إيطاليا مستعدة للحوار بعد استدعاء فرنسا سفيرها

الحكومة الشعبوية في إيطاليا تبحث عن تأجيج الانقسام الأوروبي، عبر مواصلة استفزاز فرنسا بزيارة مساندة لأعضاء حركة "السترات الصفراء" في باريس.
فرنسا تدين التدخل الإيطالي في شؤونها الداخلية
التراشق بين البلدين بدأ بخلاف حول ملف الهجرة
سالفيني وصف ماكرون بالرئيس "بالغ السوء"

باريس - استدعت فرنسا سفيرها من إيطاليا، الخميس، بعد سلسلة تصريحات من مسؤولين إيطاليين اعتبرتها "تهجما" و"تدخلا" في شؤونها الداخلية.

يعتبر هذا التصعيد غير مسبوق بين بلدين مؤسسين للاتحاد الأوروبي، حيث يبدو بمثابة مؤشر على الانقسام في أوروبا قبل أشهر من الانتخابات الأوروبية.

ووصفت باريس القرار بأن الهدف منه إجراء محادثات وحثت روما على العودة إلى اتخاذ موقف أكثر ودا.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية في بيان إن "فرنسا تتعرض منذ عدة أشهر لاتهامات متكررة وتهجم لا أساس له وتصريحات مغالية يعرفها الجميع". وتابعت أنياس فون دير مول "هذا أمر غير مسبوق منذ نهاية الحرب العالمية الثانية".

ودعت الخارجية الفرنسية عبر موقعها على تويتر إيطاليا إلى المحافظة على الاحترام المتبادل بين البلدين وكتبت "فرنسا تدعو إيطاليا إلى العمل من أجل استعادة علاقة الصداقة والاحترام المتبادل الذين يكون في مستوى تاريخنا ومصيرنا المشترك".

ويأتي التصعيد الحاد بعد أسابيع من الانتقادات اللفظية بين ماكرون ونائب آخر لرئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو سالفيني.

وانتقد الثنائي الإيطالي دي مايو وسالفيني، اللذان شكّلا حكومة ائتلافية شعبوية العام الفائت، مرارا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي انتقد في المقابل توجههم المناهض للاتحاد الأوروبي قبل انتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة في مايو.

وبلغ استياء باريس ذروته مع لقاء نائب رئيس الوزراء الإيطالي زعيم حركة خمس نجوم لويجي دي مايو، الثلاثاء، محتجين من "السترات الصفراء" الذين يتظاهرون منذ أسابيع ضد الرئيس إيمانويل ماكرون.

وأعلن دي مايو على شبكات التواصل الاجتماعي أنه إلتقى مسؤولين من "السترات الصفراء" مضيفا "رياح التغيير تخطت جبال الألب. أكرر: رياح التغيير تخطت جبال الألب".

وجاء هذا اللقاء بعد سلسلة تصريحات غير مسبوقة من حيث حدتها سواء من دي مايو أو من وزير الداخلية ماتيو سالفيني ضد الحكومة الفرنسية.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية إنّ "التدخلات الأخيرة تشكل استفزازا إضافيا وغير مقبول".

ويحاول سالفيني حشد جبهة أوروبية لليمين المتطرف تواجه المؤيدين للاتحاد الأوروبي وفي طليعتهم الرئيس الفرنسي، في الانتخابات الأوروبية في 26 مايو.

وقالت المتحدثة "أن تكون هناك خلافات أمر، وتسييس العلاقة لأهداف انتخابية أمر آخر".

وتابعت أنّ "حملة الانتخابات الأوروبية لا يمكن أن تبرر التقليل من احترام أي شعب أو ديموقراطيته".

وشددت على أن "كل هذه الأفعال تولد وضعا خطيرا يطرح تساؤلات حول نوايا الحكومة الإيطالية في علاقتها مع فرنسا".

وتعقيبا على الأزمة الدبلوماسية التي ساهما في تأجيجها أبدى سالفيني ودي مايو، الخميس "استعدادهما" لإجراء حوار مع الحكومة الفرنسية، فيما لم يدل رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي الموجود في لبنان بأي تصريح.

وتشهد العلاقات بين باريس وروما توترا شديدا منذ تشكيل ائتلاف بين "حركة خمس نجوم" بقيادة دي مايو وحركة "الرابطة" اليمينية المتطرفة بقيادة سالفيني في يونيو 2018.

وانتقد ماكرون قرار الحكومة الإيطالية "غير المسؤول والمستهتر" إغلاق مرافئها أمام سفن المنظمات غير الحكومية مع إبعاد المهاجرين على الحدود الفرنسية الإيطالية (في منطقتي الألب وفنتيميلي) كما لو أن إيطاليا "معسكرا للاجئين"، فيما اتهم سالفيني منذ أشهر الرئيس الفرنسي "بإلقاء دروس على إيطاليا".

ولمرتين استدعت وزارة الخارجية الإيطالية السفير الفرنسي في روما كريستيان ماسيه، وفي المرتين من أجل الملف الذي يرتدي حساسية كبيرة بالنسبة للإيطاليين: مسألة الهجرة.

لكن الوضع تفاقم بوصف سالفيني ماكرون بالرئيس "بالغ السوء".

وفي نهاية يناير الفائت، قال سالفيني عبر فيسبوك "آمل أن يتمكن الفرنسيون من التحرر من رئيس بالغ السوء".

وتابع "ومناسبة ذلك ستكون في 26 مايو (الانتخابات الأوروبية) حين سيكون بإمكان الشعب الفرنسي أن يستعيد زمام مستقبله ومصيره، وكبريائه الممثل بشكل سيء من شخصية على غرار ماكرون".

لكنه حاول الخميس تهدئة السجال في بيان قال فيه "لا نريد أن ندخل في خلاف مع أي أحد"، وتابع "لسنا مهتمين بالأمور الجدلية. نحن أشخاص جادون ندافع عن المصالح الإيطالية".

ودعا سالفيني البلدين لإيجاد حل للمشكلات التي سببت التوتر بين روما وباريس.

والشهر الفائت، استدعت وزارة الخارجية الفرنسية سفيرة إيطاليا لدى فرنسا إثر تصريحات لدي مايو اتهم فيها فرنسا بـ"إفقار أفريقيا" وتصعيد أزمة المهاجرين.

وكان مايو قال متحدثا عن أزمة الهجرة "إذا كان هناك اليوم أفراد يرحلون فلأن بعض الدول الأوروبية في طليعتها فرنسا لم تكف عن استعمار عشرات الدول الأفريقية".