إيران تحرر سوق الدولار قبيل فرض العقوبات الأميركية

في تراجع عن قرار اتخذته قبل اربعة اشهر، السلطات الايرانية تخفف قواعد الصرف الأجنبي سعيا الى وقف انهيار الريال.

واشنطن - قال وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو الأحد إن البيت الأبيض سيصدر بيانا الاثنين يذكر فيه بالتفصيل إعادة فرض الولايات المتحدة عقوبات على إيران كان الرئيس دونالد ترامب قد أصدر أمرا بفرضها هذا الأسبوع.
وقال مسؤول بالخزانة الاميركية طلب عدم نشر اسمه إنه سيعاد فرض هذه العقوبات في الساعة 12:01 بتوقيت شرق الولايات المتحدة يوم الثلاثاء.
وقال بومبيو للصحفيين على متن طائرته التي أقلته عائدا إلى واشنطن من زيارة لآسيا "إنها جزء مهم من جهودنا للتصدي للنشاط الإيراني الخبيث".
وذكر التلفزيون الرسمي الإيراني الأحد إن إيران ستخفف قواعد الصرف الأجنبي في محاولة لوقف انهيار عملتها الريال الذي فقد نصف قيمته منذ أبريل/نيسان بسبب المخاوف من إعادة فرض العقوبات الاميركية.
ورغم اعتراض الحلفاء الأوروبيين، سحب ترامب الولايات المتحدة في مايو/أيار من اتفاق 2015 المبرم بين الدول الكبرى وطهران الذي تم بموجبه رفع العقوبات الدولية مقابل فرض قيود على البرنامج النووي الإيراني.
وندد ترامب بهذا الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال حكم سلفه باراك أوباما بوصفه متحيزا لصالح إيران.
وخلال هذا الأسبوع ستعيد واشنطن فرض عقوبات على مشتريات إيران من الدولار الاميركي وتجارتها في الذهب والمعادن النفيسة وتعاملاتها في المعادن والفحم والبرمجيات المرتبطة بالصناعات.
وطلبت الولايات المتحدة من الدول الأخرى ضرورة التوقف عن استيراد النفط الإيراني بدءا من أوائل نوفمبر/تشرين الثاني وإلا ستواجه إجراءات مالية اميركية. وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني الأسبوع الماضي إن تخلي ترامب عن الاتفاق غير قانوني وإن إيران لن ترضخ لحملة واشنطن الجديدة لخنق صادرات إيران الحيوية من النفط. 

العقوبات تشمل مشتريات الدولار وتجارة الذهب والمعادن النفيسة ومعادن اخرى والفحم والبرمجيات المرتبطة بالصناعات

وفي إشارة إلى الاحتجاجات المتفرقة التي وقعت في مدن إيرانية في الآونة الأخيرة، قال بومبيو إن "الشعب الإيراني ليس راضيا. ليس عن الاميركيين ولكن عن قيادته. إنهم (الإيرانيون) مستاؤون من تقاعس قيادتهم عن الوفاء بالتعهدات الاقتصادية التي وعدتهم بها قيادتهم".
واضاف بومبيو إن الولايات المتحدة تريد "أن يكون للشعب الإيراني صوت قوي في تحديد قيادته" على الرغم من عدم وصوله إلى حد الدعوة إلى تغيير النظام في طهران. 
وأضاف في وقت لاحق في رسالة على تويتر أن الولايات المتحدة "تشعر بقلق عميق من التقارير التي تحدثت عن عنف النظام الإيراني ضد المواطنين العزل" وحث على احترام حقوق الإنسان. 
وأشارت وسائل التواصل الاجتماعي إلى اندلاع احتجاجات لسادس ليلة يوم الأحد في مدن إيرانية من بينها كازرون في الجنوب. وأعلنت السلطات سقوط أول قتيل بين المحتجين بإطلاق النار على رجل في كرج غربي طهران. 
ولكنها نفت تورط قوات الأمن حسبما قالت وكالات أنباء إيرانية. وغالبا ما تبدأ الاحتجاجات في إيران بشعارات ضد غلاء المعيشة والفساد المالي المزعوم لكنها سرعان ما تتحول إلى تجمعات مناهضة للحكومة.
وأثار انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي موجة بيع للريال مع إقبال الشركات والمدخرين على شراء العملة الصعبة لحماية أنفسهم من العقوبات الاقتصادية.
وألقى البنك المركزي مسؤولية هبوط العملة على من وصفهم بأنهم "أعداء"، وقال القضاء الإيراني إنه جرى اعتقال 29 شخصا بتهم تنطوي على عقوبة الإعدام. وذكرت السلطات القضائية الأحد أنها اعتقلت سبعة أشخاص آخرين من بينهم نائب سابق لمحافظ البنك المركزي وخمسة متعاملين في العملة.
وقرر مجلس حكومي يقوده الرئيس الإيراني حسن روحاني ويضم رئيسي السلطة القضائية والبرلمان الأحد الرفع الجزئي لحظر مفروض على بيع العملة الأجنبية بالأسعار الحرة، مما يسمح لمكاتب الصرافة ببيع العملة بأسعار السوق غير الرسمية لأغراض مثل السفر إلى الخارج.
ويمثل ذلك تراجعا عن القرار الذي اتخذ في أبريل/نيسان بحظر تداول العملة بغير السعر البالغ نحو 42 ألف ريال للدولار.

الريال يحوم حول 100 ألف للدولار
الريال يحوم حول 100 ألف للدولار

وقبل الإعلان عن الإجراءات الجديدة، ارتفع الريال قليلا في السوق غير الرسمية، ليجري تداوله عند 98500 ريال للدولار، مقارنة مع 103 آلاف السبت، بحسب موقع بونكاست.كوم المتخصص في العملات.
وقال محافظ البنك المركزي الإيراني عبد الناصر همتي إن الخطة تعكس ثقة إيران بنفسها في مواجهة العقوبات الاميركية الوشيكة.
وقال في مقابلة بثها التلفزيون "هذا يظهر قوتنا. ففي نفس اليوم الذي تفرضون فيه العقوبات، نفتح اقتصادنا. ليس لدينا أي مشكلة، فلم يقلق شعبنا"؟
وقال همتي إن البنك المركزي سيسمح "بتعويم محكوم" لسعر صرف الريال وسيحاول تجنب استخدام الاحتياطي لدعم العملة.
وأضاف "سيحاول البنك المركزي ألا يتدخل في تحديد سعر العملات الصعبة وهو ما يحدده العرض والطلب لكن رقابة البنك ستمنع (تقلبات السوق) الخارجة عن السيطرة وظهور سوق سوداء".
ولتشجيع الإيرانيين على إعادة ضخ سيولتهم من العملة الصعبة في الاقتصاد، تسمح الخطة للبنك المركزي بإنشاء حسابات ادخارية بالدولار للمواطنين العاديين، بحسب ما ذكره التلفزيون الرسمي.
كما سيُسمح لمصدري السلع غير النفطية ببيع العملة الصعبة إلى المستوردين، في حين لن يكون هناك سقف لتدفقات العملة أو الذهب الداخلة إلى البلاد.
ونقل التلفزيون عن بيان حكومي بخصوص الخطة الجديدة القول إن من المقرر توفير العملة الصعبة بسعر مدعم لشراء السلع الأساسية والدواء.
وفي يوليو/تموز، فتحت إيران سوق صرف ثانوية لمستوردي السلع غير الأساسية ممن ليسوا مؤهلين للحصول على السعر المميز من البنك المركزي.