اردوغان يلوح بهجوم عسكري جديد على أكراد سوريا

إردوغان يتهم موسكو بأنها لا تريد 'سلاما دائما' في سوريا بعد استهدافها فصيلا سوريا يعد الأقرب إلى أنقرة، ما أوقع عشرات القتلى في صفوفه.
قصف فيلق الشام يذكي التوتر التركي الروسي شمال سوريا
روسيا تحرج اردوغان بضرب أقرب الفصائل السورية الموالية له

أنقرة - لوح الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الأربعاء بشن عملية عسكرية جديدة وحدات حماية الشعب الكردي في حال لم يغادروا المنطقة الحدودية المتاخمة لبلاده، في خطوة قد تواجه إدانة دولية إذا حدثت، حيث لاقت تركيا انتقادات لاذعة بسبب هجوم شنته العام الماضي على أكراد سوريا.

وقال اردوغان إن "لتركيا حقا مشروعا في التحرك مرة أخرى إذا لم يتم طرد المتشددين من المنطقة المتاخمة لحدودها مع سوريا والتي توغلت فيها عدة مرات في السنوات الأربع الماضية".

وذكر في كلمة ألقاها أمام نواب حزبه (العدالة والتنمية) في البرلمان "إذا لم يتم القضاء على الإرهابيين هنا مثلما وعدونا، فلدينا الحق المشروع في التعبئة مرة أخرى".

وفي هجوم شنته تركيا قبل عام بدعم من مقاتلي المعارضة السورية، انتزعت تركيا السيطرة على شريط يمتد 120 كيلومترا من الأراضي الحدودية في شمال شرق سوريا من وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة جماعة إرهابية.

ولقي هذا التوغل إدانة واسعة من حلفاء أنقرة الغربيين إذ كانت وحدات حماية الشعب فصيلا رئيسيا في قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة والتي ساعدت واشنطن في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية.

ودان اردوغان الضربات الروسية التي أسفرت عن سقوط عشرات القتلى المنتمين لفصيل "فيلق الشام" الموالي لأنقرة شمال سوريا، متهما موسكو بأنها لا تريد "سلاما دائما" في هذا البلد الذي يدمره النزاع.

وقال اردوغان في خطاب في أنقرة إن "مهاجمة روسيا لمركز تدريب للجيش الوطني السوري في منطقة إدلب هي مؤشر إلى أن سلاما واستقرارا دائمين غير مرغوب فيهما".

وهو أول رد فعل تركي على الضربات الروسية التي استهدفت الاثنين معسكرا تدريبيا لجماعة "فيلق الشام" المتحالفة مع أنقرة شمال غرب إدلب، مما أدى إلى مقتل 78 من مقاتليه وجرح أكثر من تسعين آخرين قرب الحدود التركية.

وهذا التصعيد هو الأكثر دموية منذ ثمانية أشهر في منطقة إدلب آخر معقل جهادي كبير للمتمردين في سوريا لا يزال جزء منها خارج سيطرة دمشق التي تعد موسكو حليفتها الرئيسية.

وقصفت فصائل معارضة موالية لأنقرة مواقع للنظام السوري في المحافظة نفسها ما أسفر عن مقتل 15 مقاتلا مواليا ردا على غارات روسية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وتسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) حالياً على حوالى نصف مساحة إدلب ومناطق محدودة محاذية من محافظات حماة وحلب واللاذقية. وتنشط في المنطقة، التي تؤوي ثلاثة ملايين شخص نحو نصفهم من النازحين، أيضاً فصائل مقاتلة أقل نفوذاً بينها فصائل الجبهة الوطنية للتحرير.

تركيا تخطط لنفوذ أوسع في سوريا
تركيا تخطط لنفوذ أوسع في سوريا

من شأن التصعيد الروسي أن ينسف الهدنة الموقعة بين تركيا وروسيا ويعيد شمال سوريا إلى موجة قصف أعنف، تزيد في معاناة سكان شمال سوريا، حيث نزح مئات الآلاف منهم قبل وقف إطلاق النار فرارا من القصف الدامي.

وأوقف إعلان هدنة في مارس/آذار بعد اتفاق روسي تركي هجوماً آخر من جانب النظام السوري الذي تمكن في غضون بضعة أشهر من استعادة المزيد من الأراضي الخارجة عن سيطرته.

ويُعد "فيلق الشام الذي تعرض لضربة قاسية، الفصيل السوري الأقرب إلى تركيا، وقد قاتل إلى جانبها على جبهات عدة داخل سوريا وخارجها.

يعتبر استهداف روسيا لفصيل "فيلق الشام" المفضل لدى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، بمثابة رسالة موجهة من موسكو إلى أنقرة، لأن تركيا دفعت بالمئات من مرتزقة الفصيل للقتال في ناغورني قره باغ لدعم أذربيجان في حربها ضد أرمينيا حليف روسيا، وتخوض كل من روسيا وتركيا نزاعات عدة.

ويقول الباحث في الشأن السوري نيكولاس هيراس، إن "فيلق الشام هو وكيل تركيا المفضل لدى اردوغان" من بين الفصائل السورية الموالية لأنقرة.

وأرسلت تركيا آلاف المقاتلين السوريين، وبينهم عناصر من فصيل "فيلق الشام"، إلى ليبيا للقتال إلى جانب حكومة الوفاق الوطني التي تدعمها أنقرة في مواجهة حكومة موازية مدعومة من روسيا، حيث بلغ عدد المرتزقة السوريين في الأراضي الليبية 18 ألف مقاتل، وفق المرصد السوري.

وتكرر الأمر مع اندلاع النزاع قبل أسابيع بين أرمينيا وأذربيجان في ناغورني قره باغ. فقد اتهمت يريفان التي تنضوي في تحالف عسكري لجمهوريات سوفياتية سابقة بقيادة موسكو، تركيا بإرسال مرتزقة من شمال سوريا دعماً للقوات الأذربيجانية، ووثق المرصد إرسال أنقرة أكثر من ألفي مقاتل سوري إلى المنطقة.

وتشهد سوريا نزاعاً دامياً تسبب منذ اندلاعه قبل أكثر من تسع سنوات بمقتل أكثر من 380 ألف شخص ودمار واسع في البنى التحتية، عدا عن نزوح وتشريد الملايين داخل سوريا وخارجها.