احتقان في اليونان بسبب تدفق مهاجرين جدد من تركيا

نحو 500 شخص يحاولون منع السلطات اليونانية من بناء مراكز احتجاز على جزر قريبة من تركيا التي يأتي منها آلاف اللاجئين السوريين.

أثينا - شهدت جزيرة ليسبوس اليونانية اليوم الثلاثاء اشتباكات بين الشرطة وسكان يحتجون على بناء مركز احتجاز للمهاجرين، في وقت يتزايد فيه تدفق فيه اللاجئين السوريين من تركيا بوتيرة سريعة هربا من المعارك الدائرة في شمال سوريا.

وقالت الشرطة اليونانية وشهود إن نحو 500 شخص حاولوا منع تحميل معدات ثقيلة تُنقل برفقة تعزيزات من الشرطة في ميناء  جزيرة ليسبوس (ميديللي) استعدادا لبناء المركز على الجزيرة الواقعة في بحر إيجه.

وأعقبت ذلك اشتباكات في الشوارع وحاول السكان قطع الطريق إلى موقع البناء.

وسيتحول الموقع في ليسبوس إلى مخيم يُراقب دخوله عن كثب وسيحل محل مخيم موريا المفتوح وهو منشأة مترامية الأطراف صُممت لاستيعاب أقل من ثلاثة آلاف شخص لكنها تضم الآن أكثر من 18 ألفا من طالبي اللجوء.

وتعتزم السلطات اليونانية بناء مراكز احتجاز على جزر ليسبوس وتشيوس وساموس وكوس وليروس. والجزر قريبة من تركيا التي يبدو أنها تسهل تدفق آلاف من طالبي اللجوء الذين يقصدون أوروبا كل عام، للضغط على الاتحاد الأوروبي المعارض لتدخلها العسكري في سوريا.

وهدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي فشل في دعم الفصائل السورية المسلحة للحفاظ على مناطق كانت تسيطر عليها قرب الحدود التركية السورية، مرارا فتح الأبواب أمام المهاجرين والإرهابيين للوصول إلى أوروبا  إذا لم تحصل انقرة على مزيد من الدعم فيما يتعلق باستضافة اللاجئين.

وابتز أردوغان الاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة لحشد دعمه وتأييده للتحركات التي يقوم بها شمال سوريا لتعزيز نفوذ أنقرة أو تحصيل موارد مالية يدعم بها الاقتصاد التركي المتهالك.

ويسعى أردوغان الذي تستضيف بلاده 3.7 مليون لاجئ سوري، لإنشاء "منطقة آمنة" شمال شرقي سوريا يستطيع إعادة توطين مليون لاجئ فيها، وتضمن في نفس الوقت محافظة الفصائل السورية المدعومة من تركيا على آخر معاقلها في محافظة إدلب التي اقتربت قوات النظام السوري من استعادتها بمساعدة الحليفة روسيا.

واستولى أردوغان على تلك المنطقة عندما شن الجيش التركي في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي هجوما عسكريا شمال شرقي سوريا ضد وحدات حماية الشعب الكردية السورية، لاقى تنديدا دوليا وإقليميا واسعا، واتهم الرئيس التركي بالتخطيط لإجراء تغيير ديمغرافي في المنطقة التي نزح منها آلاف السوريين الأكراد.

ا
ازمة انسانية تحولت إلى ورقة ضغط وابتزاز 

ومع تشديد الخناق على الجيش التركي ميدانيا في إدلب والمناطق الحدودية الأخرى في الأسابيع الأخيرة بالإضافة إلى الامتعاض الداخلي لتزايد عدد اللاجئين في تركيا، وجه أردوغان بوصلته مرة أخرى نحو اليونان مثلما فعل في الـ2015 حين فر أكثر من مليون لاجئ سوري إلى أوروبا.

واتخذت الحكومة اليونانية المحافظة موقفا أكثر صرامة تجاه الهجرة مقارنة بالحكومة اليسارية السابقة حيث أصدرت مناقصة لبناء سياج عائم لردع طالبي اللجوء الذين يصلون عن طريق البحر واستحداث اجراءات أسرع في التعامل، يمكن أن تزيد من عمليات الترحيل.

ويشعر السكان المحليون بالقلق من أن بناء هذه المراكز والتي ستحل محل المخيمات التي يمكن الوصول إليها بشكل مفتوح، سيجعل هذه الجزر مكتظة بشكل دائم. وتقول السلطات إن المراكز المغلقة ستوفر السلامة العامة بشكل أكبر، وتحد من المخاطر الصحية المحتملة.

وقال ستيليوس بيتساس المتحدث باسم الحكومة اليونانية إن هذه المخاوف تحظى بأهمية خاصة بسبب انتشار فيروس كورونا.

وقال بيتساس "من الواضح أنه يمكن التعامل مع أمور مثل فيروس كورونا بسرعة وفعالية في منشأة مغلقة وليس في منشأة فوضوية مفتوحة تعتبر قنبلة موقوتة صحية".

وعبر مئات الألوف الحدود إلى أوروبا من تركيا عبر اليونان في 2015 و2016 قبل إبرام اتفاق توسط فيه الاتحاد الأوروبي للحد من تدفقهم. لكن أعداد الوافدين الجدد ارتفعت منذ سبتمبر/أيلول 2019.

وبحسب أرقام المفوضية العليا للمهاجرين، وصل أكثر من 46 ألف مهاجر إلى اليونان عام 2019، ما يزيد عن عدد الوافدين إلى إسبانيا وإيطاليا ومالطا وقبرص معا.

وتشهد العلاقات بين تركيا واليونان توتراً ملحوظاً على خلفية الحدود والحقوق البحرية، وزاد ذلك في الأشهر الأخيرة بعد توقيع أنقرة اتفاقاً بحرياً مع حكومة الوفاق الليبية تلاه تدخل عسكري تركي في طرابلس لدعم الميليشيات التي تقاتل إلى جانب حكومة فائز السراج لصد هجوم قوات الجيش الوطني الليبي الذي يسعى لاستعادة العاصمة من الإرهابيين والجماعات المسلحة.