اسبانيا تتهيأ للدفاع بحزم عن مصالحها وسط أزمة مع الجزائر

وزير الخارجية الاسباني يقول إن بلاده تحلل نطاق وعواقب قرار الجزائر على الصعيدين الوطني والأوروبي بطريقة هادئة وبناءة وبحزم في الدفاع عن مصالحها والمواطنين الإسبان والشركات الإسبانية.

مدريد - تتهيأ مدريد للتعامل مع قرار الجزائر الأخير بتعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون وحظر كل التجارة مع إسبانيا ما عدا الغاز. وقال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس للصحفيين اليوم الخميس إن حكومة بلاده "ستدافع بقوة" عن مصالحها الوطنية على ضوء ما بدر من الجانب الجزائري.

وأضاف ألباريس أن إسبانيا تراقب تدفقات الغاز من الجزائر، أكبر مورد لها وتمثل نحو نصف إجمالي وارداتها والتي قال الوزير إنها لم تتأثر حتى الآن بالخلاف الدبلوماسي بين البلدين بسبب موقف مدريد من قضية الصحراء المغربية.

وقالت رابطة المصارف الجزائرية أمس الأربعاء إن مدفوعات من وإلى إسبانيا توقفت بسبب تعليق المعاهدة التي تؤثر، وفقا لمصادر جزائرية، على كل جوانب التجارة عدا إمدادات الغاز.

وقال ألباريس للصحفيين "نحن نحلل نطاق وعواقب ذلك الإجراء على الصعيدين الوطني والأوروبي بطريقة هادئة وبناءة ولكن أيضا بحزم في الدفاع عن إسبانيا ومصالح المواطنين الإسبان والشركات الإسبانية".

وتشمل صادرات إسبانيا للجزائر الحديد والصلب والآلات ومنتجات ورقية والوقود والبلاستيك، بينما تشمل الخدمات التي تصدرها لها أعمال الإنشاءات والخدمات المصرفية والتأمين. ولدى شركات طاقة إسبانية مثل ناتورجي وريبسول وكبسا عقودا مع شركة سوناطراك الجزائرية المملوكة للدولة.

وقالت وزيرة الطاقة الإسبانية تيريزا ريبيرا اليوم الخميس إنها واثقة من أن شركة الغاز الجزائرية المملوكة للدولة سوناطراك ستحترم عقودها التجارية لتوريد الغاز الطبيعي إلى المرافق الإسبانية على الرغم من الخلاف الدبلوماسي.

وقالت في مقابلة مع محطة الإذاعة الإسبانية أوندا سيرو "لا نعتقد أنه يمكن مخالفة العقود بشكل أحادي بقرار من الحكومة الجزائرية"، إلا أنها أقرت بأن الخلاف يأتي في توقيت دقيق إذ تخضع عقود إمدادات الغاز حاليا لعملية مراجعة أسعار.

وزادت أهمية إمدادات الغاز من شمال أفريقيا لأوروبا هذا العام في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا.

وزاد القرار الاسباني القاضي بدعم مغربية الصحراء وباعتبار مقترح المغرب للحكم الذاتي الحل الأكثر واقعية لنزاع الصحراء، من عزلة الجزائر وجبهة البوليساريو الانفصالية، ما يفسر حالة الغضب التي انتابت الجانب الجزائري ودفعته لرد فعل متوتر كعقاب لمدريد على موقفها وهو موقف أكدت الحكومة الاسبانية أنه سيادي ويخدم مصالح اسبانيا.

وقطعت الجزائر العلاقات الدبلوماسية مع المغرب العام الماضي بعد أن تأجج الصراع في الصحراء المغربية مجددا في 2020 بعد ثلاثة عقود من دخول وقف لإطلاق النار حيز التنفيذ وبعد أن نجحت الدبلوماسية المغربية في تفكيك أحزمة دعم دولية وإقليمية كانت تحظى بها البوليساريو بغطاء ودفع جزائري.

فالاعترافات المتواترة بمغربية الصحراء التي تعززت بعد إقرار الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بأن مقترح الحكم الذاتي هو الأساس المنطقي والأكثر واقعية لحل النزاع، حشرت الجزائر والبوليساريو في الزاوية.  

وقررت الجزائر العام الماضي أيضا عدم تمديد اتفاق لتصدير الغاز عبر خط أنابيب يمر عبر المغرب لإسبانيا والذي كان يشكل كل الإمدادات المغربية من الغاز تقريبا. وتمد الجزائر إسبانيا بالغاز عبر خط أنابيب تحت البحر وبالسفن.

كما ألزمت معاهدتها مع إسبانيا الطرفين بالتعاون في السيطرة على تدفقات الهجرة بما يجعل تعليقها مشكلة محتملة لإسبانيا في هذا الملف وربما يمثل مشكلة للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي أيضا.

وتستضيف إسبانيا القمة المقبلة لحلف شمال الأطلسي وستسعى خلالها لأن تضم خريطة الطريق السياسية الجديدة للحلف العسكري "التهديدات الهجينة" مثل الهجرة غير المنتظمة صوب الشمال وفقا لما قاله ألباريس لرويترز أمس الأربعاء.

والخلاف الدبلوماسي بين الجزائر واسبانيا سيؤثر على العلاقات الجزائرية الأوروبية ويعرض السلطة الجزائرية لضغوط غربية خاصة إذا تراخت في كبح الهجرة وهو مصدر قلق لعموم أوروبا وليس لمدريد وحدها.

وتحول إسبانيا لدعم موقف المغرب في قضية الصحراء المغربية أنهى نزاعا بين مدريد والرباط العام الماضي يتعلق بالمنطقة المتنازع عليها وبالهجرة الجماعية أيضا.