إسرائيل تخشى تراجع دعم ترامب بعد الانسحاب من سوريا

قرار الانسحاب يزيد من قلق إسرائيل من احتمال أن يصبح لإيران حرية أكبر للعمل في البلد المجاور.

القدس - منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة قبل عامين تقريباً، فرح القادة الإسرائيليون من سلسلة قراراتٍ اتخذها دونالد ترامب دعماً لهم، لكن قراره الأخير سحب جيشه من سوريا ليس واحداً منها.

ومنذ إعلان مفاجأة الانسحاب من سوريا الأسبوع الماضي، تنامى قلق إسرائيل من احتمال أن يصبح لعدوتها الأبرز إيران مزيداً من الحرية للعمل في هذا البلد المجاور، وفق محللين.

وجاء الرد الإسرائيلي على القرار الأميركي مدروساً. فقد عبّر الإسرائيليون عن احترامهم للقرار الأميركي وفي الوقت نفسه أكدوا التزامهم الدفاع عن مصالحهم في سوريا.

لكن التصريحات العلنية تخفي مخاوف من محاولة إيران في المستقبل استغلال الغياب الأميركي من هذا البلد الذي تمزقه الحرب، وكذلك تساؤلات بشأن ما إذا كانت روسيا ستستجيب للدعوات الإسرائيلية بوضع حدود للوجود الإيراني هناك.

ويرى بعض المحللين إن الطريقة التي اتخذ فيها القرار الأميركي وأعلن وما تلاها من استقالة وزير الدفاع جايمس ماتيس، أقلقت إسرائيل أيضاً.

وقال إيال زيسر نائب رئيس جامعة تل أبيب وله كتابات عديدة عن سوريا "بما أنها حليفتنا الأساسية، نريد أن تكون الولايات المتحدة قوية (...) نريد حليفاً ينظر إليه في المنطقة على أنه قوي وفعال".

وتابع زيسر "أعتقد أن ما يقلق بعض الإسرائيليين هو الرسالة التي بعثها هذا الانسحاب إلى المنطقة بالطريقة التي اتخذ بها".

"سنوسع تحركاتنا"

تنشر الولايات المتحدة حوالى ألفين جندي في سوريا يركزون على محاربة تنظيم الدولة الاسلامية. لكن هؤلاء تم نشرهم في منطقتين على طول الحدود مع العراق للمساعدة على مراقبة تحركات إيران في البلاد.

وحذرت إسرائيل وآخرون من أن إيران تخطط لتوسيع نفوذها في المنطقة وإقامة حلف على طول المتوسط، ومن أن الانسحاب الأميركي سهل جهودها في تشكيل هذا النفوذ.

ومنذ بدء الدعم الإيراني للرئيس السوري بشار الأسد في النزاع، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بمنعها من تحصين نفسها عسكرياً في الجوار.

الطيران الإسرائيلي
إسرائيل ستواصل مهاجمة سوريا

ووجهت إسرائيل مئات الضربات الجوية في سوريا على ما تقول إنها أهداف عسكرية إيرانية وشحنات أسلحة متطورة لحزب الله.

ومع انسحاب الولايات المتحدة، قد تلتفت إسرائيل إلى روسيا التي تدعم الأسد أيضاً، لاستخدام نفوذها للحدّ من الوجود الإيراني في سوريا، وفق ما يرى بعض المحللين.

لكن الدعم الروسي غير مضمون، خصوصاً أن أزمة إسقاط الدفاعات الجوية السورية لطائرة روسية بعدما انطلقت جراء ضربات إسرائيلية على سوريا في أيلول/سبتمبر الماضي، لم تحلّ كليا بعد.

وأغضبت تلك الحادثة روسيا وعقدت العمليات الإسرائيلية في سوريا، خاصةً مع نشر موسكو لنظام "إس -300" للدفاع الجوي في سوريا كردّ على الخطوات الإسرائيلية.

وحاول نتانياهو ورئيس أركان الجيش الاسرائيلي غادي أيزنكوت الأحد التخفيف من تلك المخاوف المتعلقة بالانسحاب الأميركي.

وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي إنه لم يفاجأ. وكان تحدّث مع ترامب قبل يومين من إعلان الانسحاب في 19 كانون الأول/ديسمبر وكذلك مع وزير الخارجية مايك بومبيو قبل يوم من الإعلان.

وأكد نتانياهو الأحد أن "قرار سحب ألفي جندي أميركي من سوريا لن يبدّل سياستنا الثابتة". وأضاف "سنواصل العمل ضدّ محاولات إيران إرساء وجود عسكري لها في سوريا، وإذا ما دعت الحاجة، سنوسّع عملياتنا هناك".

"حرية تامّة"

أشار يعقوب آميدرور مستشار الأمن القومي السابق لنتانياهو وضابط سابق في الاستخبارات العسكرية، إلى أن الجيش الأميركي في سوريا لم يكن يشارك مباشرة في معركة إسرائيل ضد الوجود الإيراني في سوريا.

لكنه قال إن المخاوف بشأن استغلال إيران للغياب الأميركي من سوريا هي مخاوف مشروعة.

وأضاف في حوار مع وكالة فرانس برس "من الآن فصاعداً، سيكون للإيرانيين حرية تامة وسيستخدمون هذا الفراغ لوجستياً لتعزيز قدراتهم في بناء قوى عسكرية في سوريا ومساعدة حزب الله لاحقاً".

ووفق تحليل لمركز الدراسات الدولية والإستراتيجية الأميركي فإن "إسرائيل هي أكبر الخاسرين" في هذا الانسحاب، كما حلفاء أميركا الأكراد في سوريا.

لكن نتانياهو تعهد بمواصلة إسرائيل "الدفاع عن نفسها"، فيما اعتبر أيزنكوت أن الانسحاب "حدث بارز لكن لا يجب المبالغة في تقدير نتائجه". وأضاف "نحن نتولى هذه الجبهة بمفردنا منذ عقود.