إيران تُوسط عبدالمهدي لتهدئة التوتر مع السعودية

الجهود التي يقودها عادل عبدالمهدي لتهدئة التوتر في المنطقة محكوم عليها بالفشل لاعتبارات منها أنه ليس طرفا محايدا ولأن وساطات قادتها سلطنة عمان وأطراف دولية أخرى انتهت إلى طريق مسدود.
عبدالمهدي يتوسط بين طهران والرياض لإيجاد مخرج للمأزق الإيراني
طهران تتحسب لردّ فعل دولي قاس على هجوم أرامكو
العراق يتوجس من أن يتحول لساحة حرب بالوكالة
عبدالمهدي عبر مرارا عن دعم العراق لكل جهود تهدئة التوتر
مصادر ترجح أن تكون طهران حملت عبدالمهدي رسالة للرياض
السعودية تعيد ترتيب العلاقات مع العراق بعد غياب عن الساحة العراقية
حرص سعودي على كبح التغلغل الإيراني في مفاصل الدولة العراقية

جدّة/بغداد - قال مصدر سياسي عراقي اليوم الأربعاء إن رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي الذي يقوم بزيارة خاطفة للسعودية هي الثانية خلال خمسة أشهر، يحمل مقترحا لتهدئة التوتر بين الرياض وطهران بموافقة من الأخيرة، فيما رجحت مصادر أخرى أن تكون إيران هي من حمّلت عبدالمهدي رسالة للتهدئة وسط مخاوف من ردّ دولي قاس على هجومها على منشأتين لأرامكو.

ولم يكن العراق الطرف الوحيد الذي يسعى للتوسط في حل الأزمة الحالية فقد سبقته كل من سلطنة عمان التي أرسلت وزير خارجيتها يوسف بن علوي إلى طهران في ذروة التوتر الأميركي الإيراني وكذلك اليابان التي زار رئيس وزراءها العاصمة الإيرانية وفرنسا التي قادت بدورها جهودا في هذا الاتجاه وألمانيا التي أوفدت وزير خارجيتها للجمهورية الإسلامية، لتنتهي كل الجهود إلى طريق مسدود.

ومع فشل الوساطات السابقة، فإن وساطة عبدالمهدي سواء كانت بمبادرة شخصية أو بإيعاز من إيران، فإنه محكوم عليها بالفشل لسبب أساسي هو أن رئيس الوزراء العراقي ليس طرفا محايدا في الأزمة بين طهران والرياض وإن أعلن ادانته للهجوم على منشأتي أرامكو.

ويقول متابعون للشأن العراقي إن عبدالمهدي لن يكون بمقدوره إقناع السعودية بالجلوس إلى طاولة الحوار مع إيران وأن المملكة أعلنت موقفها من هذه المسألة مرارا بأن أكدت أن على طهران التخلي عن أنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة والتوقف عن تمويل ودعم وكلائها في المنطقة بما فيها الفصائل الشيعية العراقية المنضوية حاليا تحت لواء الحشد الشعبي.

وأجرى رئيس الوزراء العراقي اليوم الأربعاء مباحثات مع العاهل السعودي الملك سلمان عبدالعزيز تركزت على التطورات الأخيرة في المنطقة وعلى رأسها الهجوم الإيراني على منشأتي نفط سعوديتين في 14 سبتمبر/أيلول وكذلك تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين.

ووصل عبدالمهدي إلى السعودية في زيارة قصيرة لساعات، وفق ما أعلن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، فيما تأتي هذه الزيارة مع تصاعد التوتر في المنطقة بدفع من أنشطة إيرانية تخريبية.

ونقلت وكالة الأنباء العراقية اليوم الأربعاء عن نائب رئيس الوزراء السابق بهاء الأعرجي قوله، إن دولا إقليمية (لم تسمها) طلبت من عبدالمهدي زيارة السعودية ضمن جهود وساطة  لتهدئة التوتر وحل الأزمة في المنطقة.

وهو ما أكده أيضا مصدر مقرب من رئيس الحكومة العراقية، قال إن عبدالمهدي سيطرح خلال زيارته للرياض مقترحا للحوار مع إيران وأن طهران أبلغته بموافقتها على هذا المقترح.

ورجحت مصادر أخرى أن تكون إيران هي من طلب من عبدالمهدي التوسط لتهدئة التوتر على ضوء التداعيات الخطيرة التي ستترتب على عدوانها الأخير على منشأتين لأرامكو.

وذكرت قناة 'روسيا اليوم' نقلا عن المصدر الذي قالت إنه مقرب من عبدالمهدي أن المقترح الذي يحمله الأخير يشمل الطلب من السعودية الجلوس إلى طاولة الحوار مع إيران لتهدئة التوتر في المنطقة.

ووجد العراق نفسه في قلب التوتر الحالي لارتباطه بعلاقات وثيقة مع واشنطن وطهران وأيضا لموقعه الجغرافي حيث تجمعه حدود ممتدة مع كل من إيران والسعودية.

وتشير زيارة عبدالمهدي إلى السعودية في توقيتها ومضامينها إلى مخاوف جدية من أن تتحول الساحة العراقية إلى ساحة مواجهة بالوكالة، فيما يسعى رئيس الوزراء العراقي لنزع فتيل التوتر حتى لا يمتد لبلاده، إلا أنها تشير ايضا إلى أن طهران تستشعر ردّا دوليا قويا على أنشطتها الإرهابية وأن الاعتداء على منشآت أرامكو قد لا يمرّ بسلام. 

عبدالمهدي يلتقي العاهل السعودي الملك سلمان
كل جهود الوساطة السابقة انتهت إلى طريق مسدود

وعلى إثر العدوان الإيراني على منشأتي أرامكو، نفى العراق أن يكون الهجوم قد شنّ من أراضيه، مؤكدا أنه لا يسمح لأي دولة باستخدام أراضيه للعدوان على دولة أخرى، فيما دعا سياسيون عراقيون طهران لتفسير مقنع وواضح في شأن الاتهامات الأميركية السعودية لطهران بتنفيذ الاعتداء الذي يعتبر الأسوأ وتسبب في توقف مؤقتا لنصف الإنتاج السعودي من النفط.

وكان تقييم أميركي سعودي قد أشار إلى أن الهجوم نفّذ من قاعدة إيرانية على الحدود العراقية بصواريخ كروز وبإسناد من طائرات مسيرة، وأن الصواريخ عبرت الأجواء العراقية قبل أن تلتف مغيرة مسارها لتمر عبر الأجواء الكويتية بغرض التمويه عن مصدره.

وعبر سياسيون عراقيون عن مخاوفهم من أن يتحول العراق إلى ساحة حرب بالوكالة، حيث تتمتع إيران بنفوذ قوي في الأراضي العراقية ممثلا أساسا بالميليشيات الشيعية المسلحة التي تدين لها بالولاء.  

ووفق وكالة الأنباء السعودية فإن "الملك سلمان عقد جلسة مباحثات رسمية مع رئيس الوزراء العراقي الذي وصل البلاد اليوم (الأربعاء) في زيارة" هي الثانية خلال 5 أشهر.

وجرى خلال اللقاء "استعراض مستجدات الأحداث في المنطقة بما في ذلك الاعتداء التخريبي الذي تعرضت له منشآت نفطية في بقيق وخريص مؤخرا"، في إشارة لحادث استهداف شركة أرامكو.

وأكد عبدالمهدي تضامن بلاده مع المملكة وحرصها على أمن السعودية واستقرارها، فيما بحث الجانبان أيضا "تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات ومواصلة التشاور والتنسيق في كل ما يخدم أمنهما ومصالحهما المشتركة".

وكان رئيس الوزراء العراقي زار في أبريل/نيسان الماضي السعودية مرفوقا بوفد كبير، بهدف تعزيز العلاقات السياسية والتجارية.

وتشهد المنطقة توترا بين طهران من جهة والولايات المتحدة والسعودية من جهة أخرى بعد هجمات استهدفت منشأتي نفط لشركة آرامكو، حملت واشنطن إيران مسؤوليتها، فيما نفت الأخيرة أي صلة لها بالهجمات وهددت بالرد في حال تم استهدافها عسكريا.

وقبل هجوم 14 سبتمبر/أيلول، تعرضت 6 ناقلات نفط في مضيق هرمز وبحر عمان لعمليات تخريب، قالت واشنطن ودول خليجية إنها من تدبير طهران.

وتعمل السعودية على استعادة العراق وإعادته لحضنه العربي وكبح التغلغل الإيراني في مفاصل الدولة العراقية.

ووقعت الرياض وبغداد في الفترة الماضية العديد من الاتفاقيات التجارية والاقتصادية وسط حراك مكثف لاستعادة زخم العلاقات.

وأتاح الغياب العربي عن الساحة العراقية بعد الغزو الأميركي للعراق في 2003، لإيران التغلغل والتمدد في العراق.