إدريس الروخ: الفن ليس لبيع الأوهام بل لطرح الأسئلة

الممثل والمخرج المغربي يفتح قلبه للحديث عن تجربته درامية جديدة تتناول قضايا اجتماعية راهنة ويكشف في فيلمه "الوترة" عن مسار فنان شعبي ضائع بين الحلم والانهيار، في معالجة جريئة لمسألة الهوية الفنية والاستغلال داخل المجتمع المغربي.

الممثل والمخرج المغربي يفتح قلبه للحديث عن تجربته درامية جديدة تتناول قضايا اجتماعية راهنة ويكشف في فيلمه "الوترة" عن مسار فنان شعبي ضائع بين الحلم والانهيار، في معالجة جريئة لمسألة الهوية الفنية والاستغلال داخل المجتمع المغربي.

يفتح المخرج والممثل المغربي إدريس الروخ في حوار خاص مع موقع "ميدل إيست أونلاين" قلبه للحديث عن تفاصيل تجربته الجديدة في الدراما التلفزيونية، ومضمون فيلمه السينمائي الأخير "الوترة"، الذي يطرح إشكاليات الهوية والضياع داخل المجتمع المغربي.

وفيما يلي نص الحوار:

ما تفاصيل المشروع الدرامي الجديد الذي تحضّر له حاليًا؟

أستعد لخوض تجربة درامية جديدة مع شركة “ديسكونكتد”، التي تجمعني بها شراكة مهنية مثمرة منذ سنوات، إذ سيتناول المشروع الجديد  قضايا اجتماعية راهنة، ونحن الآن في مرحلة التحضيرات الأولية التي تشمل اختيار الممثلين، ووضع اللمسات الأخيرة على النص، تمهيدًا لبدء التصوير في الفترة القريبة القادمة.

كيف تصف علاقتك بهذه الشركة المنتجة؟

علاقتي بالشركة مبنية على التفاهم والثقة، وقد اشتغلنا سويًا في أعمال عديدة أثمرت نتائج جيدة على مستوى الانجاز، والشركة تعتمد على التعاون مع مخرجين محددين، من بينهم صفاء بركة، وهو توجه يخلق انسجامًا واضحًا في الرؤية الإخراجية.

هل تحافظ على نفس الفرق التقنية والإبداعية؟

نعم، نحن نحرص على الاستمرارية في الطواقم الفنية والتقنية، ونُدخل تغييرات طفيفة فقط على مستوى الممثلين أو بعض العناصر، ليساهم في خلق توازن وراحة في العمل. ففريق الكتابة أيضًا يواصل الاشتغال معنا، خصوصًا في الأعمال الكوميدية الرمضانية.

يُعرض لك حاليًا مسلسل “BAG” على القناة الأولى... ما فكرته؟

سلسلة “BAG” هي اختصار لـ “La Brigade Anti-Gang”، وتدور أحداثها في إطار بوليسي، حيث نتابع يوميات فرقة أمنية خاصة بمحاربة الجريمة في الدار البيضاء، كونها تركز على التحديات المهنية التي تواجهها هذه الفرق، مع مزج جانب التحقيق بالحركة والبعد الإنساني.

كيف تعالج البعد الإنساني في عمل بوليسي؟

اشتغلنا على الشخصيات من زوايا متعددة، فركزنا على حياتهم خارج نطاق العمل، علاقاتهم العائلية، والضغوط النفسية التي يعيشونها، وحاولنا أن نظهر أن رجل الأمن أيضًا إنسان، يحمل مشاعره وتناقضاته، ويعيش بين الواجب المهني والحياة الخاصة.

هل تحافظ على هذا التوازن بين المهني والإنساني في السرد؟

بالفعل، كان من المهم بالنسبة لي أن أوفّق بين الجانب البوليسي الحركي، والجانب النفسي والاجتماعي للشخصيات، إذ تابعنا خلية كاملة مكوّنة من رئيس ومجموعة مراقبة، وهم يتتبعون عصابة إجرامية، وخلف كل مشهد مطاردة، هناك معاناة إنسانية تُطل من الخلفية.

حدثنا عن فيلمك السينمائي الذي يعرض الان في قاعات السينما  “الوترة”؟

“الوترة” يحكي قصة فنان شعبي يُدعى “شعيبة”، هاجر من البادية إلى المدينة عام 1997، باحثًا عن فرصة للنجاح في الغناء والعزف، لكنه يصطدم بواقع قاسٍ، ينقله من حلم الشهرة إلى عالم الإدمان والانهيار، بعدما يُستغل من طرف قريب له يشتغل في تجارة المخدرات.

كيف تتطور شخصية شعيبة داخل الفيلم؟

شخصية “شعيبة” تعيش سلسلة من التحولات التراجيدية، إذ يبدأ بسيطًا، ثم يفقد توازنه شيئًا فشيئًا، ويهجر عائلته ويدخل عالم الكباريهات ويغرق في المخدرات، بينم نشاهد توبة بارون المخدرات الذي كان سبب دمار حياته، كما سيتزوج طليقته، إنها مفارقة قاسية.

ما الرسالة التي يحملها الفيلم من خلال هذا المسار؟

أردتُ أن أطرح سؤال الهوية الفنية والاجتماعية. "شعيبة" فنان حقيقي، يعزف "الوترة" بإتقان، ويُحيي حفلات وأعراس ناجحة، لكنه لا يجد الكرامة التي كان يبحث عنها، فيسقط ضحية الاستغلال، ويخسر ذاته. إنها مرآة لما يحدث للكثير من الفنانين في واقعنا.

اعتمدتم على امتداد زمني طويل من 1997 حتى 2023... لماذا؟

لأنني أؤمن أن التغيرات لا تحدث فجأة، وإنما تتراكم عبر الزمن، وأردت أن يرى الجمهور الشخصيات وهي تتبدّل، تتوب، تنهار، وتعود. فالتحول الزمني يسمح لنا بأن نُقارن بين الماضي والحاضر، بين الحلم والواقع، وبين البداية والانهيار.

ما أماكن التصوير، ومن شاركك البطولة؟

صورنا الفيلم بين الدار البيضاء، المحمدية، المنصورية، بوزنيقة وبن سليمان. وشارك في البطولة ثلة من الفنانين، على رأسهم سحر الصديقي، طارق البخاري، حميد السرغيني، إلهام قروي، كريم بولمال، والشرقي الساروتي، وأنا أيضًا شاركت في التمثيل إلى جانب الإخراج.

كيف تلخّص رؤيتك اليوم كفنان ومخرج مغربي؟

أؤمن بأن الفن مسؤولية، يجب أن يُضيء المناطق المظلمة ويطرح الأسئلة، لا أن يبيع الأوهام، وأحاول دائمًا أن أقدّم شخصيات مأزومة، لأنها تعبّر عن واقع نعيشه جميعًا، وتُحفّزنا على التفكير في أنفسنا ومجتمعنا.