
إيران تعود للتشدد في مواجهة تمرد نسائي على الحجاب
طهران - حثّت السلطة القضائية الإيرانية جهاز الشرطة على التشدد في تطبيق قانون الحجاب الإلزامي، في خطوة تأتي في غمرة احتجاجات لم تهدأ منذ منتصف سبتمبر/أيلول الماضي على خلفية وفاة الفتاة الكردية الإيرانية مهسا أميني بعد احتجازها من قبل شرطة الأخلاق بتهمة عدم التزامها بضوابط ارتداء الحجاب.
وأفادت وكالة 'مهر' الإيرانية بأن مساعد المدعي العام أبوالصمد خرم آبادي أكد أنه "بتوجيه من المدعي العام تلقت الشرطة مؤخرا أمرا يقضي بمعاقبة صارمة لكل من تخالف قانون وضع الحجاب في البلاد".
وشدد على أن عدم ارتداء الحجاب يُعتبر مخالفة صريحة، داعيا قوات حفظ النظام إلى إيقاف أي امرأة ترتكب المخالفة وتقديمها إلى السلطات القضائية من أجل أن تسلط عليها العقوبة المناسبة.
ويلزم القانون الإيراني النساء سواء كن إيرانيات أو أجنبيات بارتداء الحجاب، لكن إثر اندلاع الاحتجاجات تمردت كثير من النساء على هذا القانون وصرن يخرجن إلى الشوارع عاريات الرأس دون أن تتم ملاحقتهن من طرف الشرطة أو التنبيه عليهن.
وشنت الشرطة مؤخرا حملات انتهت بغلق عدد من المقاهي لفترة مؤقتة بدعوى عدم التزام روّادها من الشابات بوضع الحجاب، كما عادت قوات الشرطة إلى تحذير أصحاب السيارات من تبعات عدم التزام نساء على متنها بقواعد اللباس الصارمة ومن ضمنها وضع الحجاب.
ويتلقى سائقو السيارات في إيران منذ عام 2020 رسائل نصية قصيرة على هواتفهم الجوالة تهددهم بالتتبعات القضائية في حال رصدت الشرطة مخالفة لقواعد اللباس من طرف راكباتها، لكن هذه الرسائل أتت خلال الآونة الأخيرة خالية من التلويح بإجراءات قضائية.
وأكد آبادي أن التوجيهات الجديدة التي أصدرها رئيس السلطة القضائية تدعو المحاكم إلى إدانة كل المخالفات وتسليط غرامة مالية عليهن مع عقوبات إضافية مثل الإبعاد ومنع مزاولة بعض الأعمال وتصل إلى حد إغلاق مكان العمل.
وتعيش إيران احتجاجات عارمة منذ منتصف سبتمبر/أيلول بعد وفاة الشابة أميني التي أوقفتها شرطة الأخلاق بسبب عدم التزامها بالقواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية.
وسارعت السلطات الإيرانية إلى قمع الاحتجاجات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للنظام ولم تتورع عن استخدام الرصاص الحي ولجأت إلى توقيفات واسعة النطاق شملت نحو 14 ألف شخص.
وقالت منظمة حقوق الإنسان في إيران ومقرها النرويج إن 448 شخصا على الأقل بينهم نحو 60 تقل أعمارهم عن 18 عاما و29 امرأة قتلوا في جميع أنحاء البلاد بأيدي قوات الأمن خلال قمع التظاهرات.
وأشارت تقارير إلى أن النظام الإيراني لا يزال وفيّا لنهجه القمعي في التعامل مع الاحتجاجات، عازفا على وتر تدهور الوضع الاقتصادي لإقناع المتظاهرين بضرورة الكف عن الاحتجاجات وتحميلهم مسؤولية الأزمة.

وتؤكد التطورات الأخيرة زيف "رواية" حل شرطة الأخلاق، فبعد احتجاب مؤقت لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصدر النظام الإيراني مؤخرا تحذيرا جديا لمخالفات قانون اللباس الصارم، مهددا بتسليط عقوبات شديدة على النساء اللواتي يخلعن الحجاب.
ويُفسّر تراجع حدة المظاهرات بتواصل القمع بوتيرة أكبر، بينما تجاهلت طهران كل التحذيرات الدولية وأدارت ظهرها للضغوط الغربية.
وتكبد الاقتصاد الإيراني خسائر فادحة إذ تراجعت العملة الإيرانية بنحو 40 في المئة وارتفع التضخم بنسبة 50 في المئة خلال الأربعة أشهر الأخيرة من العام الماضي.
قتل بتفويض من الدولة
وفي سياق متصل بالاحتجاجات أدانت الأمم المتحدة استخدام النظام الإيراني عقوبة الإعدام لبث الرعب في صفوف المحتجين.
وقال فولكر تورك مفوض حقوق الإنسان في الأمم المتحدة إن "الحكومة الإيرانية تستخدم عقوبة الإعدام كسلاح لنشر الخوف بين المواطنين والقضاء على المعارضة"، واصفا الإعدامات بأنها "تصل إلى حد عمليات قتل بتفويض من الدولة".
وتابع في بيان "تحويل الإجراءات الجنائية إلى سلاح لمعاقبة الشعب على ممارسة حقوقه الأساسية، مثل أولئك الذين شاركوا في المظاهرات أو نظموها، يصل إلى حد القتل بتفويض من الدولة".
وأعدمت إيران رجلين شنقا يوم السبت إثر اتهامهما بقتل أحد أفراد الأمن خلال الاحتجاجات وصدرت أحكام بالإعدام على آخرين.
وأعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تلقيه معلومات تفيد بقرب إعدام شخصين آخرين.
وأعلن القضاء إصدار أحكام بالإعدام بحق 17 شخصا أدينوا بالاعتداء على عناصر أمن خلال الاحتجاجات وتم تنفيذ أربعة من هذه الأحكام وصادقت المحكمة العليا على حكم بإعدام اثنين آخرين. وبإمكان خمسة محكومين بالإعدام استئناف العقوبة، بينما أمرت المحكمة العليا بإعادة محاكمة ستة آخرين.
وأعدمت إيران أكثر من 500 شخص عام 2022، في حصيلة تفوق عدد الإعدامات خلال عام 2021، وفق ما أفادت منظمة "هيومن رايتس إيران".
وقال مدير المنظمة محمود أميري مقدم إن "عقوباتهم تفتقر إلى الشرعية القانونية"، مضيفا أن "هذه الإعدامات هدفها بثّ الخوف في المجتمع وصرف انتباه الرأي العام عن فشل جهاز الاستخبارات الإيرانية".
وأعربت منظمات غير حكومية عن قلقها حيال عدد النساء اللواتي يتمّ إعدامهنّ في إيران وهنّ غالبا مُدانات بقتل أزواجهنّ أو أقرباء لهنّ في إطار حالات عنف أسري. وقدّرت منظمة "هيومن رايتس إيران" أن عدد النساء اللواتي أُعدمن هذا العام هو الأعلى منذ خمس سنوات.