إطلاق الرصاص الحي على محتجين في جنوب الجزائر

مقتل شخص واصابة واعتقال العشرات بعد فض مظاهرة بالقوة تطالب خصوصا بتوفير مياه الشرب لمدينة تين زاوتين.
قائمة اسبانية تضم 19 الف اسم لجزائريين من ذوي الممتلكات 'المشكوك فيها'
اهالي تين زاوتين يوجهون رسالة الى الرئيس الجزائري حول وعود التنمية
تبون يتهم جهات خارجية بالتحريض لإذكاء الاضطرابات في الجزائر

الجزائر - من محمد ماموني العلوي
شهدت مدينة تين زاوتين على الحدود الجنوبية للجزائر الاثنين مواجهات بين وحدات من الجيش ومواطني المنطقة إثر احتجاج المئات من الشباب للمطالبة بتوفير الحاجيات الأساسية من ماء ومواد غذائية.
وقتل شخص واحد على الأقل واصيب العشرات بجروح متفاوتة نتيجة إطلاق الرصاص الحي عليهم واعتقال عدد كبيرة من المتظاهرين بعدما امتدت المواجهات إلى مختلف أحياء المدينة.
ونفت وزارة الدفاع في بيانها معلومات وصفتها بأنّها "تحريضية" تُوجّه أصابع الاتهام لأفراد من الجيش بإطلاق النار على أشخاص خلال تظاهرة جرت خلالها محاولة لإزالة الأسلاك الشائكة التي تفصل جانبي الحدود من أجل التزوّد بالمياه من مجرى مائي مجاور.
وسبق للسكان أن اعترضوا على السلطات التي أقامت حاجزا ترابيا وأسلاكا شائكة بين تين زاوتين ومالي وانفقت على ذلك أموالا طائلة وأغلق مصدر مياه الشرب الذي يعتمد عليه السكان.
ونسبت وزارة الدفاع الجزائرية إطلاق النار إلى ما اسمتهم "بعض الأشخاص المعروفين" يمارسون "نشاطاتهم المشبوهة في مجال التهريب والجريمة المنظمة بمحاولة تخريب الجدار الحدودي العازل وتحريض السكان على العنف والتظاهر لفك الخناق على مصالحهم المشبوهة في المنطقة".
وقال نشطاء في المدينة لصحيفة العرب الصادرة في لندن ان البيان الذي خرجت به وزارة الدفاع الجزائرية محاولة للتغطية على جريمتها بمخرجات مغلوطة حيث أن القتيل والجرحى كانوا مسالمين من داخل أزقة البلدة والفيديو والصور من المكان تكذب ما أعلنه الجيش.

وعلى خلفية هذه الأحداث كشف مكتب "حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية "في تمنراست عن خطط السلطة القائمة مشيرا إلى أن سكان بلدية تين زواتين "عانوا من أكاذيب ووعود" المسؤولين.
وعزا مراقبون ما يحدث بالجنوب الجزائري إلى مشاكل كثيرة منها ما هو اقتصادي وسياسي أصبحت تداعياتها خطيرة تمثلت في غياب مؤسسات الدولة الجزائرية منها المرافق الصحية الضرورية الى جانب النقص الكبير للماء الصالح للشرب.
وقالت مصادر من داخل البلدة أن المسيرات كانت سلمية للمطالبة بعيش كريم وتوفير مياه الشرب ورغم ذلك تمت محاصرتها بالجيش واستُعمِلَ الرصاص الحي من طرف الجيش لوقف المسيرة.
وعلى هذا الأساس وجه سكان المنطقة رسالة إلى الرئيس عبد المجيد تبون تطلب منه توفير المياه للشرب وتساءلوا عن وعود تنمية وازدهار المنطقة التي أخلفها الرؤساء الذين جاؤوا تباعا.
وكشف حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية أن مواطني تين زواتين يعبرون من خلال احتجاجهم عن غضبهم لعدم وفاء المسؤولين بالوعود حول المطالب المتكررة لعدة سنين وليس كما يروّج البعض أن مطلبهم يتمثل في نزع السياج المستحدث.
ورصد مهتمون بالشأن الجزائري أن الاحتجاجات المتتالية من الشمال إلى الجنوب ضد قضايا الفساد المالي والسياسي أظهرت بالملموس هشاشة الاقتصاد المبني على استيراد حوالي 90 في المائة من حاجيات السوق الجزائري.
وتزامنا مع ما حدث بتين زواتين تظاهر مواطنون بعدد من مدن ولايات الجنوب منها المسيلة وورقلة ضد ما أسموه التهميش وانعدام فرص التوظيف وغياب مشاريع التنمية حيث كانت شعارات المحتجين تنهل من هتافات الحراك الجزائري "سلمية.. سلمية" و"البلاد بلادنا ونديرو راينا".
واتهم تبون جهات خارجية بالتحريض على الجزائر عبر "موجة تحضر لشيء ما ضدّ الجزائر من خلال الحديث عن الاضطرابات وغيرها". مؤكدا أن ما يحدث هو "أمور مفتعلة" داعيًا إلى عدم الانسياق وراء هذه المخططات لأنّها "لن تنجح" في تحقيق أهدافها.
وارتباطا بتبريرات الرئيس الجزائري والعنف غير المبرر الذي ووجه به المحتجون ببلدة تين زواتين، يرى مراقبون أن النظام الجزائري يدير سياسته الداخلية وحتى الخارجية من خلال إستراتيجية التوتر وذلك بخلق التوتر وتسويق العدو الوهمي للجزائر حتى يتسنى للمؤسسة العسكرية الاستحواذ على السلطة والاقتصاد.
ويقول مراقبون أن ما تعيشه الجزائر من أزمات واحتجاجات ليس سببه خارجي وإنما من تداخل السلطة بالمال والمؤسسة العسكرية وما نتج عنه من قضايا فساد.
وقالت مصادر سياسية ان ما يحدث في الجنوب بشكل خاص وتحذير عبد المجيد تبون بأن هناك "أياد تحرض بعدة وسائل"، متربط بملف القائمة السوداء الاسبانية التي تورط فيها عدد من الجنرالات والسياسيين قريبين منه.
وتحتوي القائمة الإسبانية على أكثر من 19 ألف اسم لموظفي الخدمة المدنية والعسكرية أو القادة السياسيين ومسؤولي الدولة الجزائرية وكذلك رجال الأعمال الذين حصلوا على عقارات أو ممتلكات تجارية في إسبانيا في ظل ظروف وصفتها مدريد بأنها "مشكوك فيها".
وذكرت المصادر ان مدريد اجرت اتصالات مع السلطات الجزائرية من أجل معرفة طبيعة هذه الممتلكات في ظل الارتياب الكبير ومخاوف من استعمال هذه الأموال في مجالات الإرهاب والجريمة المنظمة.