
إيران تعلن الحرب على المعارضة الكردية في كردستان العراق
طهران - تعتزم إيران مواصلة هجماتها في كردستان العراق ضد المجموعات المسلحة التابعة للمعارضة الكردية الإيرانية التي تصفها طهران بـ"الإرهابية"، وفق ما أعلن الحرس الثوري الإيراني في وقت متأخر من مساء أمس الخميس، بينما يأتي هذا التصعيد فيما تستمر الاحتجاجات في عشرات المدن الإيرانية رغم حملة قمع أسفرت حتى الآن عن مقتل عشرات المتظاهرين.
ويبدو أن التصعيد ضد المجموعات الكردية الإيرانية في شمال العراق يأتي لتخفيف الضغط الداخلي وللفت الانتباه عن آلة القمع التي حصدت بحسب منظمات غير حكومية أكثر من 70 شخصا في حصيلة مرشحة للارتفاع. ومنذ ذلك الحين اعتقلت السلطات الإيرانية أكثر من ألف شخص في جميع أنحاء البلاد.
وقتل 13 شخصا على الأقل وجرح نحو خمسين آخرين بينهم نساء وأطفال، في ضربات إيرانية بصواريخ وطائرات مسيرة الأربعاء في كردستان العراق حيث توجد مقار مجموعات معارضة كردية إيرانية تخوض تاريخيا تمردا مسلحا ضد طهران على الرغم من تراجع أنشطتها في السنوات الأخيرة.
وتأتي هذه الضربات في أجواء توتر في إيران حيث تجري تظاهرات ليلية يوميا في البلاد منذ وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاما) بعدما اعتقلتها شرطة الأخلاق في 16 سبتمبر/ايلول.
وندد العراق بالهجمات الصاروخية الإيرانية على شماله بوصفها بأنها انتهاك لسيادته ملوحا بإجراءات دبلوماسية اكبر ما لم توقف طهران عدوانها على كردستان، لكن إيران التي تمتلك نفوذا واسعا في الساحة العراقية وتدير ميليشيات شيعية عراقية مدججة بالسلاح لا تلقي بالا للتنديد العراقي وتتجاهل الوعيد بالتصعيد الدبلوماسي.
وقال الحرس الثوري في بيان إنه "شن سلسلة عمليات ضد قواعد ومقرات إرهابية في شمال العراق باستخدام صواريخ من جميع الأنواع وطائرات مسيرة قتالية وطائرات مسيرة انتحارية".
وأكد أن "هذه العمليات ستستمر حتى نزع سلاح الجماعات الإرهابية"، داعيا الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان إلى "تحمل مسؤولياتهما بالمزيد من الجدية تجاه إيران كجارة".
واتهم الحرس الثوري المجموعات الكردية المتمركزة في العراق بـ"مهاجمة إيران والتسلل إليها لزعزعة الأمن وإثارة أعمال شغب ونشر اضطرابات".
وأثرت هذه الاحتجاجات وهي الأكبر منذ 2019 خصوصا على المجتمعات الكردية في غرب إيران التي تربطها علاقات وثيقة مع المناطق التي يقطنها الأكراد في العراق.
وتوجد في إقليم كردستان العراق مقار أحزاب وتنظيمات معارضة كردية إيرانية يسارية خاضت تاريخيا تمردا مسلحا ضدّ النظام في إيران، غير أن أنشطتها العسكرية تراجعت في السنوات الأخيرة، إذ يسعى إقليم كردستان العراق إلى تجنب أي خلافات دبلوماسية مع الجارة النافذة إيران.
لكن هذه التنظيمات لا تزال تنتقد بشدّة الوضع في إيران على وسائل التواصل الاجتماعي، عبر مشاركة مقاطع فيديو للتظاهرات التي تشهدها إيران حاليا منذ وفاة الشابة مهسا أميني منتصف سبتمبر/ايلول بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق.

وحينما بدأ القصف في إقليم كردستان العراق، استقلّت الممرضة ريزان حسن سيارة إسعاف وهرعت لمساعدة الجرحى في كويسنجق، لكنها لم تكن تعلم أن خطيبها، المقاتل في صفوف المعارضة الكردية الإيرانية، كان بين القتلى.
وتروي ريزان البالغة من العمر 22 عاما وتعمل ممرضة في مستشفى في حيّ للاجئين الإيرانيين في كويسنجق "عندما سمعنا القصف، ذهبنا بسيارات الإسعاف إلى المواقع المستهدفة من أجل مساعدة الناس"، مضيفة "قمنا بنقل بعض النساء والأطفال إلى أماكن بعيدة عن القصف من أجل سلامتهم".
وأدركت ريزان أن خطيبها محمد، كان في المكان لدى وقوع الضربات، وهو مقاتل في الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني. وتقول "اتصلت به ولم يجب، ثم عاودت الاتصال به مرة ثانية. أجابني شخص وقال لي إنه يقود السيارة، لكنني شعرت بأنه يكذب".
وفي منزل أهلها، تستقبل ريزان التي اتشحت بالسواد الأصدقاء والأقرباء من المعزين وإلى جانبها جلست والدتها التي لم تتمكّن من حبس دموعها وهي تقول "كنا على وشك الحصول على منزل في المخيم".
ويعرض والدها صور حفل الخطوبة على هاتفه: ريزان إلى جانب محمد، تغطّي شعرها بوشاح وردي، مبتسمة وهو بثياب كردية تقليدية رمادية. وفي صورة أخرى، يظهران بثياب عسكرية ومحمد يحمل رشاشا على كتفه.
ويمسح قادر بابيري دموعه وهو يتكئ على أريكة خلال مشاركته في عزاء صديقه عثمان المقاتل مثله في الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني. وأقيم العزاء في منزل أحد رفاقه في وسط مدينة كويسنجق.
وحينما قصفت طهران، كان بابيري في بيته القريب من مقر الحزب. لم يصب الرجل بأذى لكن بيته تعرض لأضرار.
ويروي الرجل السبعيني ذو الشارب الأبيض "كنت في البيت وسمعت صوتا قويا. قلت لأولادي حينها: ضربونا ضربة ثانية. الضربة الثانية كانت قريبة من بيتي".
وتضرر البيت وانهارت نوافذه وأبوابه وكذلك الأجهزة الكهربائية بعد إصابته بصاروخ كما يقول الرجل.
واتهم مسؤول في الحرس الثوري الإيراني مؤخرا التنظيمات المعارضة الموجودة في إقليم كردستان بأنها مسؤولة عن "أعمال الشغب" في إيران. وقال الحرس الثوري الأسبوع الماضي إن تلك التنظيمات عبرت الحدود "في السنوات الأخيرة" للقيام بهجمات.
وفي العام 2018 كذلك، قتل 15 شخصا بضربات صاروخية إيرانية استهدفت مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني في كويسنجق.
وهجر كامل غفوري إيران إلى كردستان العراق قبل 18 عاما. ويقول هذا المقاتل في الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني "نحن كشعب، ليست لدينا حقوق في إيران. القراءة والكتابة بلغتنا ممنوعة". ولا يخفي الرجل الذي جلس على الأرض وسلاحه بجانبه، تأييده للتظاهرات في إيران.
ويقول غفوري البالغ من العمر 43 عاما "أتمنى أن تستمر التظاهرات. استمرارها ضمان لسقوطهم"، في إشارة إلى النظام في إيران، مضيفا "انتهى زمن الخوف".
وطال القصف في كويسنجق، التي تسمّى كذلك كوية وتقع شرق أربيل، مدرسة لتلاميذ من اللاجئين الإيرانيين، بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف).
وقالت المنظمة في بيان ليل الأربعاء "جرح طفلان على الأقلّ وقتلت امرأة حامل، بحسب المعلومات الأولية".
وفارقت المرأة الحامل الحياة في المستشفى إثر نزيف داخلي، بحسب القناة الكردية رووداو. كما فارق رضيعها الحياة بعدما ولدته، ليل الخميس، وفق السلطات المحلية.