إيران تبحث في الكويت عن مخرج لمأزقها

زيارة ظريف للكويت تحتمل أكثر من تفسير في توقيتها ومضامينها وفي سياقاتها الجيوسياسية ولا يمكن أن تكون بمعزل عن مناورة للإيهام بأن طهران لا تواجه عزلة أو بحثا عن تحالف يبدو مستحيلا.  

وزير خارجية إيران يبدأ زيارة رسمية إلى الكويت
زيارة ظريف للكويت تأتي بعد زيارة مماثلة للدوحة
طهران تكثف اتصالاتها بقطر وسلطنة عمان والكويت
زيارة ظريف تتزامن مع مبادرة أميركية لتشكيل تحالف دولي لمواجهة التهديدات الإيرانية

الكويت/طهران - تواصل إيران البحث عن مخرج لمأزقها من خلال جولات خارجية واتصالات مع عدد من دول المنطقة آخرها الكويت التي وصلها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مساء اليوم السبت في محاولة لإعطاء انطباع بأن بلاده لا تواجه عزلة في محيطها الإقليمي وللإيحاء بوجود قنوات تواصل مع دول خليجية رغم الخلافات العميقة والوضع المتأزم بفعل التوتر بين واشنطن وطهران.

وعبرت الكويت مرارا عن قلقها من تصاعد التوتر في منطقة الخليج، محذرة من انزلاق التصعيد إلى مواجهة عسكرية واتخذت حزمة إجراءات بعضها أمنيا تحسبا لأي طارئ.

والزيارة الرسمية التي يقوم بها ظريف للكويت وليوم واحد تأتي بعد زيارة قام بها بداية الأسبوع للدوحة سلم خلالها رسالة خطية من الرئيس الإيراني لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، يؤكد فيها حرص طهران على تعزيز العلاقات الثنائية مع قطر التي تستضيف في قاعدة العديد مقر القيادة المركزية الأميركية.

وزير الخارجية الإيراني في لقاء سابق في الدوحة مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد
ظريف زار الدوحة قبل زيارته للكويت

كما تأتي الزيارة بعد وساطة قادتها سلطنة عمان لنزع فتيل التوتر في الخليج على الرغم من نفي مسقط القاطع للعب أي دور وساطة، موضحة أن الأمر يتعلق بالإبقاء على الاتصالات والمشاورات للمساعدة على ضمان أمن الملاحة البحرية في المنطقة.

وترتبط مسقط باتفاقيات عسكرية مع الولايات المتحدة، فيما تمتلك واشنطن أيضا قواعد وقوات عسكرية في عدد من دول المنطقة لأغراض دفاعية وهجومية ولوجستية أيضا.

وتحتمل زيارة ظريف للكويت أكثر من تفسير في توقيتها ومضامينها وفي سياقاتها الجيوسياسية ولا يمكن أن تكون بمعزل عن تحرك إيراني لتعزيز العلاقات مع قطر وعُمان والكويت أو للإيهام بوجود علاقات متينة معها ترقى إلى مستوى التحالف الاستراتيجي وهو أمر بعيد المنال لارتباط تلك العواصم الخليجية باتفاقيات وتحالفات مع الولايات المتحدة.

ودعمت إيران بشدة قطر في أزمتها بعد قرار المقاطعة العربية والخليجية في يونيو/حزيران 2017، مستغلة الأزمة كغنيمة يمكن الاستفادة منها اقتصاديا وسياسيا وأيضا لتأجيج التوتر وإضعاف وحدة مجلس التعاون الخليجي، لكن أيا كان مستوى تلك العلاقة فإن الدوحة لا يمكنها تجاوز الخطوط الحمراء بخرق التحالف مع واشنطن التي تمارس الضغوط القصوى على طهران لكبح أنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة.

وتريد طهران على الأرجح من خلال تلك الاتصالات مع الدول الخليجية الثلاث، الخروج من ورطتها بأخف الأضرار.

ويشير توقيت زيارة ظريف إلى أن المسعى الأميركي لتشكيل تحالف دولي لمواجهة التهديدات الإيرانية لأمن الملاحة البحرية في المنطقة التي تمر عبرها معظم إمدادات الطاقة العالمية، بات يثير قلق طهران.   

وزيرا الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف والعماني يوسف بن علوي
سلطنة عمان سعت لنزع فتيل التوتر بين طهران وواشنطن نافية في الوقت ذاته لعب دور الوسيط في الأزمة

وقال مصدر دبلوماسي إيراني مفضلا عدم ذكر اسمه، إن ظريف سيلتقي الأحد نظيره الكويتي الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح والقيادة السياسية، مضيفا أن المحادثات ستتركز على الوضع الأمني في المنطقة والحفاظ على حرية الملاحة في الخليج لحماية ممرات النفط.

وأشار المصدر إلى احتمال طرح المبادرة الإيرانية بعقد اتفاقية "عدم اعتداء" بين دول المنطقة، وهي الخدعة التي تروج لها طهران منذ فترة أولا لإيهام الرأي العالمي والإقليمي بأنها من دعاة السلم والحوار وثانيا لتناور محيطها الإقليمي كسبا للوقت أو استقطابا لحل يخفف عنها الخناق الأميركي.

ولا تحتاج المنطقة لاتفاقية 'عدم اعتداء' بقدر ما تحتاج إلى توقف إيران نهائيا عن أنشطتها وأنشطة وكلائها التي تستهدف زعزعة الاستقرار فيها.

وتفقد المبادرة الإيرانية مشروعيتها شكلا ومضمونا على اعتبار أنها الطرف الوحيد في المنطقة الذي يشكل خطرا وتهديدا على أمن المنطقة فيما تلتزم الأطراف الأخرى مبدأ حسن الجوار ولم تمارس أي فعل يهدد أمن المنطقة بل على العكس تصب كل الجهود التي تقودها السعودية والإمارات في تعزيز أمن المنطقة وتحصينها.

ولفت المصدر إلى أن ظريف سيغادر الكويت بعد ظهر الأحد، متوجها إلى فنلندا ثم السويد ويختتم جولته الخميس في النرويج.

اتفاقية عدم الاعتداء التي تروج لها إيران تفقد مشروعيتها شكلا ومضمونا على اعتبار أنها الطرف الوحيد في المنطقة الذي يشكل خطرا وتهديدا على الأمن الإقليمي والدولي

وتشهد المنطقة حالة توتر، إذ تتهم واشنطن وعواصم خليجية وخاصة الرياض، طهران باستهداف سفن ومنشآت نفطية خليجية وتهديد الملاحة البحرية وهو ما نفته إيران وعرضت توقيع اتفاقية "عدم اعتداء" مع دول الخليج.

وتقف عمليات التخريب التي طالت ناقلات نفط في مضيق هرمز وبحر عُمان وهجمات ميليشيا الحوثي على منشآت نفطية وأهداف مدنية سعودية بصواريخ وطائرات مسيرة إيرانية الصنع، شاهدا على أنشطة إجرامية مدفوعة إيرانيا.

واليوم السبت استضافت طهران اجتماعا دوليا بمشاركة جماعة الحوثي قالت إنه لبحث الأزمة اليمنية.

وذكر التفلزيون الإيراني الرسمي أن الاجتماع عقد في وزارة الخارجية الإيرانية وشارك فيه نائب وزير الخارجية علي أصغر حجي وسفراء دول بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا لدى طهران، وموفد الحوثيين والناطق باسمهم محمد عبدالسلام.

وأكد أن الأطراف تبادلوا في الاجتماع وجهات النظر حول حل الأزمتين السياسية والإنسانية في اليمن، مشددين على ضرورة إنهاء الحرب بأقرب وقت ممكن.