إيران لا ترى تعارضا بين قصف أربيل والالتزام بسيادة العراق
طهران – اكتفت السلطات الإيرانية بتصريح للمتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية ناصر كنعاني، لتبرير قصفها لمدينة أربيل في كردستان العراق، بعد موجة غضب واسعة في البلاد واستنكار للعدوان الإيراني على السيادة الوطنية وخروج مظاهرات في الإقليم، مع بقاء الرد الرسمي لبغداد ضمن الإدانة والتلويح بالتوجه لمجلس الأمن في خطوة يشكك بها الكثيرون.
وقال كنعاني الإثنين بعد أسبوع على العدوان الإيراني على مدينة أربيل إن القصف "لا يتعارض" مع سيادة العراق، وأضاف في مؤتمر صحفي، أن "تحرك ايران في أربيل لا يتعارض مع سيادة العراق ووحدة أراضيه بل كان عقابا للمعتدين على أمن إيران"، وتابع "إن التزامنا بأمن العراق وسيادة العراق وسلامته الإقليمية هو التزام مثبت بالكامل ولا يحتاج إلى التحقق". ولفت الى ان "إيران لن تتوانى عن الدفاع عن أمنها والعلاقات الإيرانية العراقية قوية ومتينة وهناك تعاون ثنائي بين البلدين على مختلف الأصعدة".
وليل الاثنين من الاسبوع الماضي، شن الحرس الثوري الإيراني قصفاً عنيفاً بصواريخ باليستية استهدف بها مناطق مدنية في مدينة اربيل، مما أدى الى سقوط 10 مدنيين بين ضحية وجريح. وقال في بيان، إنها جاءت "ردًا على جرائم النظام الصهيوني ضد الجمهورية الإسلامية والتي كانت آخرها مقتل عدد من قادة الحرس بنيران صهيونية تم استهداف مقر تجسسي رئيسي للموساد في إقليم كردستان العراق وتم تدميره بالصواريخ الباليستية".
شكوك بشأن جدية شكوى الحكومة العراقية إيران إلى مجلس الأمن الدولي إذ أن الصراع الإيراني والاسرائيلي مستمر والعراق ضحيته نتيجة ضعف الحكومة العراقية وتغول الفصائل المسلحة التابعة لإيران في البلاد.
وردت حكومة الإقليم كردستان على تصريح كنعاني، وقال المتحدث باسمها پيشوا هورامي، في بيان إن "المتحدث باسم الخارجية الإيرانية وفي حديث للصحفيين حول قصف مدينة أربيل زعم وجود مقرات إسرائيلية في المدينة كمبرر للهجوم وأنه لا ليس انتهاكاً لسيادة العراق وإقليم كردستان".
وأضاف "الأمر محل استغراب فبالرغم من زيارة وفد الحكومة الاتحادية ومجلس النواب ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام لمنزل الضحية بيشرو دزيي حيث أن الكل شهد بأن الهجمة الصاروخية كانت جريمة بحق مدنيين، لكن مسؤولو إيران ما زالوا يصرون على مزاعمهم التي لا أساس لها ويفتخرون بالجريمة التي ارتكبوها بحق المواطنين في إقليم كردستان".
وتابع هورامي "الحديث النبوي (أخذته العزة بالإثم) ينطبق تماماً على مسؤولي إيران حيث يؤكدون على كلامهم غير الصحيح غير مبالين بالرأي العام العراقي والإيراني والإقليمي والعالمي". واعتبر أن "ما فعله الحرس الثوري الإيراني كان جريمة بحق المواطنين المدنيين في إقليم كردستان وانتهاكاً صارخاً لسيادة العراق وإقليم كردستان ومبادئ الجيرة والأعراف والاتفاقات الدولية".
وشدد على أنه "لا يمكن التغطية على هذه الجريمة بالأخبار المضللة وفبركة الصور ولا يمكن خداع الرأي العام العراقي والإيراني والإقليمي". واختم بالقول إن "السؤال الأساسي لوسائل الإعلام في الوقت الحالي هو أن صواريخ إيران الدقيقة تصل إلى أماكن ودول كثيرة تعتبرها إيران عدوة لها، لماذا تستهدف فقط المواطنين الأبرياء في إقليم كردستان، ولا يجرؤون على استهداف الدول التي تمتلك الأسلحة والصواريخ المتطورة ويجرؤون فقط على الأبرياء ومن لا يملكون السلاح؟".
وأكد مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، أكد بأن ادعاءات إيران باستهداف مقر للموساد في محافظة أربيل، لا أساس لها من الصحة، فيما أعربت وزارة الخارجية العراقية، عن استنكارها الشديد وإدانتها لـ"العدوان الإيراني" على مدينة أربيل، معلنة عن توجهها لتقديم شكوى لمجلس الأمن الدولي ضد إيران، غير أن محللين أعربوا عن شكوك بشأن جدية هذه الشكوى إذ أن الصراع الإيراني والاسرائيلي مستمر والعراق ضحيته نتيجة ضعف الحكومة العراقية وتغول الفصائل المسلحة التابعة لإيران في البلاد.
حكومة كردستان تتساءل لماذا لا تصل صواريخ إيران الدقيقة إلى أماكن ودول تعتبرها طهران عدوة لها ولماذا تستهدف فقط المواطنين الأبرياء في الإقليم ولا يجرؤون على استهداف الدول التي تمتلك الأسلحة والصواريخ المتطورة؟.
ووصف رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، القصف بأنه "عمل عدواني واضح"، مؤكداً عزم حكومته اتخاذ "إجراءات قانونية ودبلوماسية"، كما أمر بتشكيل لجنة تحقيقية مكوّنة من خمس شخصيات، على رأسهم مستشار الأمن القومي للتحقيق في حادث.
وأطلع وزير داخلية إقليم كردستان ريبر أحمد، والأعرجي الذي يترأس وفدا أمنيا رفيعا على مواقع القصف الذي شنه الحرس الثوري الإيراني على مناطق في مدينة أربيل والذي أسفر عن سقوط ضحايا وجرحى بين صفوف المدنيين. بينما اعتبر مجلس أمن إقليم كردستان، الاثنين القصف الصاروخي الذي شنّه الحرس الثوري الإيراني والذي استهدف به مناطق مدنية في مدينة اربيل "إنتهاكاً صارخاً لسيادة" الإقليم والعراق كافة.
وأدان وزراء دول عدة القصف الإيراني فيما أكد مستشار الأمن القومي الأميركي، أنه سيناقش هذا الاستهداف مع الرئيس جو بايدن لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على أمن الإقليم. وجاء ذلك، خلال لقاءات عدة عقدها رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني مع المسؤولين، على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا.
وانطلقت الاثنين، تظاهرة شعبية جمعت آلاف الأهالي في قضاء عقرة في محافظة دهوك والمناطق القريبة منها، حيث رفع المشاركون شعارات تستنكر الهجوم الإيراني على منزل أحد رجال الأعمال في مدينة أربيل. داعين الحكومة الاتحادية ودول التحالف إلى "التصدي لهذا العمل العدائي ومنع تكراره".
وتروج وسائل الإعلام الإيرانية لمعلومات وروايات تبرر فيها عدوانها وذكر موقع قناة "روداو" بإقليم كردستان في تقرير له عدة حالات لنشر الأكاذيب والمعلومات الخاطئة من قبل وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية "لتبرير الهجوم على أربيل".
ونشرت قناة "برس.تي.في" الإيرانية، الخميس، صورة مع زعم أنها تظهر بيشرو دزيي بجانب عميل إسرائيلي، لكن مراجعة الصورة من قبل القناة أظهرت أنه تم التلاعب بالصورة. ونشرت النسخة الأصلية من الصورة، والتي لا يوجد فيها أي أثر لبيشرو دزيي.
وكانت وسائل الإعلام الرسمية قد اتهمت دزيي، وهو رجل أعمال كردي من إقليم كردستان، بالتعاون مع الموساد. وقد قُتل دزيي مع ابنته وزوجته في هجوم الحرس الثوري الإيراني على أربيل.
ونشرت قناة "برس.تي.في" صورة أخرى تظهر بيشرو دزيي بجانب شخص يوصف بـ"الحاخام الصهيوني"، لكن النسخة الأصلية للصورة التي نشرها موقع "روداو" تظهر شخصا آخر. وأشار الموقع أيضا إلى مقطع فيديو مترجم إلى العربية يتحدث فيه ضيف في برنامج تلفزيوني إسرائيلي عن تواجد قوات بلاده في شمال العراق، لكن في الحقيقة حديثه يدور حول جراحة العيون بالليزر ولا علاقة له بإقليم كردستان.
كما نشرت حسابات مستخدمين تابعة للنظام الإيراني، صورة مفبركة باستخدام برنامج "فوتوشوب" تحمل شعار شبكة الجزيرة، يقول فيها أحد أعضاء المعارضة الإسرائيلية إن بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل، يجب أن يعترف بأنه فقد قوات فعالة ونشطة في هجوم الحرس الثوري الإيراني على أربيل، في حين أن الجزيرة، بحسب "روداو"، لم تنشر مثل هذا الشيء قط.