احتجاجات السودان تتغذى على بقية العقوبات الأميركية

القيود الأميركية لا تزال تضغط على اقتصاد السودان خصوصا منع التعامل بالدولار وضعف سوق إعادة التأمين وتوقف شركات الطيران المحلية.
الخطوط السودانية تشغل فقط طائرتين مستأجرتين
شركات سودانية تنجز أنشطتها الخارجية بالدرهم الإماراتي

الخرطوم - بعد 16 شهرا من قيام الولايات المتحدة برفع معظم عقوباتها على السودان، لا تزال الشركات غير قادرة على إجراء معاملات دولارية، وسوق إعادة التأمين ما زالت مغلقة أمام شركات التأمين، وشركة الطيران المحلية متوقفة تقريبا بسبب نقص قطع الغيار.
والمشكلات ناجمة من نفس السبب: القيود المرتبطة بالصراع في دارفور، واستمرار واشنطن في إدراج السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب.
ويقول رجال أعمال ودبلوماسيون إن هذا الوضع لا يزال يضغط على الاقتصاد، وساهم في أزمة تغذي احتجاجات على نطاق واسع تشكل أكبر تهديد حتى الآن لنظام حكم الرئيس عمر البشير المستمر منذ ثلاثين عاما.
وتقول واشنطن إنه حتى يتم رفع السودان من قائمة الإرهاب، سيكون محظورا عليه الحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهو دعم تحتاجه البلاد بشدة لتقليص معدل التضخم الذي بلغ حوالي 73 بالمئة في ديسمبر/كانون الأول.
ويقول مصرفيون إن علاقات المستوردين بالموردين الأجانب لا تزال محصورة في نطاق ضيق، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى الافتقار إلى علاقات مراسلين مع بنوك أجنبية. ولا يوجد بنك في السودان لديه القدرة على فتح حساب بالدولار.

لا يوجد بنك في السودان لديه القدرة على فتح حساب بالدولار
لا يوجد بنك في السودان لديه القدرة على فتح حساب بالدولار

وتنتظر معظم البنوك الأميركية والأوروبية رفع السودان من قائمة الإرهاب، وأبدت قلقها من عقوبات ثانوية لا تزال قائمة بحق أفراد مرتبطين بالحرب في دارفور، بحسب ما قال مصرفيون سودانيون.
ويجب على البنوك الأجنبية والسودانية أن تثبت أنها متوافقة مع هذه العقوبات خشية التعرض لغرامات ضخمة.
قال مصرفي في الخرطوم "إعادة بناء العلاقات عملية طويلة ومرهقة".
وقال أمين النفيدي، الذي يدير واحدة من أكبر شركات النقل في السودان وأكبر مورد لأفراخ الدجاج إلى صناعة الدواجن في البلاد، "معظم البنوك الأجنبية لا تستجيب. الحجم المنخفض لأنشطة الأعمال لا يشجعهم".
وقال مصرفيون سودانيون إن شركات سودانية، تحولت بالفعل من استخدام الدولارات واليورو، إلى تسوية جميع أنشطتها تقريبا بالدرهم الإماراتي عبر دبي، في تحرك لا يبدو أن الحكومة الأميركية ستعترض عليه.
لكن مثل هذه الصفقات يمكن أن تزيد التكلفة بما يصل إلى 20 بالمئة، فيما تبقى العقوبات العقوبات مؤثرة.
وقال رجال أعمال إن شركة الخطوط الجوية السودانية، التي تعاني منذ فترة طويلة من مشكلات في الصيانة، تشغل فقط طائرتين مستأجرتين. ولم يتسن الحصول على تعقيب من الشركة.
وقال مسؤول تنفيذي بقطاع التأمين السوداني إن شركات التأمين لا تستطيع تحويل دولارات إلى شركات إعادة التأمين العالمية الكبرى، وهو ما يدفعها إلى التعامل فقط مع شركات إقليمية لإعادة التأمين ليس لديها القدرة على الحصول على مدفوعات من السودان.
وتابع قائلا "هذه مشكلة لمشروعات كبيرة مثل مصانع السكر، أو محطات الكهرباء، لديها مخاطر كبيرة لا تستطيع شركات إعادة التأمين المحلية التعامل معها".
كانت الخرطوم تتوقع تسهيلات إئتمانية لإجراء الاستفتاء الذي أسفر عن انفصال الجنوب في 2011، منتزعا من السودان ربع أراضيه ومعظم إنتاجه النفطي.
لكن مع استمرار العقوبات، وافقت بنوك أوروبية، من بينها إتش.إس.بي.سي وبي.إن.بي باريبا في 2013 و2014 على دفع أكثر من عشرة مليارات دولار لتسوية قضايا أقامتها الولايات المتحدة بشأن تعاملات مزعومة مع دول تحت طائلة العقوبات من بينها السودان.

الأمر يشبه من يحرق أصابعه

وقال مصرفي ثان "الأمر يشبه من يحرق أصابعه. أي بنك الآن، حتى لو كان سعوديا، يحجم عن التعامل مع بنوك سودانية".
ورفعت واشنطن عقوبات تجارية، استمرت عشرين عاما، عن السودان في أكتوبر/تشرين الأول 2017، مشيرة إلى تقدم في مكافحة الإرهاب ودخول المساعدات الانسانية، إلا أن الخرطوم بقيت في قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وأعلنت الولايات المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي أنها بدأت محادثات مع الخرطوم لشطبها من القائمة، التي ترجع إلى عام 1993، وترتبط بإتهامات بدعم السودان لجماعات متشددة مناوئة لإسرائيل، من بينها حماس وحزب الله.
وكانت الخطة تتضمن الاجتماع مرة كل شهر، بالتناوب في واشنطن والخرطوم، لكن العملية تأخرت في يناير/كانون الثاني بسبب الإغلاق الجزئي للحكومة الأميركية. وقال دبلوماسيون إن أي إتفاق سيتم التوصل إليه، قد يستغرق شهورا لوضعه موضع التنفيذ.
ورغم أن من الصعب قياس الناتج المحلي الإجمالي بسبب الاضطرابات وتشوهات الهبوط السريع في قيمة العملة، فإن مستويات المعيشة تهبط حيث يؤدي نقص السلع إلى طوابير طويلة أمام المخابز ومحطات الوقود وماكينات صرف النقود.
وقال دبلوماسي "الاقتصاد السوداني في حالة متردية بما يجعل الحكومة في مسيس الحاجة للخروج من قائمة الإرهاب".