إعتراف ترامب بسيادة اسرائيل على الجولان يثير سخطا دوليا

جهات دولية تتتهم الرئيس الاميركي باثارة غضب العالم العربي والمجتمع الدولي ودمشق تؤكد أن الشعب أكثر عزيمة على تحرير الجولان بكل الوسائل المتاحة.
دمشق تتهم واشنطن بالانحياز الاعمى لاسرائيل
طهران تدخل على خط الازمة وتندد بتصريحات ترامب
تغريدة ترامب تاتي قبل اسبوع من قمة تجمعه بتانياهو
صائب عريقات يحذر من شلال دم بسبب تصريحات الرئيس الاميركي
الجامعة العربية تدعو واشنطن لمراجعة مواقفها
تصريحات ترامب تاتي لدعم نتنياهو في الانتخابات بعد تهم فساد طالته

دمشق - أثار اعتراف الرئيس الاميركي دونالد ترامب ببسيادة اسرائيل على الجولان في تغريدة نشرها الخميس على صفحته بتويتر ردود افعال دولية منددة.

وقال ترامب في تغريدته: "بعد مرور 52 عاما، حان الوقت لكي تعترف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل الكاملة على مرتفعات الجولان، التي تتسم بأهمية استراتيجية وأمنية بالنسبة إلى إسرائيل والاستقرار الإقليمي".

واضاف ترامب ان "الوقت قد حان" من أجل اعتراف بلاده بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان.

وتأتي تغريدة ترامب استكمالا لمؤشرات عديدة في الآونة الأخيرة، تظهر انقلابا في موقف واشنطن من هذه المرتفعات التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967. وكانت الخارجية الأميركية أسقطت في تقرير صدر منذ أقل من شهر صفة "الاحتلال" عن مرتفعات الجولان.

ويشكل قرار الرئيس الاميركي حلقة جديدة في الخروج عن السياسة الخارجية التقليدية للولايات المتحدة الاميركية خاصة بعد اعلانه القدس عاصمة موحدة لاسرائيل في اطار ما يعرف بصفقة القرن.

وفي اول رد فعل نددت الحكومة السورية الجمعة بتصريحات ترامب وأكدت أن الشعب السوري "أكثر عزيمة وتصميما وإصرارا على تحرير هذه البقعة الغالية من التراب الوطني السوري بكل الوسائل المتاحة".

وفي بيان نشرته وكالة الأنباء العربية السورية سانا قال مصدر في وزارة الخارجية إن تصريحات الرئيس الأميركي "تؤكد مجددا انحياز الولايات المتحدة الأعمى" لإسرائيل لكنها "لن تغير أبدا من حقيقة أن الجولان كان وسيبقى عربيا سوريا".

ونددت الجامعة العربية بإعلان ترامب أنّ على الولايات المتّحدة الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان المحتلّة، معتبرها أنها "خارجة بشكل كامل عن القانون الدولي" ومؤكدة أن "الجولان أرض سورية محتلة".

وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط مساء الخميس إن "التصريحات الصادرة عن أقطاب الإدارة الأميركية والتي تمهد لاعتراف رسمي أميركي بسيادة إسرائيلية على الجولان السوري المحتل تعتبر خارجة بشكل كامل عن القانون الدولي".

وتابع في تصريحات صحافية "كما انه اعتراف -إن حصل- لا ينشىء حقوقاً او يرتب التزامات ويعتبر غير ذي حيثية قانونية من أي نوع" مؤكدا ان "الجولان هو أرضٌ سورية محتلة بواقع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن وباعتراف المجتمع الدولي".

وتابع أن "قرار مجلس الأمن 497 لعام 1981 صدر بالاجماع وأكد بصورة لا لبس فيها عدم الاعتراف بضم إسرائيل للجولان السوري، ودعا إسرائيل إلى إلغاء قانون ضم الجولان الذي أصدرته في نفس ذاك العام".

وأكد ابو الغيط أن "الجامعة العربية تقف بالكامل وراء الحق السوري في أرضه المحتلة .. ولدينا موقف واضح مبني علي قرارات في هذا الشأن، وهو موقف لا يتأثر اطلاقا بالموقف من الازمة في سوريا" داعيا الولايات المتحدة الى مراجعة موقفها.

وقال "أدعو الولايات المتحدة إلى العودة عن هذا النهج الذي يدمر ما تبقي من رصيد ضئيل لوساطة أميركية قد تنهي النزاع سياسياً.. أدعوهم الي مراجعة هذا الموقف الخاطئ، والتفكير بعمق في تبعاته القريبة والبعيد".

وأكد عضو لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي أوليغ مورو-زوف أن روسيا لن تعترف أبدا بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة.

وقال مورو-زوف إن الرئيس الأميركي يعمل على إثارة غضب المجتمع الدولي والعالم العربي مؤكدا أن ترامب لديه ثلاثة أهداف وراء هذا الإعلان هي "تعزيز الارتباط بإسرائيل وتقسيم العالم العربي وضرب سوريا والشراكة الروسية معها في هذا الشأن".

بدوره قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات على توتير "أمس اعترف الرئيس ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، واليوم يقول: من أجل أمن المنطقة يجب أن تكون هضبة الجولان السورية المحتلة تحت سيادة اسرائيل، ما الذي سيأتي به الغد؟ عدم استقرار وشلال دم في منطقتنا".

وفي نيويورك، قال فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن المنظمة الدولية ملتزمة بجميع قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة التي تنص على أن احتلال مرتفعات الجولان السورية من قبل إسرائيل هو عمل غير مشروع بموجب القانون الدولي.

وعبرت دول مجلس التعاون الخليجي اليوم الجمعة عن أسفها لدعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان التي احتلتها من سوريا في حرب عام 1967.

وقال عبد اللطيف الزياني الأمين العام للمجلس في بيان "إن تصريحات ترامب لن تغير من الحقيقة الثابتة التي يتمسك بها المجتمع الدولي والأمم المتحدة وهي أن مرتفعات الجولان العربية أراض سورية احتلتها اسرائيل بالقوة العسكرية في الخامس من يونيو 1967".

وأضاف "تصريحات الرئيس الأميركي تقوض فرص تحقيق السلام الشامل والعادل والدائم في منطقة الشرق الأوسط".

بدوره اكد الاتحاد الأوروبي أنه لا يعترف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان حيث قالت متحدثة باسم الاتحاد ان "موقف الاتحاد الأوروبي لم يتغير الاتحاد الأوروبي لا يعترف، كما يتماشى مع القانون الدولي، بسيادة إسرائيل على الأراضي التي تحتلها منذ يونيو 1967 بما فيها هضبة الجولان ولا يعتبرها جزءا من السيادة الإسرائيلية".

ودخلت طهران على خط الازمة حيث قال التلفزيون الرسمي نقلا عن متحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إن تصريح ترامب بشأن الاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان المحتلة غير مقبول.

وقال المتحدث بهرام قاسمي "هذا الاعتراف غير المشروع وغير المقبول لا يغير حقيقة أنها تنتمي لسوريا".

وتاتي تغريدة ترامب قبل أسبوع من قمة مرتقبة بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، في واشنطن، وفي ظل جولة يقوم بها وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو لمنطقة الشرق الاوسط.

ويعتبر مراقبون ان تصريحات ترامب بخصوص الجولان تاتي لدعم نتنياهو في الانتخابات المخقبلة خاصة وانه يتعرض لحملة من منافسيه بسبب تهم رشوة وفساد.

وتسعى الولايات المتحدة للتصدي لنفوذ ايران في المنطقة خاصة مع قيام طهران بتمويل وتسليح ميليشياتها في تحدي للقرارات الدولية.

وأعلن نتانياهو وبومبيو في القدس وحدة واشنطن وتل أبيب في مواجهة "التحركات العدوانية" الإيرانية في الشرق الأوسط.

وقال نتانياهو في بيان مشترك، إن الضغوط التي تمارسها الإدارة الأميركية على إيران تؤتي ثمارها، مضيفا "يجب أن يكون هناك المزيد منها كما ينبغي أن نوسعها. الولايات المتحدة وإسرائيل تتعاونان في إطار من التنسيق الوثيق لدحر العدوان الإيراني في المنطقة والعالم".

رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو
اتفاق على مواصلة التصدي لايران في المنطقة

وجدد رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي استقبل بومبيو في خضم الحملة الانتخابية وسيلتقي الرئيس  ترامب الأسبوع المقبل، التأكيد على أن إسرائيل ستواصل التحرك ضد إيران وخصوصا في سوريا حيث "لا توجد قيود على حرية تحركاتنا"، مضيفا أن اسرائيل ستواصل "اتخاذ إجراءات وفق الحاجة ضد المحاولات الإيرانية للتموضع عسكريا في سوريا ولامتلاك أسلحة خطيرة هناك. حرية عملنا غير مقيدة ونثمن الدعم الأمريكي لعملياتنا كما نحن ندعمها".

وأكد بومبيو بدوره والذي ينظر إلى زيارته على نطاق واسع كدليل على دعم الإدارة الأميركية لنتانياهو "التزاما لا مثيل له" من الولايات المتحدة بضمان أمن حليفها إزاء تهديد النظام الإيراني الذي كما قال "يسعى إلى تدمير وإبادة إسرائيل بشكل مطلق".

كما أشار إلى ضرورة وقف "عملية التدمير الإقليمي" التي ترتكبها إيران، مخاطبا نتانياهو أن "هذا التهديد يمثل واقعا يوميا في حياة الإسرائيليين، ونتمسك بالتزامنا الذي لا مثيل له بأمن إسرائيل ونؤيد حقك في الدفاع عن نفسك".

وأعاد نتانياهو التأكيد لبومبيو أن حزب الله كان يحاول تشكيل شبكة عسكرية سرية في الجولان السوري بالقرب من الأراضي الخاضعة لسيطرة إسرائيل.

لكن بومبيو التزم الصمت أمام الصحافة بشأن اعتراف محتمل من جانب إدارة ترامب بسيادة إسرائيل على الجزء الذي تحتله.

وكان نتانياهو أعلن سابقا أن "الوقت قد حان لكي يعترف المجتمع الدولي بوجود إسرائيل في الجولان وحقيقة أن الجولان سيبقى جزءا من دولة إسرائيل".

وقد أدت مواقف ترامب الى إبعاد الكثير من الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة، غير أنه يحظى في المقابل بتأييد ثابت وقوي في إسرائيل.

وتعتبر حكومته الأقرب إلى إسرائيل منذ زمن طويل وقد اتخذ خطوات رمزية وعملية في آن تأكيدا لدعمه إسرائيل، منها الاعتراف بالقدس عاصمة لها بما يتعارض مع الإجماع الدولي ومع عقود من السياسة الأميركية وقطع أكثر من 500 مليون دولار من المساعدات إلى الفلسطينيين منذ 2018، إضافة إلى وقف تقديم الدعم المالي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

وكان الرئيس  ترامب، اعترف في مطلع ديسمبر/كانون أول 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقرر نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس وهو ما تم في مايو/أيار 2018.
وعقب ذلك الإعلان، أوقفت القيادة الفلسطينية جميع اتصالاتها السياسية مع الإدارة الأميركية بما في ذلك مع القنصلية العامة في القدس.

وقرار ترامب نقل السفارة الأميركية إلى القدس شكل قطيعة مع عقود من الدبلوماسية الدولية التي تعتبر أن وضع القدس يجب أن يتقرر ضمن مفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين.
ويرتقب أن يكشف ترامب خطته للسلام المنتظرة منذ فترة طويلة في الاشهر المقبلة
وبموجب مبادرة السلام العربية التي طرحتها السعودية في عام 2002، عرضت البلدان العربية تطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل اتفاق على إقامة دولة فلسطينية وانسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي التي احتلتها عام 1967.
وتصف إسرائيل القدس بشطريها بأنها "عاصمتها الأبدية والموحدة" وهو موقف لا يلقى اعترافا دوليا. ويريد الفلسطينيون أن تكون القدس الشرقية، التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967، عاصمة لدولتهم في المستقبل.