تثبيت أحكام بالسجن بحق المسيئين للذات الأميرية والدولة الكويتية

تأييد أحكام بالحبس على عدد من النواب السابقين، على خلفية تصريحات وتغريدات اعتُبرت تدخلًا في صلاحيات أمير البلاد أو إساءة إلى مسند الإمارة.

الكويت – حسم القضاء الكويتي واحدا من أكثر الملفات تعقيداً في المشهد العام بإصدار محكمة التمييز أحكامًا نهائية في عدد من القضايا المتعلقة بأمن الدولة، تضمنت تأييد أحكام بالحبس على عدد من النواب السابقين، على خلفية تصريحات وتغريدات اعتُبرت تدخلًا في صلاحيات أمير البلاد أو إساءة إلى مسند الإمارة، وذلك بعد سلسلة طويلة من المرافعات والتأجيلات القانونية.

وتصاعد خلال الأعوام الأخيرة الجدل حول تصريحات عدد من النواب التي عدت مسيئة لهيبة القضاء أو محرضة على الفتنة والإخلال بالنظام العام، وأثار استياءا واسعا.

وأيّدت المحكمة حكم حبس النائب السابق وليد الطبطبائي لمدة 4 سنوات، في قضية تتعلق بالطعن والتدخل في صلاحيات الأمير، وهي من أكثر القضايا إثارة للجدل، لما انطوت عليه من اتهامات بالتحريض السياسي وتجاوز الصلاحيات المرتبطة بالمسؤولية النيابية.

وتزامن ذلك مع حكم مماثل صدر بحق النائب السابق مساعد القريفة، الذي دين أيضاً بالسجن أربعة أعوام، في قضية شغلت الرأي العام، نتيجة ما ارتبط بها من وقائع تمس الخطاب السياسي داخل البلاد. واتهامه بالإساءة إلى مسند الإمارة والطعن بصلاحيات الأمير خلال حملته الانتخابية. والإساءة لوزير الداخلية.

كما قضت بحبس النائب السابق حمد العليان سنتين مع النفاذ، بعد رفضها الطعن المقدم منه على حكم الاستئناف القاضي بالامتناع عن النطق بعقابه، على خلفية تغريدات نشرها عبر منصة اكس (تويتر سابقا) اعتُبرت طعنًا بصلاحيات الأمير.

الحسم في الملفات القضائية يأتي انسجاما مع توجيهات أمير البلاد للمجلس الأعلى للقضاة بـ"سرعة البتّ في الخصومة وفصل الخطاب، وعدم رفع الجلسات لأبسط الأسباب".

وكان العليان قد طعن بحكم محكمة الاستئناف القاضي بإلغاء حكم محكمة أول درجة بحبسه سنتين مع الشغل والنفاذ، حيث قضى حكم ‏"الاستئناف" بالامتناع عن النطق بعقابه بكفالة 2000 دينار.

وفي قضية أخرى، أيّدت المحكمة حبس النائب السابق حسين القلاف سنتين مع الشغل، بتهمة الإساءة إلى مسند الإمارة، على خلفية منشور انتقد فيه إجراءات وزارة الداخلية بشأن تنظيم عمل الحسينيات وممارسة الشعائر الدينية للطائفة الشيعية.

وأيدت حبس النائب السابق أنور الفكر ثلاث سنوات، بعد رفض طعنه على حكم الامتناع عن النطق بالعقوبة، في قضية تدخل في صلاحيات الأمير، تتعلق بتصريحاته حول تعيين رئيس مجلس الوزراء.

وكانت محكمة الاستئناف قد ألغت حكم محكمة الجنايات القاضي بحبس الفكر لمدة 3 سنوات، وقضت مجدداً بالامتناع عن النطق بعقابه مع إلزامه بتقديم تعهد بحسن السير والسلوك لمدة عامين بكفالة 3000 دينار.

وكان من اللافت أن هناك أحكام أخرى اتسمت بالمرونة، حيث أصدرت المحكمة حكماً بسجن النائب السابق عبدالله فهاد ستة أشهر مع وقف التنفيذ في قضية اتهم فيها بالإساءة إلى السلطة القضائية، مكتفية بوقف تنفيذ العقوبة شريطة التزامه بعدم تكرار الفعل محل الإدانة.

وفي قضية أخرى، قبلت محكمة التمييز طعن النيابة العامة على حكم البراءة الصادر لصالح النائب السابق سعدون حماد وآخرين في قضية تتعلق بشراء أصوات في انتخابات مجلس الأمة 2023، وقررت إلغاء البراءة والامتناع عن النطق بالعقوبة، مع إلزام المتهمين بتوقيع تعهد بحسن السير والسلوك.

وكانت محكمة الاستئناف قد ألغت حكم محكمة الجنايات القاضي بحبس حماد واثنين آخرين معه عن تهمة شراء أصوات، وقضت مجددا ببراءتهم منها.

ويأتي الحسم في الملفات القضائية انسجاما مع توجيهات أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد لمجلس القضاء الأعلى بسرعة "تكويت القضاء والوظائف المساندة"، مُوجِّهاً القضاة بـ"سرعة البتّ في الخصومة وفصل الخطاب، وعدم رفع الجلسات لأبسط الأسباب"، وجعل "مصلحة الكويت ونصرة المظلوم وتحقيق العدالة وتجنب تعارض الأحكام المتشابهة في الوقائع والحيثيات فوق كل اعتبار"، مؤكداً أن "القضايا والمسائل المتعلقة بالجنسية من صميم أعمال السيادة".

وحذَّر الشيخ مشعل الأحمد، في مارس/أذار الماضي، أعضاء السلطة القضائية من إصدار أحكام متناقضة أو استغلال مناصبهم لتحقيق منافع شخصية، أو التدخل في القضايا والمسائل المتعلقة بـ"الجنسية"، التي تعدّ "من صميم أعمال السيادة".

وجاء ذلك لدى زيارته مجلس القضاء الأعلى، رافقه الشيخ صباح الخالد ولي العهد، والشيخ فهد اليوسف رئيس مجلس الوزراء بالإنابة، وشدّد خلالها على عدم تأبيد المناصب في القضاء وفي النيابة العامة، وأهمية إعداد وتأهيل وتدريب مزيد من الكوادر الوطنية المتميزة للانضمام إلى السلك القضائي، وصقل خبرات القضاة وأعضاء النيابة، وتقييمهم، ومتابعة أعمالهم، وتشجيع البحوث والدراسات القانونية؛ لتعزيز الأداء القضائي، وترسيخ التعاون الثنائي مع الجهات المناظرة في دول مجلس التعاون والدول الشقيقة والصديقة، ودعم مشاركتهم في الندوات والفعاليات الدولية والمؤتمرات القانونية.