اخلاء ادلب من السلاح الثقيل يجنبها هجوما دمويا

المنطقة العازلة في محيط إدلب شبه خالية من السلاح الثقيل بعد إتمام الفصائل المعارضة والجهادية سحب الجزء الأكبر منه.
الإعلان عن سحب السلاح الثقيل من المنطقة المنزوعة السلاح بعد خلافات في وجهات النظر

بيروت - أبرمت روسيا وتركيا في 17 أيلول/سبتمبر اتفاقاً حول إدلب جنّب، في الوقت الراهن على الأقلّ، المحافظة الواقعة في شمال غرب سوريا هجوماً وشيكاً كان يعدّ له نظام الرئيس بشار الأسد، الذي أكّد الأحد أنّ هذا الاتفاق "إجراء مؤقّت" وأن المحافظة "ستعود إلى كنف الدولة".

وإدلب التي تسيطر عليها فصائل معارضة وجهادية أبرزها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، تحوّلت في السنوات الأخيرة إلى ملجأ لنازحين فروا من المعارك والقصف، ولمقاتلين معارضين أجبروا على الانتقال إليها بعد رفضهم اتفاقات تسوية مع الحكومة السورية في مناطق كانوا يسيطرون عليها.

والثلاثاء باتت المنطقة العازلة في محيط إدلب شبه خالية من السلاح الثقيل بعد إتمام الفصائل المعارضة والجهادية سحب الجزء الأكبر منه عشية انتهاء المهلة المحددة لذلك بموجب الاتفاق الروسي التركي.

بعد استعادة قوات النظام السيطرة على الغوطة الشرقية إثر عملية عسكرية أودت بحياة 1700 مدني وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، حذّر الموفد الدولي الى سوريا ستافان دي ميستورا في 16 أيار/مايو 2018 من سيناريو "أسوأ بستة أضعاف في إدلب"، ولا سيّما بسبب الكثافة السكانية المرتفعة في المحافظة.

ولفت المبعوث الأممي إلى أن سكان هذه المحافظة ليس لديهم "مكان آخر يلجأون إليه"، بعدما كانت إدلب هي الملجأ للخارجين من مناطق خسرتها الفصائل المعارضة والجهادية.

يعيش في إدلب وفي مناطق مجاورة تسيطر عليها المعارضة في محافظات حلب وحماة واللاذقية المحاذية نحو ثلاثة ملايين شخص، نصفهم من النازحين.

ومنذ مطلع أيلول/سبتمبر توالت التحذيرات من هجوم عسكري واسع النطاق كان النظام يعدّ لشنّه على إدلب، حيث حشدت قواته تعزيزات ضخمة على تخوم المحافظة وقصفت مواقع الفصائل المعارضة والجهادية وألقت مناشير تدعو السكان إلى الاستسلام.

واعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب "الوضع في محافظة إدلب حزيناً للغاية"، مؤكّداً أنّه يتابع "من كثب" التطورات.

بدوره حذّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من "مجزرة خطيرة قد تحصل" في إدلب إذا ما شنّ النظام هجوماً لاستعادتها، مذكّرا بأن احتدام القتال سيتسبّب بتدفّق اللاجئين على تركيا.

تجنيب المدنيين كارثة كبيرة

في 10 أيلول/سبتمبر حذّرت الأمم المتحدة من أن إدلب قد تتحوّل الى "أسوأ كارثة إنسانية" في القرن الـ21. في اليوم التالي شدّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على وجوب أن لا تتحول محافظة إدلب إلى "حمّام دم".

في 17 أيلول/سبتمبر توصّل أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في سوتشي إلى اتّفاق ينصّ على أن تقام بحلول 15 تشرين الأول/اكتوبر "منطقة منزوعة السلاح" على الخط الفاصل بين قوات النظام والفصائل المعارضة والجهادية في إدلب، تتوّلى قوات روسية وتركية السيطرة عليها.

وتشمل المنطقة المنزوعة السلاح، والتي يرواح عرضها بين 15 و20 كيلومتراً، أطراف محافظة ادلب ومناطق سيطرة الفصائل المعارضة والجهادية في ريف حلب الغربي وريف حماة الشمالي وريف اللاذقية الشمالي.

وبموجب الاتفاق يتعيّن على الفصائل أن تسحب بحلول 10 تشرين الأول/أكتوبر سلاحها الثقيل من مواقعها في المنطقة العازلة إلى مقرات تابعة لها على خطوط الجبهة الخلفية.

وفي 8 تشرين الأول/أكتوبر أعلن متحدّث باسم الجبهة الوطنية للتحرير (تحالف فصائل معارضة تدعمه أنقرة) أنّه أنهى سحب سلاحه الثقيل من المنطقة العازلة.

أما هيئة تحرير الشام التي تسيطر على الجزء الأكبر من المحافظة ولم تعلن عن موقفها من الاتفاق فقامت بدورها "مع فصائل جهادية أقل نفوذاً وبشكل غير علني بسحب أسلحتها الثقيلة من أجزاء واسعة من المنطقة المنزوعة السلاح"، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

وأتى الإعلان عن سحب السلاح الثقيل من المنطقة المنزوعة السلاح بعد خلافات في وجهات النظر بين الفصائل المختلفة في هذه المنطقة.

في 29 أيلول/سبتمبر أعلن "جيش العزة" الذي يسيطر على مناطق في شمال محافظة حماة رفضه للاتفاق الروسي-التركي، مطالباً بأن "تكون المنطقة العازلة مناصفة"، أي أن تشمل أيضا مناطق تحت سيطرة قوات النظام. كما أعلن رفضه تسيير "دوريات الاحتلال الروسي على كامل أراضينا المحررة".

في الأول من تشرين الأول/أكتوبر أعلنت الجبهة الوطنية للتحرير التي دعمت الاتفاق رفضها انتشار قوات روسية في المنطقة العازلة.

أما هيئة تحرير الشام التي تسيطر مع جماعات جهادية أخرى على نحو 70 في المئة من المنطقة العازلة المرتقبة، فلم يصدر عنها موقف رسمي، في حين أعلن تنظيم حراس الدين رفضه "لهذه المؤامرات وهذه الخطوات كلها".

اعتبارا من منتصف أيلول/سبتمبر أرسلت تركيا تعزيزات عسكرية إلى أحد مواقع المراقبة التي يفترض عليها أن تقيمها في إدلب، في خطوة أعقبتها بتعزيز مواقعها العسكرية في المنطقة مع اقتراب أجل بدء إقامة المنطقة المنزوعة السلاح.