اردوغان يعد بإصلاحات اقتصادية لإخراج تركيا من أزمة ناتجة عن اخفاقاته

الرئيس التركي يُرجع أزمة بلاده الاقتصادية لهجمات خارجية ولـ'مثلث الشر' في محاولة لصرف أنظار الأتراك عن فشله في إدارة البلاد واعتماده سياسة خارجية وداخلية وضعت الاقتصاد التركي في موقف ضعيف لمواجهة الأزمات.
الشكوك تحوم حول وفاء اردوغان بوعوده في إجراء إصلاحات قضائية واقتصادية
عدوانية اردوغان تفاقم عزلة تركيا وتدفع بالاقتصاد نحو ركود أعمق

أنقرة - كثف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرا وعوده بإصلاحات اقتصادية بعد أن طالت انتقادات واسعة لسياساته الفاشلة في إدارة البلاد، فيما تعيش تركيا خلال السنوات القليلة الماضية على وقع ركود اقتصادي آخذ في التفاقم بسبب سوء إدارته.

وأعلن أردوغان السبت أن بلاده ستجري إصلاحات هيكلية لكسر "مثلث الشر" المتمثل في أسعار الفائدة والتضخم وأسعار الصرف، مضيفا أن أنقرة عازمة على وضع نظام يقوم على الإنتاج والتوظيف.

وكان الرئيس التركي قد وعد الشهر الماضي بإجراء مجموعة من الإصلاحات القضائية والاقتصادية، مما أدى إلى تكهنات بإمكانية الإفراج عن سياسيين من بينهم أكراد ونشطاء لحقوق الإنسان، لكن تصريحاته الأخيرة عن أحكام القضاء والانتقاد الموجه لحكومته أثارت الشكوك في وفائه بوعده.

وقال في كلمة عبر الفيديو خلال مراسم في أنقرة إن 2021 سيكون عام "الإصلاحات الديمقراطية والاقتصادية" وإن مساعي إحالة الإصلاحات للبرلمان ستسير "بأسرع ما يمكن"، مضيفا "لا نجري إصلاحات ديمقراطية لأن أحدا أرغمنا عليها بل لأن شعبنا يستحقها".

ويبدو أن وعود أردوغان جاءت بعد أن ضاق الشارع التركي ذرعا واتساع موجة من الانتقادات والضغوط على الحكومة عقب تدهور المقدرة الشرائية بسبب انهيار الليرة إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق أمام الدولار وارتفاع نسبة التضخم وتزايد معدلات الفقر والبطالة.

وقفز التضخم السنوي في تركيا قفزة أعلى من المتوقع مسجلا في نوفمبر/تشرين الثاني 14.03 بالمئة ، وهو أعلى مستوى له منذ أغسطس/آب 2019 بسبب انخفاض الليرة.

ويؤدي الانهيار المتوالي لليرة التركية الذي يبلغ نحو 25 بالمئة منذ بداية العام، إلى ارتفاع الأسعار عبر الاستيراد بالعملة الصعبة، مما يضعف المقدرة الشرائية للأتراك.

وفي الربع الأخير من العام الجاري أظهرت بيانات معهد الإحصاء التركي ارتفاع معدل البطالة إلى 13.4 بالمئة.

اليأس والبطالة يخنقان شريحة واسعة من الأتراك
اليأس والبطالة يخنقان شريحة واسعة من الأتراك

أفادت البيانات بأن عدد من قالوا إنهم يائسون جدا من البحث عن وظيفة وصل إلى مستوى قياسي عند مليون و380 ألفا، فيما ترجح توقعات الخبراء الاقتصاديين في ظل انتشار فيروس كورونا، تضاعف عدد الفقراء في تركيا نهاية العام الحالي إلى ما يقرب 20 مليونا.

وأرجع أردوغان الأزمة الاقتصادية إلى ارتفاع أسعار الفائدة واصفا بأنها "أصل كل الشرور" وأنها هي من تذكي التضخم. وكثيرا ما قال إن متاعب تركيا الاقتصادية نتيجة لهجمات خارجية على الاقتصاد.

لكن الخبراء الاقتصاديين والمراقبين يعزون الأزمة الاقتصادية في تركيا، إلى سوء إدارة اردوغان لسياسة البلاد، سواء على المستوى الاقتصادي أو على مستوى سياساته الخارجية التي استجلبت لتركيا عداءات مجانية نتيجة تدخلاته العسكرية في أكثر من جبهة، ما تسبب في قلق المستثمرين ونفور بعضهم الآخر عن الاستثمار في تركيا وهو ما يعكس حتما تراجعا اقتصاديا حادا.

وخسر اردوغان بنهجه العدواني حلفاء خليجين وغربيين تقليديين، وهو ما فاقم عزلة تركيا سياسيا واقتصاديا، حيث قادت شركات سعودية على سبيل المثال لا الحصر قبل أسابيع حملة لمقاطعة السلع التركية بعد تأجج الخلاف بين أنقرة والرياض على ملفات عدة.

وساهمت عقوبات أميركية على أنقرة بسبب تدخلها العسكري في تركيا عام 2017 وأخرى أوروبية نتيجة انتهاكاتها في مياه المتوسط، في تأزم الاقتصاد التركي، لكن اردوغان يكابر بإرجاع أزمة تركيا إلى أسباب غير واقعية في محاولة لصرف أنظار الشارع عن إخفاقاته في إدارة البلاد.

كما تشكلت الأزمة الاقتصادية في تركيا نتيجة تدخلات الرئيس التركي في السياسة النقدية وإقحام نفسه في مسائل اقتصادية ليست من مشمولاته، وشنه حملة تصفيات سياسية ضد الكوادر والكفاءات بالبنك المركزي ممن عارضوا تدخله في السياسة النقدية، ما أربك القطاع، مسببا له مشاكل متناثرة.

وتواجه تركيا في السنوات القليلة الماضية أزمة اقتصادية ومالية حادة نتيجة سياسات سقيمة وضعت الاقتصاد التركي في موقف ضعيف في مواجهة الأزمات من بينها تداعيات انتشار فيروس كورونا.

وتراجعت الليرة التركية إلى أدنى مستوى لها مقابل الدولار بمعدل سعر صرف بلغ 8.58، ورغم استقرارها إلا أن بقت عند مستوى 7.5.