت مضى.

وفي سياق تليين الموقف أضاف تشاووش أنه التقى نظراءه في بلجيكا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال، وأن أغلب الأعضاء في الاتحاد يدعمون فرصة تجديد الحوار مع تركيا.

وحول علاقات بلاده مع هولندا، أوضح تشاووش أوغلو أن لدى تركيا إمكانات كبيرة في التعاون الثنائي في مجال التجارة والاقتصاد والابتكار والتكنولوجيا، مؤكدا الحاجة إلى الحوار من أجل الاستفادة من الإمكانات المتوفرة وللتكيف مع التغيير.

وأكد ضرورة بذل جهود أكبر لتشجيع رجال الأعمال للقيام بمزيد من الاستثمارات والأعمال التجارية من الجانبين، لافتا إلى أن البلدين يمتلكان الكثير من الإمكانات التي تمكنهما من المساهمة في معالجة مشاكل القارة الأوروبية.

وأشار أنه بفضل الجهود التركية والأوروبية المشتركة حول أزمة الهجرة عام 2016 تم التعامل بنجاح مع أكبر أزمة إنسانية ناشئة في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

وأضاف أن "تركيا كدولة مرشحة (لعضوية الاتحاد الأوروبي) على أعلى مستوى من العزيمة والاستعداد للشراكة الحقيقية".

تركيا أمام مهلة وجيزة لتسوية مع الاتحاد الأوروبي
تركيا أمام مهلة وجيزة لتسوية مع الاتحاد الأوروبي

لكن الانتهاكات التركية والتصعيد المستمر ومواصلة نهجها العدواني تجاه دول الاتحاد الأوروبي لا سيما اليونان وفرنسا، يستعبد ضم تركيا للتكتل بل يمكن أن نقول إن نهج أنقرة أعدم كل للفرص للظفر بعضوية الاتحاد.

وأوضح وزير الخارجية التركي أن من بين التوقعات التركية للعلاقات الثنائية مع الاتحاد الأوروبي، تجديد اتفاقية 18 مارس/آذار حول الهجرة بكافة أبعادها وعملية الانضمام وتحديث الاتحاد الجمركي وتحرير التأشيرات والتعاون في مجال الهجرة ومكافحة الإرهاب.

ولفت تشاووش أوغلو إلى أن تركيا بدأت إجراء محادثات استكشافية مع اليونان، وأنها تجري أيضا عملية تطبيع العلاقات مع فرنسا، إضافة إلى تركيزها على عملية الإصلاحات الداخلية.

وأبدى استعداد بلاده للمشاركة في اجتماع (5+1) حول قبرص الذي اقترحته تركيا، مشيرا أنهم يثقون بالدعم الهولندي الذي لعب دورا مهما في توقيع اتفاقية 18 مارس.

وأكد أن الجالية التركية في هولندا هي أحد عناصر العلاقات متعددة الأوجه بين البلدين، مضيفا "ندعم اندماج الشعب التركي في المجتمع الهولندي كأفراد فاعلين وناجحين".

نأمل أن تتحول أقوال الرئيس التركي سريعا إلى أفعال ملموسة ودائمة تثبت إرادته الحسنة الفعلية حيال الاتحاد الأوروبي

ويأخذ الأوروبيون مبادرات السلطات التركية بحذر إلى حين ظهور خطوات ملموسة تتجاوز النوايا الحسنة المعلنة.

وقال دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى "يحاول الأتراك نيل الرضا، لكن الأوروبيين ينتظرون لمعرفة ما إذا كان هذا السلوك الجديد صادقا ومستداما".

بدوره قال وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسيلبرون "نأمل أن تتحول أقوال الرئيس التركي سريعا إلى أفعال ملموسة ودائمة تثبت إرادته الحسنة الفعلية حيال الاتحاد الأوروبي".

لكنه حذر من "أن أحدا لن يغض الطرف، فالاتحاد الأوروبي لا يزال عازما على الدفاع عن مصالحه ومصالح الدول الأعضاء فيه فضلا عن المحافظة على الاستقرار الإقليمي".

وأمام أنقرة مهلة شهرين لإقناع الاتحاد الأوروبي بحسن نواياها. وسيعرض جوزف بوريل تقريرا حول العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا وسيقترح خيارات على القادة الأوروبيين خلال قمة تعقد في مارس/آذار.

وكانت بروكسل قد مدت اليد لاردوغان في يوليو/تموز 2020، لكنه رفضها. وقرر قادة الدول الأوربية في ديسمبر/كانون الأول فرض عقوبات على أنقرة لاستمرارها في عمليات التنقيب عن الغاز الأحادية الجانب في المنطقة القبرصية الاقتصادية الخالصة.

وسيدرج الأوربيون أسماء جديدة على قائمة باشروها في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 وتضم اسم مسؤولين اثنين في شركة النفط التركية منعا من الحصول على تأشيرات دخول وجمدت اصولهما في الاتحاد الأوروبيـ حيث قال مصدر مقرب أن العمل على هذه القائمة جار وهو معقد ومن المبكر الحديث عن نتائجه أو الموعد المحدد لإنجازه".

وقالت ذات المصادر إنه قد يتم التوصل إلى اتفاق بشأن أسماء عدة خلال اجتماع وزراء الخارجية في 25 يناير/كانون الثاني.