اتفاق بين طلاب مؤيدين لغزة وإدارة أحد الجامعات الأميركية المرموقة

جامعة براون تتعهد باعادة النظر في علاقاتها مع شركات مرتبطة بإسرائيل مقابل ازالة الطلاب للخيم.
الشرطة الأميركية تعتقل عشرات المحتجين المؤيدين للفلسطينيين في مداهمة لجامعة كولومبيا.
صدامات في حرم جامعة لوس أنجليس وسط احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين

واشنطن - أعلنت جامعة "براون" الأميركية الثلاثاء أنّها توصّلت إلى اتّفاق مع مجموعة من طلابّها مناهضة للحرب في غزة ينصّ على أن يزيل الطلاب المحتجّون مخيّمهم من الحرم الجامعي مقابل وعد بأن تعيد الجامعة النظر بعلاقاتها مع شركات مرتبطة بإسرائيل، في أول اتفاق من نوعه بين جامعة أميركية مرموقة والحراك الطالبي الداعم للفلسطينيين بينما شهدت جامعات أخرى تصعيدا كبيرا على غرار جامعة كولومبيا.
وقالت كريستينا باكسون، رئيسة الجامعة الواقعة في مدينة بروفيدنس بولاية رود آيلاند (شمال شرق الولايات المتّحدة)، إنّ الطلاب المحتجّين وافقوا على إنهاء احتجاجهم وتفكيك مخيّمهم بحلول الساعة 17.00 بالتوقيت المحلّي من عصر الثلاثاء.
وأوضحت في بيان أنّ الطلاب وافقوا أيضاً على "أن يمتنعوا حتى نهاية العام الدراسي عن القيام بأيّ أفعال أخرى من شأنها أن تنتهك قواعد السلوك الخاصة بجامعة براون".
وأضاف البيان أنّه في المقابل "ستتمّ دعوة خمسة طلاب للقاء خمسة أعضاء من مؤسّسة جامعة براون في أيار/مايو لتقديم حججهم بشأن سحب استثمارات براون من شركات تسهّل وتستفيد من الإبادة الجماعية في غزة".
ويمثّل هذا الاتفاق أول تنازل كبير من جانب إدارة جامعة أميركية مرموقة إزاء الحركة الطالبية الاحتجاجية التي لا تنفكّ تتّسع نطاقاً في الولايات المتّحدة. وتسبّبت هذه الاحتجاجات بتوقيف مئات الطلاب وبشلل جامعات عدّة وبانقسام حادّ في الرأي العام الأميركي.
ويمثّل قطع العلاقات بين كبريات الجامعات الأميركية الخاصة ورعاة وشركات مرتبطة بإسرائيل أحد مطالب الحركة الطالبية التي تدافع عن القضية الفلسطينية وتدعو لوقف الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة.
وخلال الأسبوعين الماضيين امتدّت الاحتجاجات الطالبية المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات تتوزع في سائر أنحاء الولايات المتّحدة، من كاليفورنيا غرباً (جامعة كاليفورنيا-لوس أنجليس، جامعة جنوب كاليفورنيا...) إلى الولايات الشمالية الشرقية ( كولومبيا، ييل، هارفارد، يوبين) مروراً بالولايات الوسطى والجنوبية مثل تكساس وأريزونا.
ولا يزال يتعين على طلاب جامعة براون وإدارتها مناقشة الخطوط العريضة لهذا الاتّفاق خلال الفترة الممتدة من أيار/مايو وحتى تشرين الأول/أكتوبر.
وفي المخيّم الاحتجاجي الذي بنوه في حديقة الجامعة، قفز طلاب فرحاً بالاتفاق وعانق بعضهم بعضاً وهم يغنّون، بحسب ما أفادت صحافية. وقال الطالب ليو كورزو كلارك إنّ الاتفاق هو "انتصار كبير لهذه الحركة الدولية ولشعب فلسطين".
وفي المقابل داهمت شرطة مدينة نيويورك جامعة كولومبيا في وقت متأخر من مساء أمس الثلاثاء لإلقاء القبض على عشرات المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين الذين سيطر بعضهم على مقر أكاديمي ولتفكيك مخيم احتجاج أقيم منذ نحو أسبوعين.
وبعد وقت قصير من تحرك الشرطة، أصدرت رئيسة الجامعة نعمت مينوش شفيق رسالة طلبت فيها من الشرطة البقاء في الحرم الجامعي حتى 17 مايو/أيار على الأقل، أي بعد التخرج بيومين، وذلك "للحفاظ على النظام وضمان عدم إعادة نصب مخيمات" الاحتجاج.
وقال متحدث باسم الشرطة إن القوات أخلت الحرم الجامعي من المحتجين في غضون ثلاث ساعات وألقت القبض على "عشرات".
وأظهرت لقطات تلفزيونية مباشرة أفراد شرطة يرتدون خوذات وهم يدخلون الحرم الجامعي في منطقة مانهاتن والذي شكل النقطة المحورية لاحتجاجات طلابية امتدت إلى عشرات الجامعات بأنحاء الولايات المتحدة في الأيام القليلة الماضية للتعبير عن معارضة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. وصاح ضباط شرطة "نحن سنزيل ذلك".
وبعد ذلك بفترة وجيزة اتجه صف طويل منهم نحو مدخل مبنى هاملتون هول الذي اقتحمه المتظاهرون وسيطروا عليه في الساعات الأولى من صباح أمس الثلاثاء. ودخل أفراد الشرطة المبنى عبر نافذة في الطابق الثاني مستخدمين سيارة مجهزة بسلم.
وهتف طلاب يقفون خارج القاعة "عار..عار!" منددين بتحرك الشرطة.
وشوهد أفراد الشرطة وهم يقتادون عشرات المعتقلين إلى حافلة وأيديهم مكبلة خلف ظهورهم وأضواء سيارات الشرطة تضيء المشهد. وهتف المتظاهرون خارج المبنى "فلسطين حرة..حرة..حرة". وصاح آخرون "افرجوا عن الطلاب".

متظاهرون يحتلون بعض الأقسام في جامعة كولومبيا
متظاهرون يحتلون بعض الأقسام في جامعة كولومبيا

وقالت سويدا بولات وهي واحدة من الطلاب الذين شاركوا في المفاوضات ممثلة لتحالف مجموعات من الطلبة نظم الاحتجاجات "ستكون (جامعة) كولومبيا فخورة بهؤلاء الطلاب في غضون خمس سنوات".
وقالت إن الطلاب لا يشكلون خطرا على أحد ودعت الشرطة إلى التراجع بينما صاح أفراد من الشرطة في وجهها هي وآخرين وهم يأمرونهم بالتراجع أو مغادرة الحرم.
وقدم المتظاهرون للجامعة ثلاثة مطالب وهي سحب الاستثمارات من شركات تدعم الحكومة الإسرائيلية وزيادة الشفافية في ماليات وتمويل الجامعة والعفو عن طلاب وأعضاء في هيئة التدريس خضعوا لإجراءات تأديبية بسبب الاحتجاجات.
وقالت مينوش شفيق هذا الأسبوع إن جامعة كولومبيا لن تسحب استثماراتها من إسرائيل. لكنها عرضت بدلا من ذلك الاستثمار في الصحة والتعليم في قطاع غزة وزيادة شفافية استثمارات الجامعة المباشرة.
وفي رسالتها التي صدرت أمس الثلاثاء، قالت شفيق إن الطلبة الذين سيطروا على هاميلتون هول خربوا ممتلكات الجامعة وإن إيقاف المشاركين في المخيم الاحتجاجي تم بسبب التعدي على ممتلكات الغير. وهدد مسؤولو الجامعة في وقت سابق بفصل الطلاب الذين استولوا على مبنى هاميلتون هول.
وسيطر الطلاب على مبنى هاملتون هول خلال الليل حين حطم المحتجون النوافذ ودخلوا وعلقوا لافتة من الطابق العلوي كُتب عليها "قاعة هند" في إشارة إلى طفلة فلسطينية (ست سنوات) قتلتها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة. وشهد المبنى المؤلف من ثمانية طوابق اعتصامات طلابية مختلفة منذ ستينيات القرن الماضي.
وفي مؤتمر صحفي خلال المساء قبل ساعات من مداهمة الشرطة لجامعة كولومبيا، قال رئيس بلدية نيويورك إريك آدامز ومسؤولو شرطة المدينة إن "مثيري شغب من خارج الجامعة" حرضوا على الاستيلاء على هاميلتون هول مضيفا أنهم معروفون لدى سلطات إنفاذ القانون بإثارة الفوضى.
وقالت الشرطة إنها استندت في استنتاجاتها جزئيا إلى تكتيكات تصعيدية في الاستيلاء على المبنى، بما في ذلك التخريب واستخدام الحواجز لإغلاق المداخل وتدمير الكاميرات الأمنية.
وشكك محمود خليل، أحد زعماء الاحتجاج وهو باحث فلسطيني يدرس في كلية الشؤون الدولية والعامة بالجامعة بتأشيرة طالب، فيما قيل عن قيادة دخلاء السيطرة على المبنى وقال خليل "إنهم طلاب".
وقالت الجامعة في بيان أمس الثلاثاء قبل مداهمة الشرطة "الاضطرابات في الحرم الجامعي تسببت في مناخ خطر للعديد من طلابنا اليهود وللكليات وهو تشتيت صاخب يتدخل في العملية التعليمية وفي الاستعداد للامتحانات النهائية".

من جانب اخر وقعت صدامات الأربعاء خلال احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، وفق ما أظهرت صور بثتها محطات تلفزيون أميركية، فيما تسعى جامعات في كل أنحاء الولايات المتحدة لاحتواء احتجاجات مماثلة. وأفادت شبكة "سي إن إن" أن الصدامات بدأت فجرا بين مجموعات مؤيدة للفلسطينيين ومحتجين مؤيدين لإسرائيل.

وقال الناطق باسم رئيس بلدية المدينة زاك سيدل على منصة إكس إن شرطة لوس أنجليس "استجابت فورا لطلب (سلطات الجامعة) من أجل تقديم الدعم في الحرم الجامعي". وأظهرت مشاهد تلفزيونية متظاهرين متعارضين يشتبكون بالعصي ويحطمون حواجز معدنية، فيما آخرون يتراشقون بالمفرقعات.

وكان مستشار الجامعة جين د. بلوك حذّر قبل الصدامات من أن متظاهرين بينهم "أفراد في الجامعة وآخرون غير منتسبين إلى حرمنا الجامعي" أقاموا مخيّما الأسبوع الماضي.

وأوضح في رسالة نشرت على موقع الجامعة الإلكتروني الثلاثاء أن "عددا من المتظاهرين (المؤيدين للفلسطينيين)، وكذلك من المحتجين (المؤيدين لإسرائيل) الذين أتوا إلى المكان، كانوا سلميين في نشاطهم".

وأضاف "لكن تصرفات الآخرين كانت بصراحة صادمة ومعيبة. لقد شهدنا حالات عنف" متابعا "هذه الأحداث وضعت كثرا في حرمنا الجامعي، لا سيما طلابنا اليهود، في حالة من القلق والخوف".

اشتباكات عنيفة بين طلبة مؤيدين لفلسطين واخرين مؤيدين لاسرائيل في جامعة كاليفورنيا
اشتباكات عنيفة بين طلبة مؤيدين لفلسطين واخرين مؤيدين لاسرائيل في جامعة كاليفورنيا

وأطلق هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على جنوب إسرائيل والهجوم الإسرائيلي الذي أعقبه على القطاع الفلسطيني العنان لأكبر تحرك للنشاط الطلابي في الجامعات الأميركية منذ احتجاجات مناهضة للعنصرية في 2020.
وخرجت مظاهرات مناوئة اتهمت المحتجين بإثارة الكراهية ضد اليهود. ويقول الجانب المؤيد للفلسطينيين، ومن بينهم نشطاء يهود يعارضون الإجراءات الإسرائيلية، إنه وصف ظلما بمعادة السامية لانتقاده الحكومة الإسرائيلية والتعبير عن دعمه لحقوق الإنسان.
وأخذت القضية أبعادا سياسية في فترة تسبق الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني، حيث اتهم جمهوريون بعض مديري الجامعات بغض الطرف عن خطاب معاد للسامية ومضايقات.
ووصف المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي أمس الثلاثاء احتلال بنايات في الحرم الجامعي بأنه "نهج خاطئ".
وأكد مسؤولو شرطة نيويورك قبل المداهمة للحرم الجامعي مساء أمس الثلاثاء على أن أفراد الشرطة سيحجمون عن الدخول إلا إذا دعاهم القائمون على الجامعة كما فعلوا في 18 أبريل/نيسان عندما أزالت الشرطة موقع اعتصام سابق. واعتقلت الشرطة وقتها أكثر من مئة مما أثار انتقادات حادة من الكثير من الطلبة والموظفين وأعضاء هيئة التدريس.