ارتياح وترحيب في أوروبا بـ"انتكاسة" ترامب الانتخابية

بسيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب بات بوسعهم بدء آلية إقالة بحق الرئيس ترامب. وسيكون بإمكانهم فتح تحقيقات برلمانية على كل المستويات مع الاحتفاظ بالسيطرة في مسائل مثل تثبيت التعيينات الرئاسية في المحكمة العليا.

مسؤول أوروبي يعتبر فوز الديمقراطيين ضربة لفظاظة وعنصرية ترامب
الانقسام في الكونغرس الأميركي يهدد ببلبلة النصف المتبقي من ولاية ترامب
الديمقراطيون يتعهدون بأن يكونوا بمثابة سلطة مضادة لترامب
سباق انتخابات التجديد النصفي تميز بفوز عدد غير مسبوق من النساء

بروكسل/واشنطن - رحب فرانس تيمرمانس نائب رئيس المفوضية الأوروبية بانتصارات الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي الأميركية في تصريحات شكلت انتقادا مباشرا لما وصفه بأنه "فظاظة" و"عنصرية" تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب.

ويأتي ترحيب المفوضية الأوروبية بانتصارات الديمقراطيين الذين فازوا بالغالبية في مجلس النواب بينما احتفظ الجمهوريون بسيطرتهم على مجلس الشيوخ، فيما ما شكلت نتائج الانتخابات النصفية مشهدا سياسيا متباينا اغتنمه ترامب لينادي بـ"النجاح".

وكتب تيمرمانس وهو وزير خارجية سابق بهولندا والنائب الأول لرئيس المفوضية الأوروبية التي يقودها جان كلود يونكر على تويتر "ألهمني الناخبون في الولايات المتحدة الذين اختاروا الأمل بديلا عن الخوف والكياسة بديلا عن الفظاظة والدمج بدل العنصرية والمساواة بدل التمييز"، مضيفا "لقد دافعوا عن قيمهم. وهو ما سنفعله أيضا".

والحملات جارية في أوروبا من أجل انتخابات البرلمان الأوروبي التي تجرى في مايو/أيار، ويقود تيمرمانس فيها حملة لتيار يسار الوسط.

وكتب مفوض اشتراكي زميل له هو وزير المالية الفرنسي السابق بيير موسكوفيسي الذي يشرف على الشؤون الاقتصادية أيضا على تويتر تصريحا ساخرا عن ترامب الذي أعلن في وقت سابق على تويتر أن الانتخابات كانت "نجاحا هائلا".

وكتب موسكوفيسي "فاز الديمقراطيون بمجلس النواب لأول مرة منذ ثماني سنوات رغم التحيز الكبير في تقسيم الدوائر الانتخابية لصالح الجمهوريين"، مضيفا "دونالد ترامب على حق: نجاح هائل الليلة".

وتثير مواقف ترامب تجاه الاتحاد الأوروبي، بما يشمل إشادته بقرار بريطانيا الخروج من التكتل وسياساته في الشرق الأوسط والتهديدات بحرب تجارية مع الاتحاد الأوروبي، قلق زعماء الاتحاد.

وأبرم رئيس المفوضية جون كلود يونكر اتفاقا مع ترامب في يوليو/تموز بعدم فرض رسوم أميركية جديدة على سلع من الاتحاد الأوروبي، لكن العلاقات ما زالت متوترة.

وعلى أي حال، قد تؤدي خسارة السيطرة على مجلس النواب إلى تقويض قدرة ترامب على المضي قدما في بعض سياساته التجارية.

وقد حقق الديمقراطيون انتصارا كبيرا مساء الثلاثاء في الانتخابات التشريعية الأميركية بمنتصف الولاية الرئاسية بانتزاعهم السيطرة على مجلس النواب، لقاء تراجع أقليتهم في مجلس الشيوخ، ما شكل مشهدا سياسيا متباينا اغتنمه الرئيس دونالد ترامب متحدثا عن "نجاح هائل".

وبعد عامين من إحداث ترامب مفاجأة مدوية بفوزه بالرئاسة من دون أن تكون له أي خبرة سياسة أو دبلوماسية، لم تحصل "الموجة الزرقاء" المرتقبة ضده.

ويتجه الديمقراطيون نحو كسب 27 مقعدا إضافيا في مجلس النواب بعدما كانوا بحاجة إلى 23 مقعدا للسيطرة على المجلس، فيما يوسع الجمهوريون غالبيتهم الضئيلة في مجلس الشيوخ بكسب ثلاثة أو أربعة مقاعد من الديمقراطيين، بحسب توقعات وسائل الإعلام الأميركية.

وعلى ضوء هذه النتيجة يكون الكونغرس الأميركي في حالة انقسام، ما يهدد ببلبلة النصف المتبقي من ولاية ترامب في البيت الأبيض.

وسارع الرئيس إلى الإعلان عن "نجاح هائل"، بعدما القى بثقله في الحملة دعما للمرشحين الجمهوريين لمجلس الشيوخ، فواصل حتى اللحظة الأخيرة عقد التجمعات الانتخابية تحت شعار "لنجعل أميركا عظيمة من جديد"، مبررا إحجامه عن التدخل لصالح المرشحين لمجلس الشيوخ بعدم توافر الوقت.

وغالبا ما تكون انتخابات منتصف الولاية الرئاسية لغير صالح حزب الرئيس، لكن خسارة مجلس النواب على الرغم من المؤشرات الاقتصادية الممتازة تشكل انتكاسة شخصية لترامب بعد ما جعل من هذا الاقتراع استفتاء حقيقيا على شخصه.

واتصل الرئيس الأميركي برئيس الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل ليهنئه "على التقدم التاريخي" في هذا المجلس حيث عزز الجمهوريون غالبيتهم، بحسب ما أفادت المتحدثة باسمه ساره ساندرز.

وبعد عامين من ولاية رئاسية أثارت شرخا عميقا بين الأميركيين، تعهد الديمقراطيون باستخدام غالبيتهم في مجلس النواب اعتبارا من يناير/كانون الثاني 2019 ليكونوا بمثابة "سلطة مضادة".

لكنهم مدوا يدهم للطرف الآخر إذ وعدت زعيمتهم في المجلس نانسي بيلوسي بالعمل على إيجاد "حلول تجمعنا، لأننا سئمنا جميعا الانقسامات".

وبسيطرتهم على مجلس النواب، بات بوسع الديمقراطيين بدء آلية إقالة بحق الرئيس. وقد ألمحت قيادة الحزب إلى أنها تتمنع عن هذا الخيار الخطير المحكوم بالفشل بمواجهة مجلس شيوخ جمهوري له كلمة الفصل في هذه المسالة.

الأميركيون صوتوا بكثافة في انتخابات التجديد النصفي
الأميركيون صوتوا بكثافة في انتخابات التجديد النصفي

ولا يعرف ما إذا كان الأعضاء التقدميون الجدد المنتخبون حديثا سيلتزمون بخط الحزب.

وسيكون بإمكان المعارضة فتح تحقيقات برلمانية على كل المستويات لا سيما في ما يتعلق بشبهات التواطؤ بين فريق حملة ترامب وموسكو عام 2016.

في المقابل، يحتفظ الديمقراطيون بالسيطرة في مسائل مثل تثبيت التعيينات الرئاسية في المحكمة العليا. وسيتحتم على المجلسين التوافق حول الميزانية، ما ينذر بمعارك ضارية.

وهذا ما قد يمنح ترامب تربة خصبة لحملة إعادة انتخابه عام 2020، وهو الذي يحترف خوض المعارك واستغلالها للنيل من خصومه.

وكانت الخارطة الانتخابية القائمة هذه السنة لصالح الجمهوريين، إذ أن ثلث مقاعد مجلس الشيوخ المطروحة للتجديد تتعلق بولايات ذات غالبية محافظة.

ولا يمكن الحصول على أرقام دقيقة لنسبة الإقبال لعدم وجود هيئة انتخابية موحدة تجمع المعطيات بصورة مركزية، لكن في ولايات تكساس ونيويورك وماريلاند، أبدى الناخبون والمراقبون دهشتهم لكثافة الإقبال على التصويت.

وشهدت جامعة إيرفين على مسافة 60 كلم إلى جنوب لوس أنجلس، تهافت الناخبين بأعداد غفيرة.

بعدما أطلق حملته الانتخابية قبل ست سنوات ناعتا المهاجرين المكسيكيين بالمغتصبين، اختار ترامب من جديد هذه السنة رسالة تقوم على التهويل والتخويف من مخاطر الهجرة

وقال جون سافاريز الطالب في علم النفس البالغ من العمر 26 عاما والذي نشأ في مدينة فولرتون المحافظة، إنه صوت للديمقراطيين، مضيفا أن والديه جمهوريان متشددان، لكن خطيبته فتاة من أصل مكسيكي ولدت في الولايات المتحدة.

وقال "حين أرى الصعوبات التي تعانيها عائلتها في الوقت الحاضر، لم يكن بإمكاني سوى أن أصوت".

أما نيكي ديفيدسون (20 عاما) الطالبة في علم الأحياء، فقالت إنها صوتت للجمهوريين التزاما بـ"معتقداتها المسيحية"، معتبرة أن دونالد ترامب "يقوم بالأمور بصورة مغايرة، وهذا ما نحتاج إليه".

وبعدما أطلق حملته الانتخابية قبل ست سنوات ناعتا المهاجرين المكسيكيين بـ"المغتصبين"، اختار ترامب من جديد هذه السنة رسالة تقوم على التهويل والتخويف من مخاطر الهجرة، ولم يتردد حتى في إرسال آلاف العسكريين إلى الحدود مع المكسيك..

وإن كانت الحملة شهدت أعمال عنف بلبلتها، إلا أنها طبعت أيضا بموجة حماسة عارمة.

وتميز السباق بفوز عدد غير مسبوق من النساء والنساء المتحدرات من أقليات، خصوصا في الجانب الديمقراطي الذي أعطته مشاعر الغضب حيال ترامب اندفاعة سياسية جديدة.

وأصبحت الديمقراطيتان إلهام عمر ورشيدة طليب أول مسلمتين تدخلان مجلس النواب عن مينيسوتا وميشيغان على التوالي.

كما فازت شاريس ديفيدز وديب هالاند الديموقراطيتان بمقعدين في مجلس النواب على التوالي عن ولايتي كنساس ونيومكسيكو لتصبحا أول امرأتين من السكان الاصليين تدخلان الكونغرس.

وفي كولورادو (غرب)، أصبح جاريد بوليس أول حاكم ولاية يجاهر بمثليته.

أما في تكساس، فلم يتمكن الديمقراطي بيتو أورورك من إحداث مفاجأة كان حزبه يأمل بها، وفاز السناتور المنتهية ولايته تيد كروز بعد سباق شهد منافسة محتدمة، وقد حصل على دعم من ترامب.