إمطي .. تاريخ يتحدث وفنون بكل الألوان

مريم الزدجالي استطاعت تحويل قرية إمطي العُمانية إلى موقع ثقافي تقام فيه المهرجانات الفنية، والإحتفالات التراثية.
مائة فنان يشاركون في إحياء التراث العماني 
الفعاليات الفنية التي تدور في فلك تراث وتاريخ إمطي

"إمطي" .. قرية تراثية عُمانية .. صارت اليوم قبلة للفنانين التشكيليين، بفضل مشروع أطلقته الفنانة التشكيلية العمانية مريم الزدجالية، ويهدف لـ "تخليد اللحظة الأثرية بالفن". والمشروع يندرج في إطار المبادرات التطوعية، ويسعي منظموه والمشاركون به،  وعلى رأسهم الفنانة مريم عبدالكريم الزدجالية، لتوظيف الفنون التشكيلية في إحياء تراث حارتي العين والسواد بقرية إمطي وترميم وصيانة ذلك التراث، وإضفاء لمسات جمالية على معالم القرية، الواقعة في ولاية إزكي بمحافظة الداخلية في سلطنة عمان، لتصبح محطة سياحية لعشاق التراث العماني والخليجي، حيث جرى تنظيم ثماني فعاليات فنية في القرية التي تتفرد بمعالم تراثية تجمع بين الأصالة والمعاصرة.
ما وراء إمطي
وضمن الفعاليات الفنية التي تدور في فلك تراث وتاريخ إمطي، وبالتعاون مع رابطة الفنون العربية، تشهد الساحة العامة بمرسي الموج في القرية، في الـ 24 من شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري، تدشين النسخة الإفتراضية من ملتقي ومعرض الأعمال الصغيرة "ما وراء إمطي" والذي شاركت في تنظيمه ذلك بمشاركة نخبة من الفنانين التشكيليين الذين ينتمون لجنسيات مختلفة.
‎الأعمال المشاركة بالمعرض سيجري أيضا طباعتها على قطع من السيراميك، وتثبيتها على جدارية مصممة على شكل قلعة بالقرية تمر مياه الأفلاج من خلالها.
ويأتي الملتقى والمعرض الإفتراضي للأعمال الصغيرة "ما وراء إمطي " والذي تشارك في تنظيمه الرابطة العربية للفنون، في إطار السعي لإستمرار الفعاليات الفنية العربية، في ظل ما فرضته جائحة كورونا من تداعيات، وذلك بحسب قول المنظمين والمشاركين. 

oman
تحقيق أهداف تخدم المكان

وبجانب مشاركة الفنانة مريم الزدجالي، والفنانة نجوى رشيد، والفنان سعيد العلوي، والفنانة رباب مهدي، والفنان محمد مجرشي، والفنان محمد علوش، من أعضاء هيئة الرابطة العربية للفنون، فقد تم دعوة مجموعة مختارة من الفنانين من بلدان متعددة للمشاركة بأعمالهم الفنية في ذلك الحدث الذي ينطلق من قرية إمطي. 
حكاية قرية مُلٌهِمة
لكن ما هي إمطي؟
الإجابة تأتينا من الفنانة التشكيلية الكويتية القديرة، ثريا البقصمي، والتي تشير إلي أن "إمطي" قرية هجرها سكانها منذ سنوات، وبنوا بدلا منها مساكهنم الجديدة، ومن معالم القرية درب حجري يتكون من 200 درجة، وهو يساعد السكان في الوصول إلي الجبل.
وتقول البقصمي إنها زارت القرية، وشاركت الفنانة مريم الزدجالي حلمها في أن تعيد الحياة لأطلال القرية، لتتحول بيوتها المبنية من الطين والحجارة، لقاعات عرض فنية صغيرة، ومراسم للفنانين.
 وتضيف البقصمي بأن مريم الزدجالي استطاعت بالفعل تحويل الموقع إلى موقع ثقافي تقام فيه المهرجانات الفنية، والإحتفالات التراثية، وعلى جدران القرية قام الكثير من الفنانين برسم جداريات تعبر عن  التراث العماني، وتحمس سكان القرية لهذا المشروع الذي أعاد الحياة لقريتهم، بعد أن كانت في عالم النسيان، وحملت مريم الزدجالي قريتها بكل تفاصيلها الجميلة، ونخلها الباسق، وبيوتها التراثية، لتضعها بين يدي الفنانين العرب، الذين كانت مشاركاتهم الفنية معبرة. 
وتضيف الفنانة الكويتية، أنه برغم مشاركتها المتواضعة فأنها ومن خلال ملتقي ومعرض "الأعمال الصغيرة .. ماوراء إمطي" عادت إلى حُلم مريم إمطي لتزداد إعجابا بطموح فنانة لاسقف له.
ومن بين الفنانين المشاركين بالمعرض الفنانة التشكيلية الكويتية، إبتسام العصفور، والتي عبرت من جانبها عن سعادتها بمشاركتها في "ملتقي ومعرض الأعمال الصغيرة .. ما وراء إمطي"، ووصفت فكرته بالرائعة، لكونه يستعيد ذاكرة قرية إمطي، ويعزز حضور التراث العمراني في الحياة اليومية للناس، وفي الفنون التشكيلية العربية، بجانب مساعدته في خلق مزيد من آفاق التبادل الثقافي والمعرفي بين الفنانين العرب، والتعريف قرية ذات طراز عمراني تاريخي عريق في سلطنة عمان. 
وأشارت العصفور إلى أنها شاركت بعمل واقعي إنطباعي لمسجد إمطي، باستخدام الألوان الزيتية،  وقدمت الشكر للفنانتين مريم الزدجالي ونجوى رشيد على تنظيم هذا المعرض.
وكانت الفنانة مريم الزدجالي، قد شاركت بلوحة عن إمطي مع  مشاركة الفنانين العمانيين المتميزة (صالح العلوي، سعيد العلوي وسلمان الحجري) في المعرض التشكيلي الإفتراضي عن التراث والعمارة، والذي نظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت، في شهر سبتمبر/أيلول الماضي.
إلى ذلك أعربت الفنانة مريم الزدجالي رئيسة جمعية الفنون العمانية، عن سعادتها لمشاركة فنانين كويتيين بملتقى ومعرض "الأعمال الصغيرة .. ما وراء إمطي"، ومن بينهم الفنانة ثريا البقصمي، التي حققت مكانة مرموقة عربيا ودوليا، والتي تعد من الفنانات الرائدات والأوائل في الحراك التشكيلي بدول مجلس التعاون الخليجي، و العالم العربي.
وكذلك الفنانة ابتسام العصفور، التي وثقت التراث الكويتي والخليجي بشكل جميل ورائع، وتمثل لي فخراً باعتباري رئيسة المشروع التراثي لإمطي، خاصة لما لها من جهود في هذا المجال، وخاصة إشرافها على معرض التراث والعمارة بالكويت والعالم العربي.
هذا وقد شارك في ملتقى ومعرض "الأعمال الصغيرة .. ما وراء إمطي" الفنانون سعود الفرج، والدكتور وليد سراب، والدكتور عنبر وليد، ومني الغربللي، وشيخة سنان، ونورا العبدالهادي، بجانب ثريا البقصمين وابتسام العصفور.
مائة فنان
وحول حجم المشاركة الفنية بالملتقي والمعرض، قال الفنان التشكيلي السعودي، وعضو الرابطة العربية للفنون، محمد المجرشي، إن الرابطة ساهمت بجهد كبير في إنجاح المشروع التراثي لقرية إمطي، عبر دعوتها لمائة فنان وفنانة من التشكيليين العرب، للمشاركة في المشروع وفي ملتقي ومعرض "الأعمال الصغيرة .. ما وراء إمطي"، حيث أسهموا في إثراء المشروع والمعرض بأعمال تشكيلية تنتمي لمدارس فنية متعددة، خاصة بعد أن ترك لهم اختيار ما يرونه مناسبا لهم من موضوعات مستوحاة من تراث وتاريخ ومعالم إمطي.

شوارع تتنفس قصص أصحابها 
وقالت الفنانة التشكيلية اللبنانية، رباب مهدي، إن إمطي كان لها وقع في قلبها، وإحساسها.. وخاصة الجدران والنخيل، والشوارع التي تتنفس قصص أصحابها.
واعتبر الفنان التشكيلي والشاعر اللبناني، محمد علوش، أن المشاركة بملتقي ومعرض "الأعمال الصغيرة .. ما وراء إمطي" لها سحر ورونق خاص، المنبثق من الجمال وعبق التراث في القرية، وأشار إلي أنه من الجميل أن يحتفي كل فنان تشكيلي بالأماكن التي تضج بالروح والجمال، وأشاد بتفاعل الفنانين مع ذلك الحدث الفني بحب وشغف بالغ.
تخليد اللحظة الأثرية
وقال الفنان التشكيلي العماني، سعيد العلوي إن مشاركته بالملتقي والمعرض جاءت في إطار تخليد اللحظة الأثرية بالفن، في تجسيد للشراكة الفنية المجتمعية، ودور الفنان في إبراز الجانب الجمالي لقرية إمطي، لتحقيق أهداف تخدم المكان، سواءاً فنياً أو سياحياً، وتسليط الضوء على ما وهبه الله لسلطنة عمان من إرث حضاري ضارب في القدم.
وأضاف العلوي بأن اللوحة التي شارك بها في المعرض امتزجت فيها جوانب فنية عدة مثل التقليدي، والتأثيري، والتجريدي، والحروفيات، مشاركا بذلك الزملاء من الفنانين الذين شاركوا مع الرابطة العربية للفنون، بأعمال تشكيلية تحكي وتجسد تاريخ وتراث ومعالم إمطي، فقدم كل فنان عمله برؤيته الخاصة ليتوج كل ذلك الجهد المخلص بمعرض يضم كل تلك الأعمال قبيل نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري.
عامين من العمل في إمطي 
ومن جانبها قدمت الفنانة التشكيلية السعودية، نجوى رشيد، رئيسة الرابطة العربية للفنون، الشكر للفنانة العمانية القديرة، مريم الزدجالية، صاحبة فكرة إحياء تراث قرية إمطي، والمنفذة للمشروع الضخم بالقرية، والذي يهدف لتحويلها إلي مزار سياحي، وقبلة لعشاق التراث والفنون، وهو المشروع الذي انطلق العمل به قبل عامين ولا يزال مستمراُ حتى اليوم، وسط نجاح كبير بفضل دعم وزارة الثقافة والقطاع الخاص العماني، وأهالي قرية إمطي.
وكانت السيدة ميان بنت شهاب آل سعيد، قد حضرت حفل تدشين الملتقى التشكيلي الدولي للأعمال الصغيرة .. ماوراء إمطي ، في العاشر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وذلك تحت شعار "دعوة لتحدٍ فني جديد" والذي نظمه المشروع الفني الثقافي السياحي، تخليدا للحظة الأثرية بقرية إمطي بالتعاون مع "الرابطة العربية للفنون"، والذي يقام معرضه الختامي، في الرابع والعشرين من ديسمبر/كانون الأول الجاري.