اتفاق سياسي بين الجيش والمعارضة يمهد لخروج السودان من أزمته

التوقيع على وثيقة الاتفاق يأتي بحضور الوسيطين الأفريقيين وبعد ليلة طويلة من المحادثات لانجاز التفاصيل.
الاتفاق يفتح عهدا جديدا من الشراكة بين القوات السودانية وقوى الحرية والتغيير
الفرقاء يواصلون المباحثات بخصوص الوثيقة الدستورية
الوسيط الإثيوبي دعا إلى شطب اسم السودان من قائمة أميركية للدول الداعمة للإرهاب
الفرقاء في السودان اثبتوا قدرتهم على تجاوز خلافاتهم وانجاح الحوار
حركات مسلحة في السودان تنتقد توقيع الاتفاق
القائم بأعمال السفارة الأميركية يدعو الفرقاء السودانيين الى مواصلة الحوار والتعاون

الخرطوم - وقع قادة الاحتجاج في السودان والمجلس العسكري الحاكم الاربعاء بالأحرف الأولى على وثيقة الاتفاق السياسي التي تحدد أطر مؤسسات الحكم، وهو مطلب رئيسي للمحتجين منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير في نيسان/ابريل.

ووقع الطرفان "الإعلان السياسي" بعد محادثات مكثفة ليلا لانجاز التفاصيل، وهو جزء من الاتفاق السياسي بين الطرفين.

وقال نائب رئيس المجلس العسكري الحاكم محمد حمدان دقلو المعروف ايضا باسم "حميدتي" والذي وقع الوثيقة، "هذه لحظة تاريخية" للسودان.

وأضاف ان الاتفاق يشكل "لحظة تاريخية في حياة الامة السودانية ومسيرتها النضالية ويفتح عهدا جديدا وواعدا من الشراكة بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع مع قادة الثورة السودانية المجيدة وشركائنا في قوة الحرية والتغيير". من جهته قال ابراهيم الأمين نائب رئيس حزب الامة القومي "تم اليوم إكمال الإعلان السياسي ويمثل هذا جزءا من الاتفاق السياسي، أما الوثيقة الدستورية فسنواصل المباحثات بشأنها الجمعة".

الاتفاق يشكل لحظة تاريخية في حياة الامة السودانية ومسيرتها النضالية

واضاف الأمين وهو قيادي في تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير المعارض خلال مراسم التوقيع "نحن نريد وطنا مستقرا لأننا عانينا الكثير".

وقال الوسيط الإثيوبي محمود درير إن السودان بحاجة للتغلب على الفقر ودعا إلى شطب اسم السودان من قائمة أميركية للدول الداعمة للإرهاب.

ويواصل الجانبان العمل على وثيقة دستورية من المنتظر توقيعها يوم الجمعة.

ويرى مراقبون ان السودان نجح بشكل كبير في الخروج من الازمة لتحقيق انتقال مدني ديمقراطي وذلك بسبب قدرة الفرقاء على ادارة الحوار وتقبل الخلافات.

وكان مقررًا أن يصادق المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في السودان و"قوى إعلان الحرية والتغيير"، قائدة الحراك الشعبي، السبت، على مسودة اتفاق بشأن تقاسم إدارة المرحلة الانتقالية، برعاية الوساطة المشتركة من الاتحاد الإفريقي وإثيوبيا.
لكن قوى التغيير أعلنت تحفظها على نقاط وصفتها بـ"الجوهرية"، وطلبت تأجيل الجلسة إلى الأحد، ثم الثلاثاء، لمزيد من التشاور بين مكونات قوى التغيير، التي تطالب بتسليم السلطة إلى المدنيين.

وكان المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير اتفقوا الجمعة "اتفاقاً كاملاً على الإعلان السياسي المحدد لكافة هيئات المرحلة الانتقالية".

المفاوضات في السودان
الفرقاء في السودان اعلنوا التوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة خلال فترة انتقالية تقود إلى انتخابات

وأعلن المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، قبل أسبوع التوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة خلال فترة انتقالية تقود إلى انتخابات.
ويتضمن الاتفاق، الذي تم التوصل إليه بوساطة إثيوبيا والاتحاد الإفريقي، تشكيل مجلس سيادي يقود المرحلة الانتقالية لمدة 3 سنوات و3 أشهر، ويتكون من 5 عسكريين و5 مدنيين بالإضافة لعضو مدني يتوافق عليه الطرفان ليصبح المجموع 11 عضوا.
وسيرأس المجلس في البداية عسكري لمدة 21 شهرا على أن يحلُّ مكانه لاحقا أحد المدنيين لمدة 18 شهرا، أي حتى نهاية المرحلة الانتقالية.
كما اتفق الطرفان أيضا على تشكيل "حكومة مدنية سميت حكومة كفاءات وطنية مستقلة برئاسة رئيس وزراء"، وعلى "إقامة تحقيق دقيق شفاف وطني مستقل لمختلف الأحداث العنيفة التي عاشتها البلاد في الأسابيع الأخيرة".

وكان رئيس المجلس العسكري الحاكم في السودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان قد تعهد بحماية الاتفاق.

واعلنت حركات مسلحة بالسودان، الأربعاء، تحفظها على الإعلان السياسي الموقع بين المجلس العسكري، وقوى الحرية والتغيير، واعتبرته لا يلبي التطلعات في تحقيق السلام الشامل في البلاد.
وقال رئيس الحركة الشعبية/ شمال، مالك عقار، "نقدر دوافع الذين وقعوا الاتفاق، هم لا يمثلون كل قوى الحرية والتغيير، والاتفاق تجاهل قضايا مهمة يجري بحثها في أديس أبابا، وتم إحداث تقدم فيها وعلى رأسها قضية السلام".
وأضاف، "تم حوار عميق بين قيادات فاعلة في قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية السودانية" متابعا "الاتفاق أضر بهذا الحوار وما ورد فيه حول السلام لا يتجاوز العلاقات العامة".
وقال "نحن مع قوى الحرية والتغيير، وهذا الاتفاق سيؤدي إلى تباين المواقف .. ندرس مع رفاقنا في الجبهة الثورية اتخاذ موقف سنعلنه اليوم".
وقال رئيس حركة العدل والمساواة، جبريل إبراهيم، في تغريدة على "تويتر"، "ما حدث من توقيع بالأحرف الأولى على اتفاق سياسي بين المجلس العسكري الانتقالي، وأطراف من قوى الحرية والتغيير، استهتار بالمشاروات التي تجري في أديس أبابا".
وأضاف، "الجبهة الثورية السودانية ليست طرفا في هذا الاتفاق".

وقال متحدث باسم جماعة المعارضة الرئيسية في السودان الثلاثاء إنها تعارض منح الحكام العسكريين حصانة "مطلقة" من احتمال محاكمتهم بسبب العنف ضد المحتجين وذلك قبيل اجتماع مع المجلس العسكري.

وتمثل الخلافات بشأن مسألة الحصانة إحدى النقاط الشائكة التي تعوق إبرام اتفاق تقاسم السلطة الذي جرى التوصل إليه هذا الشهر بين المجلس العسكري الانتقالي وتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير.

ودعا القائم بأعمال السفارة الأميركية في الخرطوم، استيفن كوتيسيس، الأربعاء، المجلس العسكري، وقوى الحرية والتغيير، إلى مواصلة روح التعاون لإبرام الإعلان الدستوري الجمعة المقبل.
وهنأ كوتسيس في "تغريدة" على "تويتر"، الأطراف المتنازعة في السودان، على توقيع الإعلان السياسي، بشأن تشكيل هياكل ومؤسسات الحكم في الفترة الانتقالية.
وأضاف، "نتوجه بامتناننا إلى الاتحاد الإفريقي والوسطاء الإثيوبيين لدورهم الفعال ومثابرتهم".
وتابع، "نحن نشجع على مواصلة نفس روح التعاون لإبرام مرسوم دستوري خلال محادثات الجمعة".

وأعرب المجلس العسكري مرارًا عن اعتزامه تسليم السلطة إلى المدنيين، لكن لدى قوى التغيير مخاوف متصاعدة من احتمال التفاف الجيش على مطالب الحراك الشعبي للاحتفاظ بالسلطة، كما حدث في دول عربية أخرى.
من جانبه، قال شكري إن المباحثات مع هافستو تناولت أيضًا "التحالف ضد تنظيم داعش وملف الإرهاب، وضرورة تكاتف المجتمع الدولي في هذه القضية بشكل شامل للقضاء على هذه الظاهرة".

وأطاح الجيش بالبشير في 11 نيسان/ابريل منهيا حكمه الديكتاتوري الذي استمر ثلاثة عقود، بعدما اعتصم آلاف المتظاهرين خارج مقر القيادة العامة للجيش في وسط الخرطوم في 6 نيسان/ابريل.
لكن منذ إطاحته، رفض المجلس العسكري الذي تولى الحكم تسليم السلطة للمدنيين كما يطالب المحتجون وبعض الدول الغربية.