إخوان الجزائر يرحبون بالتوافق مع الرئيس الجديد

حركة مجتمع السلم الإسلامية تؤكد سعيها لتكون "طرفا في الحلول لا في الأزمات"، معتبرة خطاب عبدالمجيد تبون جامعا ويساعد على التخفيف من التوتر.

الجزائر - أثنى أكبر حزب إسلامي في الجزائر على خطاب الرئيس عبدالمجيد تبون الذي فاز في انتخابات أجريت الثلاثاء الماضي، مقدما خدماته لحل الأزمات في البلاد التي لم تهدأ فيها الاحتجاجات حتى يوم الاقتراع.

ورحبت حركة مجتمع السلم المقربة من الإخوان المسلمين في بيان الاثنين بعرض الحوار الذي تقدم به الرئيس المنتخب عبد المجيد تبون، مؤكدة سعيها لتكون "طرفا في الحلول لا في الأزمات".

وقالت "حمس" في بيان بعد اجتماع لمكتبها التنفيذي إن انتخاب تبون رئيسا سيمكن من "فتح الحوار والتوافق" في البلاد، وإن خطابه كان "جامعا يساعد على التخفيف من التوتر"، لكنه "ينبه بأن الجزائريين قد سبق لهم أن سمعوا من الحكام خطبا مماثلة تجسّدَ عكسُها على أرض الواقع".
وفاز تبون  (74عاما)  بالرئاسة اثر الانتخابات التي أجريت الثلاثاء واتسمت بنسبة مقاطعة قياسية، خلفا للرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة الذي أطاحته الاحتجاجات المتواصلة الجزائر.

والجمعة دعا الرئيس الجديد في أول مؤتمر صحافي الحراك الشعبي إلى حوار "جاد" لمصلحة البلاد، متعهدا بإجراء "مشاورات" لإعداد دستور جديد يخضع للاستفتاء شعبي.

وقال تبون "أتوجه مباشرة للحراك المبارك وأمد له يدي لحوار جاد من أجل جمهورية جديدة"، واعدا بتعديل الدستور في الأشهر الأولى من ولايته الرئاسية "حتى يشعر الشعب بالصدق".

ولم يشارك إسلاميو الجزائر في الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في 22 شباط/فبراير، لكن ما أن استقال بوتفليقة في 2 نيسان/أبريل تحت ضغط الحراك بعد 20 سنة من الحكم، تصدر إخوان الجزائر الصفوف الأولى من المظاهرات في خطوة تهدف لإعادة الترتيب والتموقع سياسيا في البلاد بعد مرور 7 سنوات على انسحابهم من تحالف داعم لبوتفليقة دام 10 سنوات.

تبون وعد بعرض الدستور الجديد للاستفتاء بدل تمريره عبر تصويت البرلمان كما فعل بوتفليقة في كل التعديلات التي أجراها

وقالت الحركة إن "الاقتراع جرى في ظروف صعبة وحساسة شهدت انقساما حادا بين رافض ومؤيد بشكل غير مسبوق من شأنه أن يهدد الانسجام الاجتماعي ووحدة الشعب الجزائري".

وبلغت نسبة المشاركة 39.83 بالمئة أي ما يقارب عشرة ملايين ناخب من أصل أكثر من 24 مليونا مسجلين في القوائم الانتخابية.

وخوفا من رفض الشارع الجزائري الذي لايزال يعاني من تبعات "العشرية السوداء" إلى اليوم، قررت جميع الأحزاب الإسلامية في البلاد ومن بينها "حمس" عدم المشاركة في الانتخابات التي جرت الثلاثاء، في خطوة اعتبرت ترسيخا للأقدام في المستقبل وسط ساحة سياسية لا تزال غير واضحة ومنفتحة على أكثر من سيناريو.

وقالت "حمس" في بيان مكتبها التنفيذي إن "الحركة إذ لا تستبق المستقبل بسوء الظن ستكون حذرة وستحكم في ممارستها السياسية ومواقفها التي يخوله لها القانون على الوقائع الفعلية في الميدان خدمة للمصلحة العامة".

كما اعتبرت الحركة الإسلامية التي يمثلها 34 نائبا من أصل 462 في البرلمان الجزائري، أن "استمرار الحراك الشعبي، ضمن سمته السلمي، بعيدا عن الشحن والخصومات، وبشعاراته الجامعة بعيدا عن الاستقطاب والاختراقات الآثمة من كل الجهات والأجنحة، هو الضامن الوحيد في نجاح الحوار وفتح آفاق مستقبل آمن وزاهر للجزائر والجزائريين".

وأواخر سبتمبر الماضي، أعلن مجلس الشورى في "حمس" أن "شروط تنظيم الانتخابات مثل الشفافية وتلبية مطالب الحراك الشعبي ليست متوفرة "وأعلنت عدم خوضها بسبب أيضا استمرار رموز نظام بوتفليقة في دواليب الحكم.

لكن ما أن انتهت الانتخابات وتم إعلان فوز تبون بالرئاسة عادت الحركة الإسلامية للحديث عن توافق محتمل معه، وهو ما يثير العديد من التساؤلات حول ازدواجية خطابها.

وحرصت جميع الأحزاب الإسلامية في الجزائر على تتجنب معاداة الشارع المنتفض ضد رموز بوتفليقة، حتى لا تفرط في مصداقية مشاركتها في الاحتجاجات الحالية كما تريد في ذات الوقت المحافظة على تحالفاتها الكلاسيكية مع السلطة نفسها.

على الرئيس الجديد اقناع الشارع قبل الأحزاب
على الرئيس الجزائري الجديد اقناع الشارع قبل الأحزاب

في المقابل حذر حزب جبهة القوى الاشتراكية، أقدم حزب معارض، والمساند أيضا للحراك منذ بدايته، من "حوار واجهة" هدفه "تزكية خارطة طريق جاهزة وبمحاورين سبق اختيارهم".

وفي بيان نشره السبت، طالب بإجراءات تهدف إلى "مناخ تهدئة يساعد على الحوار" منها إطلاق سراح المعتقلين و"احترام حريات التعبير والتظاهر".

ومن المنتظر أن يعرض تبون الدستور الجديد للاستفتاء بدل تمريره عبر تصويت البرلمان كما فعل بوتفليقة في كل التعديلات التي أجراها.

كما التزم بإعادة النظر في قانون الانتخابات عبر حوار مع كافة أطياف الطبقة السياسية" و"فصل السياسة نهائيا عن المال" و"استرجاع نزاهة الدولة ومصداقيتها لدى الشعب".

لكن رد حركة الاحتجاجات كان فوريا، حيث خرج المحتجون الجمعة للشوارع وسط العاصمة رفضا لانتخاب الرئيس الجديد باعتباره احد وجوه النظام السابق الذي يطالب الحراك الشعبي برحيل جميع رموزه.

وسبق للشارع الجزائري أن رفض مبادرة مماثلة لبوتفليقة قبل استقالته بتنظيم حوار شامل لإعادة النظر في الدستور الذي يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة.

لكن مراقبون يرون في دعوة تبون للاستفتاء الشعبي قبل إقرار دستور جديد، فرصة للحراك الشعبي لفرض شروطه للتفاوض مع السلطة إذا ما استجاب ساكن قصر المرادية الجديد لطلب إطلاق سراح معتقلي الحراك ووقف التضييق على المعارضين والمتظاهرين ورفع يد السلطة عن وسائل الإعلام الحكومي والمنظمات الحقوقية.

ويمكن لهذه الخطوات أن تمهد "لحوار وطني جاد" كما دعا تبون لذلك كما من شأنها أن توضح أكثر العلاقة بينه وبين قيادة أركان الجيش على اعتبار أن رئيس الجمهورية هو وزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة حسب الدستور الجزائري.
يذكر أن تبون، قدم خلال حملته الانتخابية، برنامجا يحوي 54 تعهدا، وتعهد بمواصلة مكافحة الفساد الذي شهدته البلاد خلال المرحلة القادمة.