احتجاجات لعسكريين متقاعدين وإضراب عام في لبنان اعتراضا على الموازنة

اتحاد النقابات العمالية في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة يعلن رفضه المساس بالرواتب ويدعو إلى الإضراب العام لمدة ثلاثة أيام.

بيروت - احتج مئات من العسكريين المتقاعدين اللبنانيين اليوم الثلاثاء، أمام البنك المركزي ووزارة المالية ومرفأ بيروت، اعتراضا على أي تخفيضات محتملة في معاشات التقاعد، ضمن مشروع قانون الموازنة الذي ستناقشه الحكومة غدا الأربعاء.

وتأتي الوقفة الاحتجاجية التي قام بها العسكريون المتقاعدون عشية عيد العمال الموافق لـ 1 مايو/ أيار وقبل أن يتوجه لبنان نحو إقرار أكثر موازنة تقشفا في تاريخه.
واتهم العميد متقاعد، جورج نادر، في حديث لصحفيين، السلطة السياسية بالفشل في إدارة المالية العامة، رافضا المس بحقوقهم.
ودعا النائب عميد متقاعد شامل روكز، إلى سد عجز الموازنة بخطة اقتصادية واضحة وصريحة، مضيفا أن "فلسفة الموازنة قائمة على القطاع العام وعلى العسكريين، ولهذا فهي مرفوضة بالنسبة لي".
وفي كلمة له أثناء جولة تفقدية لمركز عسكري على الحدود الشرقية مع سوريا، قال وزير الدفاع، إلياس أبو صعب "نعتذر من المتقاعدين الذي يتظاهرون اليوم، فبعد كل التضحيات التي قدموها أصبحوا في الشارع يتظاهرون لعدم المس برواتبهم التقاعدية".
وشدد على أنه "ليس من المسموح تحميل الجيش تبعات الوضع المالي السيئ".
وتابع "بعد أن تتخذ الدولة تدابير لإقفال أبواب الهدر، حينها يكون الجيش حاضرا".
وأعلن الجيش عبر صفحته الرسمية على تويتر أن وزير الدفاع رفض بشكل قاطع أي مساس بحقوق العسكريين، لأن وجودهم ضمان للأمن، والذي هو بحدّ ذاته أحد أهم أسس الاقتصاد".

من جانبه قال الرقيب أول المتقاعد خضر نورالدين "هذا حقنا، عرقنا ودمنا... معاشنا لا يكفي لإطعامنا ولو ليوم واحد، لا منح مدرسية، لا رعاية صحية جيدة".

وتعهد العميد المتقاعد علي عمر، المتحدث باسم المحتجين، بالبقاء في الشوارع لضمان الحفاظ على معاشاتهم التقاعدية. وأضاف أن التخفيضات ستضر عشرات الآلاف من الأشخاص، بمن فيهم الجنود المصابين أو المعاقين وأسر الجنود القتلى.

في المقابل دعا الرئيس اللبناني ميشال عون الثلاثاء إلى الموافقة على مشروع ميزانية 2019 بحلول نهاية مايو/أيار من أجل بدء الإصلاحات الاقتصادية التي طال انتظارها، على الرغم من احتجاج العسكريين.

وتجد حكومة لبنان صعوبة في التعامل مع أحد أثقل أعباء الدين العام في العالم وتدني معدلات النمو لسنوات، وتعهدت بتنفيذ إصلاحات يعتبرها الخبراء الاقتصاديون أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.

غير أنها تخاطر بإثارة حالة من الغضب العام إذا قلصت الرواتب أو معاشات التقاعد أو المزايا في فاتورة القطاع العام الضخمة.

وقال مكتب عون على تويتر اليوم "الرئيس عون طلب الإسراع في مناقشة الموازنة، بحيث يتم إقرارها في مجلس النواب قبل نهاية الشهر المقبل".

وبعدما التقى الوزراء لمناقشة الميزانية في القصر الرئاسي، قال وزير المال اللبناني علي حسن خليل في تعليقات بثها التلفزيون إنه ستكون هناك اجتماعات يومية لإحالة الميزانية إلى البرلمان، لكن لم يتم النظر في أي تخفيضات للرواتب أو معاشات التقاعد.

وأضاف إن "الهدف الاستراتيجي المتفق عليه هو تخفيض نسبة العجز بالنسبة للناتج المحلي، وتحت سقفه كل النقاش مسموح، سواء خفض النفقات أو زيادة الواردات".
وأشار إلى أنه "متفائل بأننا سنستطيع الوصول بسرعة إلى إقرار الموازنة، والمهم أن لا يكون هناك جبهات داخل مجلس الوزراء".

وفي وقت سابق هذا الشهر، قال الوزير إن الميزانية ستتضمن تخفيضات واسعة في الإنفاق.

وتبدأ الحكومة اللبنانية، الأربعاء، نقاشا لمشروع الموازنة، يستمر 4 أيام، قبل تحويله إلى مجلس النواب (البرلمان).
وسارع اتحاد النقابات العمالية في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة الثلاثاء، إلى إعلان رفضه المساس بالرواتب والتقديمات الخاصة بالعاملين في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة والإدارات العامة كافّة.
ودعا الاتحاد في بيان عقب جلسة طارئة، إلى الإضراب العام والإقفال التام لجميع المؤسسات العامة والمصالح المستقلّة، يومي الخميس والجمعة، والسبت بالنسبة للمؤسسات التي تعمل في ذلك اليوم.
كما أعلنت لجنة الأساتذة المتعاقدين بالساعة في الجامعة اللبنانية، في بيان، عن إضراب تحذيري شامل، في 8 مايو/ أيار المقبل، ومفتوح بداية من 15 من الشهر ذاته، في جميع فروع الجامعة.
ونفذ موظفو هيئة إدارة السير والآليات والمركبات (حكومية) إضرابا، مطالبين الحكومة بإقرار زيادة الأجور، مثل بقية المؤسسات.‎

ويبلغ عدد العاملين في القطاع العام بلبنان 300 ألف، يتوزعون على مختلف القطاعات، بينهم عسكريون وأمنيون.

وبجانب القطاع العام المتضخم، تتعرض المالية العامة لضغوط أيضا جراء تكاليف خدمة الدين المرتفعة والدعم الحكومي الكبير لقطاع الكهرباء.

وتشمل الإصلاحات التي جرى التعهد بها بدء العمل على تقليص العجز في قطاع الكهرباء وإدارة الدين العام لخفض تكلفته إلى جانب الحد من الهدر والفساد.

وشدد مسؤولو الحكومة من الأحزاب السياسية المتنافسة في لبنان جميعا على ضرورة تنفيذ إصلاحات فورية للحيلولة دون وقوع أزمة اقتصادية.

وقال رئيس الوزراء سعد الحريري إن لبنان يواجه "كارثة" إذا لم توافق الحكومة الائتلافية- التي تشكلت في أواخر يناير/كانون الثاني بعد مفاوضات استمرت شهورا- على الميزانية التي قد تكون الأكثر تقشفا في تاريخ البلاد.

وقال جيسون توفي الخبير الاقتصادي المعني بالشرق الأوسط لدى كابيتال إيكونوميكس إنه سيكون من الصعب للغاية على السياسيين أن يوافقوا على إجراءات تقشفية كافية نظرا لكونها غير مرغوب فيها بشكل كبير.

وأضاف "ما زلنا نعتقد أن السلطات اللبنانية ستضطر في النهاية إلى اللجوء لنوع من هيكلة الديون".