
إعادة محاكمة زغاري بتهم كيدية تثير غضب بريطانيا
لندن - أثارت إعادة محاكمة طهران مجددا للناشطة نازانين زاغاري راتكليف بتهم كيدية كانت قد أنهت منذ أيام عقوبة بالسجن لخمس سنوات بسبب تلك التهم، غضب لندن التي استنكرت محاولات القضاء الإيراني تمديد سجن المواطنة من أصول بريطانية في قضية فجرت جدلا واكتست بعدا دوليا، فيما تستغل إيران حبس مزدوجي الجنسية للضغط على دول تعيش معها حالة من التوتر.
وقال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب إنه من "غير المقبول" أن تحاكم إيران المواطنة التي تحمل الجنسية البريطانية زاغاري راتكليف في قضية ثانية تعسفية بالكامل بعد أن أنهت عقوبة لخمس سنوات في قضية أولى لمجرد مشاركتها في وقفة احتجاجية أمام السفارة الإيرانية بلندن.
وأضاف راب في بيان "إنه من غير المقبول أن تختار إيران الاستمرار في قضية ثانية ضد نازانين زاغاري راتكليف، بعد أن تعرضت لمحنة قاسية ومشينة بسبب التصرفات غير الاعتباطية للحكومة الإيرانية. لابد من وضع نهاية لذلك".
وذكرت وكالة "بلومبرغ" للأنباء أن راب كتب في تغريدة على تويتر أنه ينبغي السماح للمواطنة البريطانية الإيرانية بالعودة إلى بريطانيا على الفور.
وأضاف "يجب أن يُسمح لها بالعودة إلى عائلتها في المملكة المتحدة دون تأخير. نواصل بذل كل ما في وسعنا لدعمها".
مثلت زاغاري راتكليف مجددا أمام محكمة في طهران الأحد بتهمة "الدعاية" ضد الجمهورية الإسلامية، بعد أسبوع من انقضاء فترة عقوبتها بالسجن، وسط تنديد من لندن التي تطالب بالسماح لها بمغادرة الأراضي الإيرانية.
وأفاد المحامي حجت كرماني وكالة فرانس برس أن موكلته مثلت صباح الأحد أمام المحكمة، وهي تلاحق حاليا بتهمة "الدعاية ضد النظام (السياسي في الجمهورية الإسلامية) لمشاركتها في تجمع أمام السفارة الإيرانية في لندن عام 2009".
وكان كرماني أشار إلى أن موكلته حضرت أمام الغرفة الخامسة عشرة للمحكمة الثورية في طهران، وجرت الجلسة "في جو هادئ جدا وفي حضور موكلتي".
وشكلت جلسة الأحد استكمالا لمسار قضائي بدأ في أكتوبر/تشرين الأول 2017، وأرجئ في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
ووفق القوانين أمام المحكمة سبعة أيام عمل لإصدار قرارها. ونظرا إلى أيام العطل في الفترة المقبلة لمناسبة السنة الإيرانية الجديدة (اعتبارا من 21 مارس/آذار)، ستكون أمام المحكمة مهلة حتى 30 الحالي لإصدار الحكم، علما بأنه سبق لمحاكم أن تجاوزت المهل القانونية لإصدار الأحكام.
وتستمر إيران في ملاحقة زاغاري راتكليف تحت ذرائع واهية واتهامات كيدية، محاولة الضغط على لندن لاسترجاع أموال طالة تقدر بمئات ملايين الدولارات المجمدة لدى السلطات البريطانية منذ عقود والتي دفعها شاه إيران في صفقة أسلحة من بريطانيا قبل الثورة الإسلامية، ولم تتم الصفقة بعد قاد مؤسس الجمهورية الإسلامية روح الله الخميني انقلابا أطاح بالشاه فظلت الأموال مجمدة إلى اليوم.
احتجاز غير محدود
وبحسب لجنة دعم قضية زاغاري راتكليف، أتيح لنازنين الإدلاء بمرافعة أمام القاضي.
وأفادت اللجنة في بيان أن المتهمة "قالت بوضوح إنها لن تقبل التهم (الموجهة إليها)، لافتة إلى أن كل الاتهامات والأدلة سبق أن قدمت في محاكمتها (الأولى) عام 2016".
وأكدت أنه سبق لها "أن دينت وحكم عليها" بالسجن لهذه الاتهامات.
وأوضح كرماني أنه خلال الجلسة "تمت المرافعة" وانتهت إجراءات المحاكمة، مضيفا "نظرا إلى العناصر التي قدمها الدفاع والمسار القضائي، وأن موكلتي سبق أن قضت فترة الحكم، آمل في أن تتم تبرئتها".
ولم تعكس لجنة المتابعة تفاؤلا في بيانها، اذ اعتبرت أن "مستقبل نازنين يبقى غير مؤكد، وهي في الواقع (باتت) في احتجاز غير محدود".
وكانت زاغري-راتكليف الموظفة في مؤسسة تومسون رويترز، أوقفت في أبريل/نيسان 2016 مع ابنتها غابرييلا التي لم تكن بلغت الثانية من العمر حينها، في مطار طهران بعد زيارة لعائلتها. واتهمت بالتآمر لإطاحة النظام السياسي في إيران لمجرد مشاركتها في وقفة احتجاجية أمام السفارة الإيرانية بلندن، وهي تهمة نفتها.
وحكم عليها في سبتمبر/أيلول من العام ذاته بالسجن خمس سنوات، وانقضت فترة محكوميتها الأسبوع الماضي، علما بأنها خرجت من السجن في مارس/آذار 2020 في أعقاب تفشي فيروس كورونا، وأمضت الأشهر الأخيرة من العقوبة في منزل ذويها مزودة بسوار تعقب الكتروني.

لعبة سياسية
ورأت مؤسسة تومسون رويترز في بيان أنه "كان يجدر بالصدمة التي تعانيها نازنين زاغري-راتكليف منذ خمسة أعوام، أن تنتهي الأسبوع الماضي".
وأضافت "عوضا عن ذلك، المحاكمة الأخيرة والنتيجة المؤجلة هي خطوة متعمدة من أجل تمديد محنتها ومعاناتها"، مشددة على أن "نازنين ضحية بريئة لنزاع سياسي".
وكان زوجها ريتشارد راتكليف قال في أعقاب انتهاء فترة العقوبة، أن نازنين البالغة من العمر 42 عاما، شعرت بـ"سعادة غامرة" و"اعتلت وجهها ابتسامة عريضة".
ورفع راتكليف خلال اعتصام قرب السفارة الإيرانية في لندن، عريضة لمنظمة العفو الدولية وقّعها 160 ألف شخص تطالب بالإفراج عن زوجته، معتبرا أنها "رهينة" لعبة سياسية على صلة بدين قديم مترتّب على المملكة المتحدة في إطار صفقة أسلحة أبرمت مع إيران قبل الثورة الإسلامية عام 1979. وقال "سنواصل النضال حتى عودتها إلى المنزل".
والجمعة قالت منظمة غير حكومية في تقرير سلمته إلى وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، إن فحصًا طبيا أجري لزاغري-راتكليف أظهر تعرضها إلى "سوء معاملة" خلال اعتقالها في إيران، ويجب بالتالي أن تعتبرها لندن "ضحيّة تعذيب".
ونفت السلطات الإيرانية على الدوام الاتهامات بسوء معاملة نازنين.
وكان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون طلب من الرئيس الإيراني حسن روحاني في اتصال هاتفي الأربعاء، "الإفراج الفوري" عن زاغري-راكتليف وكل مزدوجي الجنسية الموقوفين في إيران.
ووفق بيان صادر عن رئاسة الحكومة البريطانية، اعتبر جونسون أن الوضع الحالي لزاغري-راتكليف يعد "غير مقبول إطلاقا"، مشيراً إلى أنه "ينبغي السماح لها بالعودة إلى عائلتها في المملكة المتحدة".
وخلال الاتصال الهاتفي، قال روحاني إنه من "المثير للدهشة (...) عدم حصول أي تقدم في سياق إعادة مبالغ المقتنيات الدفاعية الإيرانية من جانب بريطانيا".
ورأى روحاني، وفق بيان للرئاسة الإيرانية، أن "التسريع في وتيرة تسديد مطالب إيران المالية، يساعد على إزالة العراقيل الأخرى من مسار العلاقات الثنائية.
ولا تعترف السلطات الإيرانية بازدواجية الجنسية، وتتعامل مع مواطنيها الذين يحملون جنسية دولة أخرى على أنهم إيرانيون فقط. وغالبا ما تنتقد طهران المطالبات بالإفراج عن الموقوفين المدانين من مزدوجي الجنسية وتعتبر أنها تدخل في عمل السلطات القضائية المحلية.