أهالي المغيبين في سوريا يطاردون الحقيقة
دمشق - تجمع عشرات السوريين اليوم الجمعة أمام محطة الحجاز في دمشق، في وقفة صامتة طالبوا خلالها بكشف مصير المعتقلين والمغيبين في سوريا وحماية المقابر الجماعية ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، بعد إطاحة النظام السابق.
ورفع المشاركون الذين خيّم الوجوم على وجوههم، وبينهم نساء ورجال وشباب، صور معتقلين أو مفقودين من أفراد عائلاتهم، فيما حمل آخرون لافتات جاء في إحداها "لا أريد قبرا مجهولا لولدي، أريد الحقيقة"، بينما كُتب على أخرى "كشف مصير المغيبين حق".
وقالت وفا مصطفى باسم المشاركين في الوقفة "لسنوات طويلة للأسف، جمعنا وجع الفقد ووجع عدم اليقين ووجع الانتظار لأهالينا ووجع مراقبة عفو وراء عفو".
وتابعت الشابة التي اعتقل والدها عام 2013 "كلنا رأينا مشاهد تحرير معتقلين من السجون، مشاهد تفرح القلب، لكنها بالنسبة لعائلات كثيرة كانت قاسية جدا لأننا لم نر أحبابنا في مقاطع الفيديو ولم يُفرج عنهم"، في إشارة إلى إخراج آلاف المعتقلين من السجون فور إطاحة الرئيس المخلوع بشار الأسد في الثامن من الشهر الجاري.
وتابعت بتأثر "نحن هنا لنقول إننا لن نقبل بأقل من الحقيقة كاملة، ومعرفة ماذا حدث لأهالينا ومن عذبهم، وإذا دفنوا أين دفنوا".
ولا يقارن عدد من خرجوا من السجون مع إجمالي المعتقلين منذ العام 2011 والذين يقدر عددهم بأكثر من مئة ألف.
ويشكل مصير عشرات آلاف السجناء والمفقودين إحدى أكثر التركات المروعة لحكم الأسد، والذي كان تنظيم وقفات مماثلة خلال حكمه ممنوعا.
وقالت أماني الحلاق (28 عاما) على هامش مشاركتها في التجمع "كنت من الناس الخائفين، وهذه أول مرة أشارك في وقفة مماثلة"، بهدف المطالبة بكشف مصير ابن عمها الذي اعتقلته قوات الأمن من أمام جامعته عام 2012، بعد عام من بدء التظاهرات الاحتجاجية ضد الأسد.
وأوضحت أن العائلة تبلغت إنهم في السجن "اقتلعوا أظافره ومات لحظتها"، مضيفة "نريد معرفة مصير المفقودين وأين جثثهم حتى نتمكن من تحديد هوياتهم".
ودعت ثلاث منظمات غير حكومية الاثنين بينها "هيومن رايتس ووتش" السلطة الجديدة إلى اتخاذ تدابير من أجل حفظ الأدلة على "الفظائع" التي ارتكبها النظام السابق، من وثائق حكومية وأرشيف أجهزة الاستخبارات ومواقع المقابر الجماعية.
وعلى مبنى محطة الحجاز، عُلّقت لافتة كبيرة سوداء كتب عليها بالأبيض "آن آوان محاسبة الطغاة.. لن نسامح". وأوقفت قوات الأمن التابعة للسلطة الجديدة الخميس، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان، رئيس القضاء العسكري في سوريا والذي حكم على آلاف المعتقلين بالإعدام بمحاكمات شكلية داخل سجن صيدنايا السيّئ الصيت.
وخلال الوقفة، حمل يوسف السماوي الآتي من ألمانيا صورة ابن عمه الذي تم تعذيبه حتى الموت داخل سجن حكومي عام 2012، قائلا "مطلبنا أن تتم محاكمة المتورطين بتعذيب وإخفاء المعتقلين بأحكام عادلة حتى تتمكن العائلات من أن ترتاح وتتابع حياتها في هذا البلد"