اتفاق ما بعد بريكست يؤجج مخاوف من تعطل إمدادات الدواء والغذاء

بعد توقيع الاتفاق التجاري بين لندن وبروكسل، التغييرات الطارئة تؤثر على استيراد وتصدير الأدوية في خضم جائحة عالمية تسببت في وفاة عشرات الآلاف في المملكة المتحدة.
بريطانيا تستورد حوالي 30 بالمئة من احتياجاتها الغذائية من الاتحاد الأوروبي
آلاف الشاحنات المتجهة إلى الموانئ البريطانية علقت مؤخرا وسط اختناقات مرورية
اتفاق بريكست يؤجج المخاوف من تعثر التجارة عبر الحدود بين بريطانيا ودول الاتحاد
الاتفاق التجاري لا يبدد الصعوبات بشأن تدفق إمدادات الدواء الحيوية إلى بريطانيا

لندن - على الرغم من اتفاقية التجارة الحرة التي وقعتها لندن وبروكسل، يخشى موردو الأغذية والأدوية في بريطانيا من أن تؤدي التغييرات التي تم إدخالها بسرعة إلى تعطيل الإمدادات وزيادة التكاليف، ما يقوض مزاعم الحكومة بشأن مكاسب ما بعد بريكست.

وفي حين وعد رئيس الحكومة بوريس جونسون قبل عام بصفقة "جاهزة تماما"، اشتكى اتحاد المأكولات والمشروبات من أنّ جونسون "سلمنا الاتفاق قبل أربعة أيام عمل" من مغادرة بريطانيا السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي في نهاية عام 2020.

وقالت رئيسة الاتحاد الوطني للمزارعين مينيت باترس إن الأعضاء "يتوقعون استمرار تعطل التجارة على الحدود"، رغم الاتفاق الموقع الأربعاء.

ومع اندفاع العديد من الشركات لطلب المزيد من البضائع أو تلبية الطلبات التي تأخرت بسبب عمليات الإغلاق الناتجة من فيروس كورونا، كانت مرافئ القنال الإنكليزي لا سيما دوفر، مكتظة بالفعل قبل إعلان التوصل لاتفاق.

وساء الوضع عندما أغلقت دول أوروبية حدودها مع بريطانيا لمدة يومين قبل عيد الميلاد في محاولة للحد من انتشار سلالة جديدة أكثر عدوى من كوفيد-19.

وعلقت آلاف الشاحنات المتجهة إلى الموانئ وسط اختناقات مرورية هائلة واستغرق الأمر عدة أيام مع مساعدة القوات المسلحة للتغلب على الوضع.

وقال الرئيس التنفيذي لاتحاد الأطعمة والمشروبات إيان رايت إنّ " الفوضى التي سادت الأسبوع الماضي في دوفر وطبيعة اللحظات الأخيرة لهذا الاتفاق تعني أنه سيكون هناك اضطراب كبير في الإمدادات وسترتفع بعض الأسعار".

ورغم أن اتفاق التسوية بين لندن والاتحاد الأوروبي أزال خطر الحصص والرسوم الجمركية، فإن جميع الفحوص والنماذج الجديدة التي يجب ملؤها ستستغرق وقتًا وتزيد من تكاليف شركات الأغذية والأدوية، كما تشكو الجمعيات التجارية.

ويصل حوالى 30 بالمئة من الأغذية المستهلكة في المملكة المتحدة من بلدان الاتحاد الأوروبي، إذ تستورد بريطانيا ما يقرب من نصف الخضروات الطازجة ومعظم الفاكهة.

لكن جون آلان رئيس شركة تيسكو العملاقة الرائدة في السوق، سعى إلى طمأنة المستهلكين وقال لمحطة "بي بي سي" إن التكاليف الإدارية الجديدة "لن تكون ملموسة من حيث الأسعار التي يدفعها المستهلكون"، إلا أن شركات المواد الغذائية الصغيرة لا تتمتع بأهمية تيسكو السوقيّة.

وتؤثر التغييرات أيضا على استيراد وتصدير الأدوية في خضم جائحة عالمية أودت بعشرات الالاف في بريطانيا نفسها.

وقال مارك دايان من "ناففيلد تراست"، وهو مركز أبحاث مستقل للرعاية الصحية، في بيان إن الاتفاق لا يبدد الصعوبات بشأن "تدفق الإمدادات الحيوية إلى المملكة المتحدة".

وأشاد بالاتفاق لجهة "الاعتراف المتبادل بعمليات التفتيش لمصانع الأدوية وبعض التعاون في الجمارك"، لكنه حذر من أن "الروتين في إدخال المنتجات الحيوية داخل وخارج المملكة المتحدة لا يزال يتضاعف".

وحذّر من أن هذا سيجعل الأمر أكثر صعوبة وكلفة "للحصول على الإمدادات لهيئة الخدمات الصحية الوطنية أو بيعها بشكل تنافسي في أوروبا".

وأوضح أنّه لم يتضح أيضا ما إذا كان الاتفاق ينص على الاعتراف المتبادل بمعايير أجهزة التنفس الصناعي وأقنعة الوجه الضرورية لمكافحة كوفيد-19.

وفي حالة الأدوية ذات الصلاحية القصيرة، طلبت وزارة الصحة البريطانية "من الشركات التأكد من أنها تستطيع نقل هذه الأدوية من الاتحاد الأوروبي في حال انقطاع الإمدادات"، وفقا للجمعية الصيدلانية الملكية.

كما قالت إن الحكومة قامت بتأمين مساحة تخزين إضافية والمزيد من السفن مع إعطاء الأولوية لشحنات الأدوية على العبارات من مرافئ معينة.

ومع ذلك، كتب دايان في المجلة الطبية البريطانية أنه بالنظر إلى الحاجة إلى "تحول لوجستي وقانوني كبير بين ليلة وضحاها" وانطلاقا من أن بريطانيا عانت نقصا في الأدوية الرديفة في السنوات الأخيرة ، فإن "الوعد بعدم حدوث أي نقص سيتطلب كثيرا من الشجاعة".

واعترف جونسون في مقابلة أجرتها معه "بي بي سي" الأربعاء بقوله "ستكون هناك تغييرات"، لكنه أصر على أن بريكست سيؤدي إلى ازدهار تجاري من خلال "اتفاقيات التجارة الحرة مع دول أخرى حول العالم".