إبادة الأرمن تؤجج التوترات بين تركيا وفرنسا

وفد فرنسي ينسحب من اجتماع الجمعية البرلمانية للحلف الأطلسي بأنطاليا بعد أن شنّ وزير الخارجية التركي هجوما حادا على فرنسا لتخصيصها تاريخ 25 أبريل مناسبة لإحياء ذكرى إبادة الإمبراطورية العثمانية للأرمن.

مشادة كلامية بين وزير تركي ونائبة فرنسية
باريس وأنقرة تتبادلان الاتهامات بارتكاب مجازر
تركيا تذّكر فرنسا بماضيها الاستعماري في الجزائر
باريس تتمسك بأن "التاريخ لا يكتبه الفائزون"
أنقرة تتهم فرنسا بالتعالي

أنقرة - إندلعت مشادة كلامية حادة الجمعة بشأن 'الإبادة الأرمنية' بين وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو والنائبة الفرنسية عن حزب 'الجمهورية إلى الأمام' سونيا كريمي وذلك خلال اجتماع للجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي في تركيا.

وحصلت هذه المشادة غداة صدور مرسوم في الجريدة الرسمية في فرنسا يكرّس يوم 24 أبريل/نيسان مناسبة لإحياء ذكرى 'الإبادة الأرمنية' التي حصلت عام 1915.

وأثار نشر هذا المرسوم موجة انتقادات عنيفة جديدة في تركيا ضد فرنسا والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي كان قد أعلن في فبراير/شباط تكريس يوم لهذه الذكرى.

ولدى افتتاح الجمعة اجتماع الجمعية البرلمانية لحلف الأطلسي في أنطاليا (جنوب)، شنّ رئيس البرلمان التركي مصطفى شنتوب هجوما جديدا على فرنسا متهما إياها بـ"التلاعب بالتاريخ" ومحملا إياها مسؤولية المجازر المرتكبة في الجزائر في الحقبة الاستعمارية وفي رواندا.

وعندها أخذت كريمي الكلام مؤكدة أنها "صدمت" جراء الهجمات التركية رافضة رواية التاريخ "التي يكتبها الفائزون"، بحسب مشاهد من الاجتماع بُثت مباشرة.

وأمام هذه المداخلة رد وزير الخارجية التركي مهاجما بعنف فرنسا وماكرون. وقال "من حيث الإبادة الجماعية والتاريخ، فرنسا هي آخر دولة يمكن أن تعطي دروسا لتركيا لأننا لم ننس ما حصل في رواندا والجزائر، مضيفا "يمكنكم أن تواصلوا النظر إلى الأمور من عليائكم، لكننا سنواصل العمل على إعادتكم إلى مكانكم".

وبعد هذه المواجهة، غادرت النائبة كريمي والوفد الفرنسي المشارك في الاجتماع، القاعة احتجاجا على تصريحات الوزير التركي.

ولاحقا كتبت كريمي في تغريدة على صفحتها بتويتر أنه "عندما يسمح المتغطرس مولود تشاوش أوغلو لنفسه بإعطائكم دروسا بالغطرسة والأخلاق، بغطرسة وبقلة أخلاق!". وحملت التغريدة وسم #24_نيسان/أبريل و #الإبادة_الأرمنية.

ويؤكّد الأرمن أن 1.5 مليون شخص من أسلافهم قتلوا بشكل منهجي قبيل انهيار السلطنة العثمانية، فيما أقرّ عدد من المؤرّخين في أكثر من عشرين دولة بينها فرنسا وإيطاليا وروسيا بوقوع إبادة.

لكن أنقرة ترفض استخدام كلمة "إبادة" وتقول إنّ السلطنة شهدت في نهاية عهدها حربا أهلية تزامنت مع مجاعة ما أدى إلى مقتل ما بين 300 ألف و500 ألف أرمني وعدد مماثل من الأتراك حين كانت القوات العثمانية وروسيا تتنازعان السيطرة على الأناضول.

والتوتر بين فرنسا وتركيا على خلفية قضية الإبادة الأرمنية ليس الأول والأخير وليس استثناء في سياق علاقات متأزمة أصلا بين أنقرة وباريس بصفة خاصة وبين أنقرة ودول الاتحاد الأوروبي عموما بسبب خلافات حادة حول عدد من الملفات.

ومن ضمن الملفات التي تشكل محور سجال بين دول حلف شمال الأطلسي وتركيا الشريكة في الحلف صفقة صواريخ أس 400 الروسية التي يعتبرها الحلف مخالفة لنظمه الدفاعية وخطرا ماثلا على  أسرار أسلحته.

وكان الملف السوري أيضا محل سجال بين تركيا وفرنسا حيث رفضت الأخيرة أي هجوم تركي على قوات سوريا الديمقراطية التي يشكل الأكراد عمودها الفقري. وحذّرت باريس مرارا من أن أي استهداف تركي لتلك القوات سيقوض جهود الحرب على الإرهاب.

وثمة ملفات أخرى لاتزال عالقة بين تركيا والاتحاد الأوروبي تتجدد حولها السجالات والاتهامات المتبادلة من حين إلى آخر ومن ضمنها مفاوضات وشروط انضمام تركيا للاتحاد.

وسجل حقوق الإنسان في تركيا وانتهاك النظام التركي المتواصل للحريات وقمع المعارضة، من ضمن الملفات المثيرة للتوتر الدائم بين أنقرة وشركائها الأوروبيين.