اتفاق جوبا يؤسس للقطع مع ارث البشير

الحكومة الانتقالية في السودان تعمل على تطهير البلاد من التركة الثقيلة التي خلفها النظام السابق خاصة منها النزاعات المسلحة.
تأمين المرحلة الانتقالية يمر حتما بتسوية النزاعات وإقرار العدالة الاجتماعية
عبدالله حمدوك: السلام يبقى حلم السودانيين

الخرطوم - قال رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك الثلاثاء إن توقيع اتفاق السلام في جوبا بين الحكومة الانتقالية وعدة حركات متمردة "يؤسس لقيام الدولة السودانية الجديدة ويعالج كل ظلامات الماضي".

وكان حمدوك يشير إلى دولة السودان الجديد ما بعد الرئيس المعزول عمر البشير الذي خلف إرثا ثقيلا من الصراعات المتناثرة أرهقت البلاد وأثقلت كاهلها طيلة ثلاثة عقود من حكمه.

وتعمل الحكومة الانتقالية على تطهير السودان من التركة الثقيلة خاصة منها النزاعات المسلحة على طريق تقليل جبهات المواجهة الداخلية والالتفات للقضايا الملحة ولشواغل السودانيين المعيشية والاقتصادية والصحية.

ويمر تأمين المرحلة الانتقالية حتما بتسوية النزاعات وإقرار العدالة الاجتماعية بعيدا عن الحسابات الضيقة الحزبية والميليشاوية وهي تلك التي قامت عليها مرحلة حكم البشير.

وبعد شهور من المفاوضات، تم التوقيع بالأحرف الأولى الاثنين خلال حفل أقيم في جوبا، عاصمة دولة جنوب السودان على الاتفاق الذي ينبغي أن ينهي 17 عاما من الصراع الذي خلف مئات الآلاف من القتلى خصوصا في السنوات الأولى ولا سيما في دارفور غرب البلاد، وفقا للأمم المتحدة.

وقال حمدوك للصحافيين عقب عودته صباح الثلاثاء من جوبا إن "السلام يبقى حلم السودانيين. ما تم انجازه في المرحلة الأولى هو انجاز تاريخي عظيم يضعنا في الاتجاه الصحيح ويقوي عزمنا على الاستمرار في طريق السلام".

ولم يعلن عن موعد التوقيع الرسمي للاتفاق الذي وقعت عليه بالأحرف الأولى خمس منظمات في المجموع داخل الجبهة الثورية السودانية التي أنشئت في عام 2011، بما في ذلك تحالف قوى تحرير السودان فصيل طاهر حجر الذي انفصل في عام 2017 عن حركة تحرير السودان فصيل عبدالواحد نور.

ورفضت حركتان حتى الآن الانضمام إلى الاتفاق هما جيش تحرير السودان - فصيل عبدالواحد نور والحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال بقيادة عبدالعزيز الحلو. وكلاهما يؤيد إقامة دولة علمانية وفدرالية.

وأكد حمدوك "سعي الحكومة الجاد للقائهم في القريب العاجل لتحقيق السلام الشامل لمصلحة الشعب السوداني".

ووقعت الحركات المتمردة مع الحكومة بالأحرف الأولى ثمانية بروتوكولات تشكل اتفاقية السلام وتشمل مسائل الأمن وملكية الأراضي والعدالة الانتقالية والتعويضات وجبر الضرر وتنمية قطاع الرحل والرعاة وتقاسم الثروة وتقاسم السلطة وعودة اللاجئين والنازحين.

وينص الاتفاق على تفكيك الحركات المسلحة في نهاية المطاف وانضمام مقاتليها إلى الجيش النظامي الذي سيعاد تنظيمه ليكون ممثلا لجميع مكونات الشعب السوداني.

ويلقي انهيار اتفاقيات سلام سابقة لا سيما في عامي 2006 و2010 بظلال وخيمة على الاتفاقية الأخيرة وسط مخاوف من سيناريو فشل محتمل لسبب أو لآخر.

ويؤكد متابعون للصراع الطويل في السودان أن أي اتفاق سلام يحتاج إلى ضمانات وإلى حاضنة تؤمن ديمومته بما يدفع إلى تعزيز الوحدة وتفادي الانزلاق مجددا إلى مربع العنف والصراعات الدموية.