إيران تتوعد بالانتقام بعد اغتيال عالم نووي بارز قرب طهران

محسن فخري زاده الذي تعتقد إسرائيل والاستخبارات الأميركية والغربية أنه العقل المدبر لتطوير برنامج سرّي للأسلحة النووية، توفي متأثر بإصابته بعد أن أطلق مسلحون مجهولون النار على موكبه قرب العاصمة الإيرانية.
صحيفة اميركية: إسرائيل تقف وراء عملية اغتيال فخري زاده
ظريف يرى مؤشرات قوية على دور إسرائيلي في اغتيال محسن فخري زاده
حزب الله: الردّ على اغتيال فخري زاده يبقى بيد إيران
قائد عسكري إيراني: سنضرب مثل البرق قتلة فخري زاده وسنجعلهم يندمون
محسن فخري زاده ثاني شخصية إيرانية بارزة يتم اغتياله بعد قاسم سليماني

طهران - توعدت طهران بالانتقام من قتلة العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة الذي تم اغتياله اليوم الجمعة قرب طهران. وقال قائد عسكري إيراني إن بلاده سترد باستهداف قتلة زاده.. سنثأر لقتل العلماء النوويين كما فعلنا في الماضي"

وقال حسين دهقاني في تغريدة "سنضرب مثل البرق قتلة هذا الشهيد وسنجعلهم يندمون على فعلتهم". ودهقاني مستشار عسكري للزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي.

وأعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وجود "مؤشرات جدية لدور إسرائيلي" في اغتيال العالم النووي البارز محسن فخري زادة قرب طهران الجمعة.

وكتب في تغريدة على حسابه بتويتر "قتل إرهابيون عالما بارزا اليوم. هذا العمل الجبان- مع مؤشرات جدية لدور إسرائيلي- يظهر نوايا عدوانية يائسة من قبل المنفذين"، مضيفا أن "إيران تدعو المجتمع الدولي لا سيما الاتحاد الأوروبي، إلى الكف عن معاييره المزدوجة المعيبة وإدانة عمل إرهاب الدولة هذا".

وقال وزير الدفاع الإيراني البريجادير جنرال أمير حاتمي اليوم الجمعة في تغريدة على تويتر، إن اغتيال العالم النووي الإيراني البارز يظهر "عمق كراهية الأعداء" للجمهورية الإسلامية.

وكانت وسائل إعلام رسمية إيرانية قد أفادت في وقت سابق الجمعة بأن عالما نوويا إيرانيا يشتبه الغرب منذ فترة طويلة في أنه العقل المدبر لبرنامج سرّي للأسلحة النووية اغتيل قرب طهران.

وقالت إن محسن فخري زاده توفي متأثرا بجروحه في المستشفى بعد أن أطلق مسلحون النار على سيارته.

ومحسن فخري زاده هو ثاني شخصية إيرانية وازنة وبارزة في إيران يتم اغتياله بعد تصفية الولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني الماضي قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني في غارة جوية بطائرة مسيرة استهدفت موكبه على طريق مطار بغداد الدولي وهي العملية التي قتل فيها أيضا نائب هيئة الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس المقرب من إيران.

نتنياهو أشار في أبريل 2018 إلى دور العالم الإيراني محسن فخري زاده في تطوير أسلحة نووية
نتنياهو أشار في أبريل 2018 إلى دور العالم الإيراني محسن فخري زاده في تطوير أسلحة نووية

ولطالما وصف الغرب والإسرائيليون والإيرانيون المعارضون لنظام الحكم في البلاد والذين يعيشون في الخارج، فخري زاده بأنه قائد برنامج سرّي للقنبلة الذرية توقف في عام 2003. وتنفي إيران منذ فترة طويلة سعيها إلى صنع أسلحة نووية.

ويُعتقد أن فخري زاده ترأس ما تعتقد الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأجهزة المخابرات الأميركية أنه برنامج أسلحة نووية منسق في إيران، لكن تم وقف العمل بالبرنامج في 2003.

وقالت القوات المسلحة الإيرانية في بيان نقلته وسائل الإعلام الحكومية "للأسف.. لم يتمكن الفريق الطبي من إنعاشه وقبل دقائق هذا المدير والعالم حقق أعلى مراتب الشهادة بعد سنوات من الجهد والنضال".

وكانت وكالة أنباء تسنيم شبه الرسمية قالت في وقت سابق إن "إرهابيين فجروا سيارة أخرى" قبل أن يطلقوا النار على سيارة تُقل فخري زاده وحراسه في كمين خارج العاصمة.

وقتل العديد من العلماء الإيرانيين العاملين في القطاع النووي على مدار العقد الماضي في هجمات اتهمت طهران إسرائيل بتنفيذها، كان آخرها اليوم الجمعة عندما اغتال مجهولون محسن فخري زاده.

محسن فخري زاده لم يكن العالم النووي الوحيد الذي تعرض للاغتيال في العقد الأخير
محسن فخري زاده لم يكن العالم النووي الوحيد الذي تعرض للاغتيال في العقد الأخير

و في يناير/كانون الثاني 2010 قُتل مسعود علي محمدي، أستاذ فيزياء الجسيمات بجامعة طهران، إثر انفجار دراجة نارية مفخخة خارج منزله في العاصمة. وكان يدرس في الجامعة ولكنه عمل أيضا في الحرس الثوري الإيراني.

وسارع العديد من القادة ووسائل الإعلام الرسمية في إيران إلى إلقاء اللوم في الهجوم على أجهزة المخابرات الإسرائيلية والأميركية.

وكانت طهران قد اتهمت في الشهر السابق الولايات المتحدة وإسرائيل باختطاف العالم النووي شهرام أميري الذي اختفى في مايو/أيار من ذلك العام.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2010، تم استهداف عالمين لهما أدوار رئيسية في البرنامج النووي الإيراني في طهران بهجومين بالقنابل ألقت إيران باللوم فيهما على إسرائيل والولايات المتحدة. وقتل أحد العلماء مجيد شهرياري.

وبين عامي 2010 و2012، في ذروة الأزمة مع القوى العالمية بشأن البرنامج النووي الإيراني، اغتيل خمسة علماء إيرانيين في طهران واتهمت إيران وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي اي ايه) وجهاز الموساد الإسرائيلي بالوقوف وراء عمليات الاغتيال.

وفي 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، أدى انفجار في مستودع ذخيرة تابع للحرس الثوري في إحدى ضواحي طهران إلى مقتل ما لا يقل عن 36 شخصا بينهم الجنرال في الحرس الثوري حسن تهراني مقدم.

وحسب تقرير لصحيفة لوس أنجلوس تايمز، قادت الولايات المتحدة وإسرائيل العملية ضد البرنامج النووي الإيراني.

وفيما قال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في مقابلة مع تلفزيون المنار اليوم الجمعة إن الرد على اغتيال العالم النووي الإيراني يبقى بيد إيران، أكدت صحيفة أميركية أن إسرائيل تقف وراء عملية الاغتيال.

وأفادت صحيفة 'نيويورك تايمز' الأميركية نقلا عن مسؤولين أحدهم مسؤول بالبيت الأبيض الاثنان الآخران من وكالة 'سي اي ايه'، قولهم إن إسرائيل تقف وراء عملية اغتيال العالم الإيراني البارز بمجال الطاقة النووية، مضيفة أن "العالم الإيراني الذي اغتيل كان منذ فترة طويلة هدفا للموساد الإسرائيلي".

وأكدت الصحيفة أنه "لم يتضح على الفور إن كانت الولايات المتحدة على علم مسبق بعملية الاغتيال"، فيما رفض البيت الأبيض ووكالة المخابرات المركزية التعليق بهذا الخصوص.

وعقب تأكيد اغتيال فخري زاده، أعاد ترامب نشر تغريدة لصحفي إسرائيلي تقول إن اغتيال العالم وجهت "ضربة" إلى إيران.

وقال الصحفي يوسي ميلمان في تلك التغريدة "كان فخري زاده رئيس البرنامج العسكري السري لإيران وكان مطلوبا لسنوات عديدة من قبل الموساد، إن مقتله ضربة نفسية ومهينة كبيرة لإيران".

وبغض النظر عن من المسؤول عن الهجوم، فمن المؤكد أنه سيصعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة من رئاسة ترامب.

واتهم ترامب الذي خسر محاولته لإعادة انتخابه في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني وسيترك منصبه في 20 يناير/كانون الثاني، إيران مرارا بالسعي سرا لامتلاك أسلحة نووية.

وكان قد أعلن في مايو/ايار 2018 انسحاب بلاده من اتفاق نووي رُفعت بموجبه عقوبات عن إيران مقابل قيود على برنامجها النووي. وقال الرئيس المنتخب جو بايدن إنه سيعاود الانضمام للاتفاق رغم أن محللين يقولون إن ذلك لن يتم بين عشية وضحاها وإن كلا من الطرفين سيطلب ضمانات.

وأكد مسؤول أميركي في وقت سابق هذا الشهر أن ترامب سعى للحصول على خطة من مساعدين عسكريين لتوجيه ضربة محتملة لإيران، لكنه عدل عن هذا القرار آنذاك.

وكان فخري زاده العالم الإيراني الوحيد الذي ورد اسمه في "التقييم النهائي" للوكالة الدولية للطاقة الذرية لعام 2015 للأسئلة المفتوحة حول برنامج إيران النووي. وقال تقرير الوكالة إنه أشرف على أنشطة "لدعم بعد عسكري محتمل لبرنامج إيران النووي".

وكان فخري زاده شخصية محورية في عرض قدمه نتنياهو في 2018 متهما إيران بمواصلة السعي لامتلاك أسلحة نووية. وقال نتنياهو آنذاك "تذكروا هذا الاسم.. فخري زاده".