أول خطوة للنهضة في الحكم رئاسة البرلمان بالتحالف مع 'الفساد'

رضا شرف الدين مرشح حزب "قلب تونس" انسحب من تصويت رئاسة البرلمان بعد تحالف في الساعات الأخيرة مع النهضة.

تونس - انتخب راشد الغنوشي رئيس ومؤسس حزب النهضة الإسلامي مساء اليوم الأربعاء، رئيسا للبرلمان الجديد بغالبية الأصوات.

ونال الغنوشي 123 صوتا من مجموع 217 إثر اتفاق مع الحزب الثاني "قلب تونس"، على ما أفادت مصادر من داخل الحزب.

وكان الغنوشي انتخب نائبا في الانتخابات التي جرت في السادس من شهر تشرين الأول/أكتوبر الفائت، بعد أن ظل يتحكم في حكومات شاركت فيها النهضة ويسير دوائر الحكم من وراء الكواليس منذ سنوات.

وهذا أول منصب رسمي يشغله الغنوشي منذ عودته من منفاه في لندن في 2011 عقب انتفاضة أنهت حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي.

ورغم تأكيد كل القيادات في النهضة منذ بداية الانتخابات وحتى بعدها على عدم مشاركة حزب "قلب تونس" الذي يتزعمه قطب الإعلام نبيل القروي، في الحكم أو التحالف معه، فإن تحالفات جرت في السر ومكنت رئيس الحزب الإسلامي من الحصول على أغلبية الأصوات.

وقال القيادي في النهضة عامر العريض وقت سابق اليوم الأربعاء إن الحزب أجرى حوارات مع كل الأحزاب اليوم، ويفترض أن يكون لها تأثير على مفاوضات تكوين الحكومة أثناء الجلسة الأولى للبرلمان المنتخب، في إشارة واضحة إلى أن الأحزاب التي ستصوت للغنوشي سيتم مكافئتها بدور أو بعدد من الوزارات في الحكومة القادمة التي ستشكلها النهضة.

ورشحت النهضة الفائزة في الانتخابات التشريعية بأغلبية لم تصل إلى ربع البرلمان الذي ميزه تشتت المقاعد، رئيس الحركة راشد الغنوشي لمنصب رئيس البرلمان، لكن حصوله على ذلك المنصب كان يحتاج توافقا واسعا من باقي الأحزاب لضمان الأغلبية المطلقة عند التصويت.

وسيمهد هذا التوافق حول اختيار الغنوشي رئيسا البرلمان للمفاوضات القادمة التي ستبدأ غدا الخميس بشأن الائتلاف الحكومي بين حركة النهضة وداعميها في تصويت اليوم، وخاصة حزب "قلب تونس" الذي حل ثانيا في الانتخابات خصوصا أنه كان يشترط شخصية مستقلة بخلفية اقتصادية لقيادة الحكومة.

ويقول مراقبون أن قبول "قلب تونس" التحالف مع النهضة والتصويت للغنوشي سيمهد إما لترؤس نبيل القروي للحكومة القادمة أو دفعها بشخصيات مقربة منه لتولي وزارات وازنة فيها.

ويعتبر دخول حزب القروي في مفاوضات تشكيل الحكومة تحولا في موقف النهضة التي استثنت سابقا خصمها الليبرالي إلى جانب الحزب الدستوري الحر من الحكومة الجديدة.

مرشح قلب تونس رضا شرف الدين انسحب لصالح الغنوشي وأكد على أن ما يهم حزبه هي مرحلة تكوين الحكومة واختيار الشخصية التي ستقوها

وكان ينافس الغنوشي في رئاسة البرلمان غازي الشواشي القيادي بحزب التيار، وعبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر، والنائب عن قلب تونس رضا شرف الدين.

وتزامنا مع عملية التصويت كشف شرف الدين الذي قالت مصادر مطلعة أنه التقى الغنوشي ليل الثلاثاء للاتفاق على انسحاب مرشح قلب تونس، أن حزبه سينتخب مرشح النهضة لرئاسة البرلمان بينما سيقتصر تقديم الترشح على خطة نائب رئيس أول متمثل في النائبة سميرة الشواشي.

وأكد شرف الدين في إذاعي أن ترشحه كان مطروحا في مرحلة من المراحل "إلى أن حصل اتفاق"، مشددا على أن ما يهم حزب "قلب تونس" هي المرحلة القادمة مرحلة تكوين الحكومة واختيار الشخصية الوطنية التي ستقوها.

وفور تسريب انسحاب شرف الدين من التصويت وتحالف حزبه مع النهضة شن تونسيون على مواقع التواصل الاجتماعي هجوما حادا على راشد الغنوشي الذي رفع شعار "القضاء على الفساد" في الانتخابات التشريعية بينما يواجه رئيس حزب "قلب تونس" تهم بالفساد وتبييض أموال دخل على إثرها السجن ثم غادره للمشاركة في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها قيس سعيد.

وكتب النقابي لسعد اليعقوبي على فيسبوك "الشيخ الباقي علي قيد الحياة قال ذات يوم لن تتحالف مع قلب تونس لأنهم فاسدون والنائب المتستر بالحصانة دائم الغياب قال ذات يوم لن نتحالف مع الإرهاب مشيرا إلي حزب الشيخ الباقي علي قيد الحياة اليوم التقى "الفاسد" بـ"الإرهابي" على حد تعبيرهما فماذا عساه أن ينتج".

وكان الغنوشي قد صرح عند انطلاق حملته الانتخابية أن لا استعداد لدى النهضة للتحالف "في المرحلة المقبلة مع أي حزب تحوم حوله شبهات فساد"، في إشارة إلى حزب نبيل القروي.

وقال الناطق الرسمي باسم النهضة عماد الخميري اواخر شهر أكتوبر الماضي، إن "هناك استثناء لمُكونين؛ هما قلب تونس والحزب الدستوري الحر من المشاورات الممهدة لتشكيل الحكومة"، مضيفا أن "هناك شبهات فساد متعلقة برئيس حزب قلب تونس نبيل القروي ينظر فيها القضاء، ونحن نريد من الحكومة القادمة أن تكون بعيدة عن شبهات الفساد".

وفازت النهضة بـ52 مقعدا من أصل 217 مقعدا بينما حل "قلب تونس" في المركز الثاني بـ38 مقعدا. ويحتاج التصديق على الحكومة الجديدة إلى أغلبية مطلقة في البرلمان.

من جهته انتقد غازي الشواشي مرشح التيار الديمقراطي وحركة الشعب لرئاسة البرلمان اجراءات اختيار رئيس البرلمان الجديد ونائبيه قبل انطلاق الجلسة الافتتاحية،

وقال الشواشي في تصريح لإذاعة محلية "المفروض أن تشمل المشاورات حول تشكيل الحكومة رئيس البرلمان ونائبيه قبل بداية جلسة البرلمان، لكن للأسف هذه نتيجة الفشل الذريع لحركة النهضة في مسار المفاوضات حول تشكيل هذه الحكومة".

وأكد الشواشي أن الصراعات الداخلية التي تعيشها النهضة ألقت بضلالها على مسار المفاوضات بتشكيل الحكومة وبانتخاب رئيس مجلس نواب الشعب".

ولم يستبعد الشواشي أن نواب الحزب الذي اختارته النهضة أن يكون حليفها صوت له بعد أن اتهمته سابقا بالفساد وقالت إن التحالف معه خط أحمر".

وطالب حزبا التيار والشعب خلال مفاوضات النهضة بالموافقة على مرشح من خارجها لرئاسة الحكومة حتى تدعم الغنوشي رئيسا للبرلمان، لكن النهضة اشترطت أولا دعم الغنوشي قبل الحديث عن رئيس الحكومة.
وقال عماد الخميري القيادي بالنهضة في وقت سابق "إذا لم يدعمونا اليوم فالأرجح أن يكون حزبا التيار والشعب خارج الائتلاف الحكومي المقبل".

ويتعين أن تكشف النهضة عن الاسم المرشح لقيادة حكومة ائتلافية يوم الجمعة المقبل على أقصى تقدير.