إيران تهنئ جونسون في مجاملة دبلوماسية ملغومة

وزير الخارجية الإيراني يحذّر رئيس الوزراء البريطاني الجديد من الاصطفاف إلى جانب واشنطن ضد طهران مع تصاعد التوتر مع لندن على خلفية احتجاز إيران ناقلة نفط تحمل علم بريطانيا في هرمز.  

روحاني وظريف هنآ جونسون بالتحذير والوعيد
جونسون معروف بنهجه الصدامي على غرار ترامب
جونسون لم يعلن موقفا صارما من احتجاز طهران ناقلة نفط بريطانية

طهران - حذرت طهران الثلاثاء بوريس جونسون بعد أن انتخب رئيسا جديدا لوزراء بريطانيا خلفا لرئيسة الوزراء المستقيلة تيريزا ماي، مؤكدة أنها تنوي حماية مياه الخليج في أزمة احتجاز ناقلات النفط بين البلدين.

وقال ظريف في تغريدة "أهنئ نظيري السابق بوريس جونسون الذي أصبح رئيس وزراء بريطانيا"، مضيفا "لدينا سواحل بطول 1500 ميل (أكثر من 2400 كلم) على الخليج الفارسي (التسمية الإيرانية للخليج العربي). هذه مياهنا وسوف نحميها".

ولا تخرج التهنئة الإيرانية لجونسون عن سياق المجاملة الدبلوماسية إلا أنها تأتي في ظرف دقيق مع تصاعد التوتر في الخليج بفعل الانتهاكات الإيرانية للقانون الدولي وتهديد الحرس الثوري لحرية وأمن الملاحة البحرية باحتجاز ناقلة نفط بريطانية في مضيق هرمز.

وتحتمل المجاملة الدبلوماسية أكثر من تأويل حيث تسعى طهران للتهدئة وحل الأزمة مع بريطانيا والدفع في نهاية المطاف للافراج عن ناقلتها المحتجز في جبل طارق مقابل افراجها عن الناقلة البريطانية في محاولة ابتزاز باتت معروفة في تعاطي إيران مع مثل هذا الوضع.

وتابع أن "إيران لا تريد المواجهة"، لكن قرار حكومة ماي احتجاز ناقلة 'غريس 1' الإيرانية في مياه جبل طارق "بأمر من الولايات المتحدة هو فعل قرصنة واضح بكل بساطة".

وأرفق ظريف تغريدته بفيديو يقول فيه "نحن مسؤولون عن أمن وحرية الملاحة في الخليج الفارسي"، مؤكدا أنه "من الأفضل فعلا ألا تقحم المملكة المتحدة نفسها في تنفيذ مؤامرات" واشنطن وإسرائيل ضد إيران.

وكان موقع الحكومة الإيرانية الالكتروني نشر في وقت سابق تصريحات مماثلة للرئيس حسن روحاني خلال اجتماع مساء الاثنين في طهران مع رئيس الحكومة العراقي عادل عبدالمهدي.

وقالت وزارة النفط العراقية اليوم الثلاثاء إن إيران طمأنت العراق بشأن حرية الملاحة الدولية في مضيق هرمز، مضيفة في بيان أن إيران أبلغت عبدالمهدي بذلك خلال زيارته لطهران أمس الاثنين.

وقال البيان إن الرئيس الإيراني أعطى تطمينات للوفد العراقي بشأن ضمان حرية الملاحة في الخليج ومضيق هرمز واحترام القانون الدولي الذي يكفل ذلك.

وتشهد منطقة الخليج الإستراتيجية فترة جديدة من التوتر تصاعدت حدته بين طهران وواشنطن نتيجة الانسحاب الأميركي في مايو/ايار 2018 من الاتفاق النووي الموقع في فيينا عام 2015.

ومنذ ذلك التاريخ زادت عمليات تخريب وهجمات على سفن في الخليج نسبتها واشنطن لطهران التي تنفي تورطها وإسقاط إيران طائرة مسيرة أميركية، حدة التوتر.

وردا على قيام السلطات البريطانية باحتجاز ناقلة نفط إيرانية قبالة جبل طارق، احتجزت طهران الجمعة الماضي ناقلة النفط السويدية 'ستينا امبيرو' التي ترفع العلم البريطاني، ما زاد الأزمة في الخليج تعقيدا. وبريطانيا من الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على اتفاق فيينا.

وأعلنت طهران الثلاثاء عن "اجتماع استثنائي" في فيينا يعقد الأحد المقبل يضم ألمانيا والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا وإيران في مسعى جديد لإنقاذ الاتفاق حول النووي الإيراني.

وأعلن الاتحاد الأوروبي الذي سيترأس الاجتماع أنه سيعقد بناء لطلب باريس وبرلين ولندن وطهران.

ويأتي هذا التطور بينما قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان إن بلاده تعمل مع عواصم أوروبية على تحسين الأمن البحري في الخليج، لكنه لم يصل إلى حد دعم دعوة بريطانيا إلى تشكيل قوة بحرية لضمان أمن الملاحة في المنطقة.

وأضاف لو دريان أمام أعضاء البرلمان اليوم الثلاثاء أن تهدئة التوتر ضرورية بعد أيام من احتجاز إيران لناقلة النفط التي ترفع علم بريطانيا في مضيق هرمز، في واقعة وصفتها لندن بأنها "قرصنة دولة".

وقال "لذلك فنحن نعمل على تأسيس مبادرة أوروبية مع بريطانيا وألمانيا، لضمان وجود مهمة لمراقبة الأمن البحري في الخليج".

إيران تريد مقايضة ستينا أمبيرو البريطانية بناقلتها غريس 1 المحتجزة في جبل طارق
إيران تريد مقايضة ستينا أمبيرو البريطانية بناقلتها غريس 1 المحتجزة في جبل طارق

ومن شأن التصعيد الأخير أن يلقي بظلال ثقيلة على الاجتماع المرتقب في فيينا وسط توقعات بأن يخيم التوتر على النقشات المنتظرة لإنقاذ الاتفاق النووي.

وبموجب اتفاق فيينا تعهدت طهران بعدم حيازة السلاح النووي وكبح برنامجها النووي والخضوع لعمليات تفتيش صارمة لقاء تخفيف العقوبات الدولية التي كانت تخنق اقتصادها.

وتلقى اتفاق فيينا ضربة قوية عندما انسحبت منه واشنطن في العام الماضي وأعادت فرض عقوبات على إيران في إطار سياسة "العقوبات القصوى" لإجبارها على التفاوض على اتفاق جديد يريده الرئيس دونالد ترامب "أفضل" من السابق، فيما أعلنت طهران أنها ترفض التفاوض تحت الضغط.

كما تلقى الاقتصاد الإيراني ضربة قوية جدا أيضا بعد إعادة فرض العقوبات، فقد حرمت طهران من الاستفادة من المكاسب الاقتصادية التي وردت في الاتفاق النووي.

ولإبقاء التزامها بالاتفاق تصر إيران على الدول الأوروبية خاصة المشاركة في التوقيع على الاتفاق النووي (بريطانيا وألمانيا وفرنسا) اتخاذ إجراءات تتيح لها الالتفاف على العقوبات الأميركية.

وردا على العقوبات الأميركية وبغية حض الأوروبيين على التحرك بدأت إيران تتنصل من بعض التزاماتها الواردة في الاتفاق النووي.

وبذلك لم تعد طهران تتقيد بكمية اليورانيوم المخصب التي يحق لها امتلاكها وهي 300 كلغ، كما زادت من تخصيب اليورانيوم في منشآتها لتتجاوز نسبة 3.67 بالمئة الواردة في الاتفاق.

وهددت طهران بخطوات إضافية في هذا الإطار مطلع سبتمبر/ايلول المقبل ما لم يتم التجاوب مع مطالبها، لكن الشركاء الأوروبيين يواصلون حض إيران على الاستمرار بالالتزام بالاتفاق.

وأعلن وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت الاثنين عزم بلاده على إنشاء "قوة حماية بحرية بقيادة أوروبية بأسرع وقت ممكن" لضمان حرية الملاحة في مياه الخليج.

وحرص على التأكيد بأن هذا الأمر "ليس جزءا من سياسة الولايات المتحدة بفرض الضغوط القصوى على إيران لأننا لا نزال متمسكين بالاتفاق النووي".

وقال قائد البحرية الإيرانية في مقابلة نشرت الثلاثاء إن إيران تراقب عن كثب "جميع السفن العدوة" التي تعبر مياه الخليج باستخدام الطائرات المسيرة.

فيينا تستضيف اجتماعا استثنائيا يضم ألمانيا والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا وإيران في مسعى جديد لإنقاذ الاتفاق النووي وسط تصاعد التوتر بين طهران من جهة وواشنطن ولندن من جهة ثانية

ونقلت وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء عن الأميرال حسين خانزادي قوله "نراقب جميع السفن العدوة وخصوصا الأميركية، نقطة بنقطة من مصدرها حتى اللحظة التي تدخل فيها المنطقة"، مضيفا "لدينا صور كاملة وارشيف كبير من التحركات اليومية لحظة بلحظة لقوات التحالف وأميركا".

وقال رئيس الدفاع المدني غلام رضا جلالي إن احتجاز الناقلة التي ترفع العلم البريطاني يؤذن "بنهاية الحكم البريطاني في البحار".

وقال متحدث باسم الخارجية الإيرانية الثلاثاء إن نائب وزير الخارجية عباس عراقجي في طريقه إلى فرنسا حيث من المقرر أن ينقل رسالة من روحاني إلى نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون.

وكان روحاني وماكرون تحادثا مرارا هاتفيا خلال الأسابيع القليلة الماضية والتقى ايمانويل بون كبير مستشاري الرئيس الفرنسي بالرئيس الإيراني في طهران في التاسع من يوليو/تموز.

ونشر التلفزيون الإيراني الثلاثاء صورا لطاقم الناقلة ستينا امبيرو المحتجزة في مرفأ بندر عباس ويظهر فيها 23 رجلا غالبيتهم من الهند يجلسون حول طاولة.