احتفاء أردني بـ "أخوة محمد"

رواية "أخوة محمد" للكاتبة العراقية ميسلون هادي، تدور أحداثها في زقاق بغدادي جميع سكانه يحملون اسم محمد، ما عدا عبدالملك زوج ماريا.
لحظة كشف لغير العادي من العادي، للمعنى ومعناه من مألوف اللغة وبسيطها
الحضور ممكن لمن غاب

 عمّان ـ على قاعة الأورفلي بعمان أقامت "دار الذاكرة" حفل توقيع وإشهار لرواية ميسلون هادي الجديدة "أخوة محمد". وقامت بتقديم الروائية الناقدة الأردنية المعروفة مريم جبر، حيث تحدثت عن بداية تعرفها بأعمال الكاتبة منذ مجموعتها القصصية الأولى "الشخص الثالث"، كما تحدثت عنها في كلمة قيّمة الروائية العراقية الكبيرة لطفية الدليمي جاءت على شكل شهادة حية عن الكاتبة المحتفى بها فقالت:
"تساءلت: كيف سأكتب عن ميسلون العزيزة؟ هل سأقول أكثر مما قيل في إبداعها المتميز ودأبها وانصرافها الصوفي للكتابة والابداع؟ هل علي أن أتحدث عن أعمالها الجميلة وواقعيتها الثرية وانتمائها العالي لهموم الإنسان العراقي؟ هل أكشف عن دأبها وهي تبحث في منعطفات الزمن والأحداث اليومية عن يواقيتها الثمينة التي  ترصع  قصصها الناعمة ورواياتها المتقنة؟ هل أتحدث عن أحلامها الوردية فاتحة اللون ونبوءات فرعونها؟ أم انصرف إلى تعداد أعمالها المهمة ورؤاها وأحلامها الإبداعية؟ أم أستغرق في متعة  ارتشاف شاي العروس الذهبي كشروق شمس على بساتين العراق؟
كل ذلك قد تحدث عنه النقاد والكتاب الذين كتبوا عن منجزها الكبير، وإذن فإن لي السبق في الحديث عن ميسلون الإنسانة الصديقة والمرأة شفافة الروح والمبدعة في أمومتها والمثالية في تمام حنانها، بيني وبين ميسلون خطوط خفية من المحبات والحساسية الإنسانية الفائقة، بيني وبين ميسلون سبل للتواصل تتجاوز الايميلات والمكالمات. بيني وبينها  كثير من مكابداتنا  المشتركة في حياتنا العراقية القاسية والجميلة والكادحة والمهددة  والمنتجة ما لم تتخيله نساء الأرض من المبدعات والكاتبات أبدا. ميسلون  بحيرة  هادئة  من الحنان الأمومي  والألفة  النقية، وميسلون سيدة من طراز قل نظيره بين النساء اللاتي عرفت في أوساطنا الثقافية العربية فهي تجمع بين رقة المرأة الحالمة وقوة الكائن العملي القادر على مواجهة الأزمات والمواقف الصعبة".
أما الناقدة الأردنية الدكتورة مريم جبر، أستاذ الأدب والنقد في جامعة البلقاء التطبيقية، فبدأت حديثها بالقول: 

قصص ناعمة وروايات متقنة
تعمّقت شروخ أرواحنا وغابت أصواتنا وافتقدنا المعنى

"حين كتبت قراءتي لمجموعتها الأولى (الشخص الثالث) لم أكن قرأت كتاباً واحداً في نقد القصة، لكني قرأت القصة، وكتبت وقعها في داخلي، وقع تلك الجملة/العنوان: "ألم تنسَ شيئاً قبل أن تخرج؟" الجملة التي ظلت تلازمني، وتتردد في ذاكرتي كلما تمثّلت لي نبوءة ميسلون ورأيت أدوات التكنولوجيا تستبدّ بحياتنا وبتنا مبرمَجين حتى في مشاعرنا، فتعمّقت شروخ أرواحنا وغابت أصواتنا وافتقدنا المعنى، فمبكراً جداً كان التعبير عن الفقد لديها، قبل أن ترى وتعايش الفقد الحقيقي الثقيل في صور من الغياب والموت الذي ما زال يتقطر حولها من كل الجهات. كانت لحظة كشف لغير العادي من العادي، للمعنى ومعناه من مألوف اللغة وبسيطها، وللحظة كشف لامرأة كاتبة نموذج تشكّل في داخلي عبر الورق".
بعد ذلك تحدثت الكاتبة ميسلون هادي عن تجربتها الروائية بشكل عام، وعن رواية "أخوة محمد" بشكل خاص، ثم قام الفنان ضياء الراوي بتقديم باقة ورد باسم الملتقى الثقافي العراقي في عمان. كما قّدم الحضور من الروائيين العراقيين والأردنيين بعض المداخلات والأسئلة والتعقيبات. وكان قد حضر الحفل جمع من الفنانين والأدباء والناشرين بينهم ناشر الرواية الدكتور عصام خضير.
رواية "أخوة محمد"، التي وقعتها الروائية العراقية ميسلون هادي، تدور أحداثها في زقاق بغدادي جميع سكانه يحملون اسم محمد، ما عدا عبدالملك زوج ماريا، حيث تحاول الروائية من خلال أبطال الرواية وبطلاتها أن تجعل الحضور ممكناً لمن غاب، وأن لا يكون الزقاق عاطلاً عن الأمل والجمال، لأن هناك الواقع كما هو، وهناك الواقع كما يجب أن يكون، حيث يتحرك نحو السعادة من أراد  السعادة.