إرهاب متناثر يزداد تناميا في منطقة الساحل

الوضع الأمني يزداد تدهورا في منطقة الساحل وسط تفاقم اعتداءات جماعات جهادية بعضها موال لتنظيم القاعدة وأخرى منشقة عنه تدين بالولاء للدولة الإسلامية.

حوالي ألفي مسلّح متطرف في منطقة الساحل كلها
الهجمات باتت أعنف مع تنامي قدرات الجماعات الإرهابية
متطرفون عائدون من سوريا والعراق ينقلون خبرات قتالية للساحل
تغييرات في أساليب القتال مع استخدام متفجرات وألغام ومفخخات وكمائن أكثر جرأة

أبيدجان - مع تضاعف الاعتداءات وتعدد عمليات خطف الرهائن وتزايد المناطق غير الآمنة، يتنامى حضور المسلحين الجهاديين في منطقة الساحل حيث يبدو أن خططهم تنجح رغم تدخل قوات عسكرية افريقية وغربية.

وأكد مجلس الأمن الدولي في تقرير في مايو/أيار "إن الوضع الأمني في منطقة الساحل استمر في التدهور مع انعكاسات على الدول المجاورة غير الأعضاء في مجموعة الساحل (جي5) خصوصا بنين وساحل العاج وتوغو".

وأضاف التقرير أنه في مالي "تواصلت الهجمات على القوات المسلحة المالية والقوات الدولية بلا توقف وفي بوركينا فاسو تتنامى أعمال العنف الطائفية ووجود المجموعات الإرهابية والمليشيات والعصابات الإجرامية وفي موريتانيا سجل في الأسابيع الأخيرة وجود مجموعات إرهابية مسلحة على الحدود مع مالي".

وفي النيجر اقترف مسلحون جهاديون في 14 مايو/ايار اعتداء قتل فيه 28 جنديا غداة محاولة فاشلة للاستيلاء على سجن كوتوكالي (يبعد 60 كلم عن العاصمة) حيث يعتقل العديد من رفاقهم. وفي الجنوب الشرقي نشط مسلحو بوكو حرام مجددا مع قتل 88 مدنيا في شهر مارس/اذار وحده، بعد أن كانت سنة 2018 نسبيا هادئة.

وقال مصدر عسكري فرنسي إن عديد هؤلاء المسلحين الجهاديين ما بين ألف و1400 عنصر في مالي وعدة مئات في بوركينا فاسو، أي إجمالي ألفي عنصر في منطقة الساحل كلها.

ويقول الباحث الجامعي في السنغال محمدو سوادوغو "ليس هناك بالضرورة هجمات أكثر، لكن الهجمات باتت أعنف مع تنامي قدرات المجموعات" الجهادية على ممارسة العنف.

من جانبه قال الكاتب والمحلل لاسينا ديارا "هناك زيادة كمية ونوعية" في الاعتداءات.

وأشار الباحثان إلى ضعف الجيوش خصوصا جيش بوركينا فاسو. ودول الساحل فقيرة وتجد صعوبة في توفير الأموال للأمن أو تفعل ذلك على حساب قطاعات أخرى.

وكانت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل لاحظت لدى مرورها بمنطقة الساحل في بداية مايو/ايار إن "الوضع الأمني صعب. 15 بالمئة من الميزانية يخصص للمسائل الأمنية. ومع وجوب زيادة الميزانية المخصصة للأمن، فإن التمويلات تنقص في مجالات أخرى".

ومعظم الدول التي لا تشهد إرهابا تخصص أقل من عشرة بالمئة من ميزانيتها للجيش.

والمشكلة الأخرى هي نقص التنسيق بين الدول في المناطق الحدودية. ويقول سوادوغو إن "المجموعات المسلحة تسرح على هذه الحدود". ويرى لاسينا ديارا أسباب أخرى لنجاعة اعتداءات المجموعات المسلحة.

وبحسب مصادر أمنية "يبدو أن هناك في بوركينا فاسو تشاركا في الإمكانيات بين مجموعات القاعدة ومجموعات تنظيم الدولة الإسلامية. ويبدو أنها تتعاون فيما بينها. في السابق كان بينها خلاف" وحتى تنافس.

وأوضح لاسانا ديارا "هناك بلا شك مسلحون لديهم خبرة قتال أتوا من سوريا" بعد اندحارهم هناك، مضيفا نلاحظ في كل الأحوال تغييرات في أساليب العمل مع استخدام المتفجرات والألغام وسيارات مفخخة" علاوة على كمائن أكثر جرأة.

ورغم أن الجهاديين ليسوا "موجودين باستمرار" فإن هذه الهجمات وسعت نطاق نفوذهم، مضيفا "لا يحتاجون لأن يكونوا في المكان باستمرار ولا للسيطرة على المناطق، هم يشيعون شعورا بانعدام الأمن عبر هجمات متفرقة".

وقال ساوادوغو "إنهم ينكلون برموز الدولة" دافعين الموظفين للمغادرة. ليست لديهم سيطرة على المناطق، لكنهم لا يسعون إلى الاستقرار. إنهم يسيطرون عن بعد. لقد أنشأوا مناطق ميسرة لهم وهناك ممر" ينطلق من جنوب شرق بوركينا فاسو إلى مالي مع غرب النيجر أيضا، بحسب الباحث.

وعلاوة على ذلك وبرأي الساسة والخبراء فإن المجموعات المسلحة من خلال استهدافها أهدافا دينية أو اتنية، اعتمدت إستراتيجية تشجع الصدامات الطائفية باعتبارها مصدر عدم استقرار يخدم مصالح هذه المجموعات.

لكن كيف يمكن تغيير ذلك؟ بحسب ديارا "يجب مكافحة ايديولوجيا الجهاديين" خصوصا من خلال تأهيل أئمة لديهم مصداقية لتفادي التطرف و"عوامل التجنيد".

من جانبه يرى ساوادوغو أنه "يتعين التصدي من الأرضية ذاتها للجهاديين واستخدام الإستراتيجية ذاتها"، مضيفا "حاليا لدى الجهاديين متواطئون. يتنقلون ويحضرون الهجمات وطرق الانكفاء. يعبرون قرى والأهالي لديهم علم" مشيرا إلى أن القوى الأمنية لا تملك استخبارات أو لا تملك ما يكفي منها.

ويؤكد الباحثان على أهمية حضور الدولة من خلال موظفين واستثمارات محلية. ويتعين "استعادة ثقة السكان" الذين سيصبحون أكثر ميلا لتقديم معلومات لقوات الأمن وأقل انجذابا لخطاب الجهاديين.