استعراض عضلات بين الحكومة وطالبان استباقا لمفاوضات السلام

الصراع المتواصل منذ سنوات بين قوات الحكومة الأفغانية وحركة طالبان يتحول إلى حرب نفسية في محاولة من الطرفين للدخول بقوة في عملية السلام.
طالبان توسع سيطرتها لتشمل 29 منطقة إضافية في أنحاء أفغانستان

كابل ـ مع دخول العام الجديد، تحول الصراع المتواصل منذ سنوات بين قوات الحكومة الأفغانية وحركة طالبان إلى حرب نفسية، وذلك في محاولة من الطرفين الدخول بقوة في عملية السلام، التي تشهد الجهود المبذولة بشأنها زخما خلال الفترة الأخيرة.

ووفقا للمعلومات فإن 150 من قوات الأمن الأفغانية على الأقل، والمئات من عناصر طالبان، إلى جانب 184 مدنيا، و14 من قوات حلف شمال الأطلسي "ناتو"، قتلوا جراء الاشتباكات خلال ديسمبر/كانون الأول الماضي وحده.

وتعد زيادة عدد القتلى من الطرفين مؤخرا، مؤشرا كبيرا على الحزم الذي تبديه كل من الحكومة الأفغانية وطالبان، لاستعراض كل طرف قوته على الآخر.

من جانب حكومة كابول، تقع السيطرة على قوات الأمن الوطني وقوات الدفاع، تحت تصرف اثنين من قادة المخابرات السابقين، من جناح الصقور في الحكومة، وجاء ذلك في أعقاب تعديل وزاري كبير في قيادة مؤسسات الدفاع والأمن، في ديسمبر الماضي.

وفي ديسمبر/كانون الثاني عيّن الرئيس محمد أشرف غني، مديري المخابرات السابقين عمرو الله صالح، وأسد الله خالد، وزيرين للداخلية والدفاع، على التوالي.

وفي أول تصريحات لهما بعد توليهما منصبيهما، سلط كل من الوزيرين الضوء على الإطار العام لقوات الأمن الوطنية وقوات الدفاع مع التركيز الواضح على استهداف "المتمردين" بلا رحمة، ليس فقط في ظل سيناريو الدفاع المعتاد، لكن من خلال تكثيف الهجمات على معاقل طالبان وداعش.

وقال وزير الدفاع، أمام تجمع من الجنود الأفغان في خطابه الأول بعد توليه مهام منصبه بمقر وزارة الدفاع: لفترة طويلة، كان شعار قواتنا هو "الموت لا الاستسلام"، ولكن مع كل الاحترام لهذا الشعار القديم، فإن شعارنا الآن سيكون "سنقتلهم ونسيطر على معاقلهم".

وتركز الاستراتيجية المستقبلية على القضاء على قيادة المتمردين، وتجفيف مصادرهم المالية، من خلال العمليات المُستهدفة، وفقا لما ذكره سيد غفور جاويد، المتحدث باسم وزارة الدفاع.

وقال جاويد، "من الآن فصاعدا، يتم تنفيذ ما متوسطه 15 غارة جوية في اليوم، للقضاء على قيادة طالبان ومواردها المالية، وأسفر ذلك عن نتائج إيجابية".

كما أشار إلى أن قيادات مهمة من حركة طالبان في بعض المناطق، قتلوا خلال الغارات مؤخرا، دون أن يدلي بتفاصيل أكثر.

طالبان دخلت في مرحلة "الهجوم الدبلوماسي" حيث بدأت تجري لقاءات مباشرة وبشكل علني مع المبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان زلماي خليل زاد

وينعكس هذا أيضًا في الإحصاءات التي أصدرتها "بعثة الدعم الحازم"، التي يقودها "الناتو" في أفغانستان، والتي تظهر أن 1089 من مقاتلي طالبان، من بينهم تسعة قادة، قتلوا في العمليات التي تقودها أفغانستان بدعم من الغارات الجوية لقوات التحالف منذ 9 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وبشكل إجمالي، تم تنفيذ 392 غارة جوية في نوفمبر، و150 في الأسابيع الثلاثة الأولى من ديسمبر. ووفقاً لبعثة الدعم الحازم، قُتل 450 من مقاتلي طالبان في الغارات الجوية، التي جرت في ديسمبر.

وفي وقت سابق من ديسمبر، أعلن وزير الدفاع الأفغاني، أنهم أمهلوا حركة طالبان حتى نهاية 2019، من أجل إجبارها على قبول إجراء مفاوضات السلام.

وفي المقابل، يبدو أنه لا توجد أية بوادر استسلام من جانب حركة طالبان، حيث تواصل الأخيرة تنفيذ عدد كبير من الهجمات الانتحارية، وبالقنابل ضد قوات الأمن الأفغانية، موقعة 150 عنصرا أمنيا خلال ديسمبر فقط.

وكان الهجوم الإرهابي الأكثر دموية خلال الشهر الماضي، هو تفجير انتحاري بسيارة مفخخة أعقبه حصار مجمع حكومي، بالعاصمة كابل في 24 ديسمبر، ما أدى إلى مقتل 43 شخصا، معظمهم من موظفي القطاع المدني. ونفت طالبان مسؤوليتها.

وفي استعراض من جانب طالبان لعام 2018، قال المتحدث باسم الحركة، ذبيح الله مجاهد، على تويتر، إن الجماعة وسعت سيطرتها لتشمل 29 منطقة إضافية في أنحاء أفغانستان.

وأشار إلى أن الحركة نفذت عددا كبيرا من الهجمات، أسفرت عن مقتل مئات من القوات الأفغانية وقوات التحالف.

وفي ديسمبر/كانون الأول ذكرت بعض وسائل الإعلام الأميركية أن الرئيس دونالد ترامب، أمر بسحب 7 آلاف جندي من أفغانستان، أي حوالي نصف عدد القوات الأمريكية المتواجدة في البلاد، لكن هذا لم يؤكده البيت الأبيض.

وقال الخبير في شؤون الدفاع، "محمد عارف"، إن حركة طالبان دخلت في مرحلة "الهجوم الدبلوماسي"، حيث بدأت الحركة تجري لقاءات مباشرة وبشكل علني مع المبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان، زلماي خليل زاد، في الوقت الذي كانت لقاءات الحركة تجري بشكل سري في السابق مع ممثلي إيران وروسيا وباكستان.

وأضاف أنه في خضم الجهود الأميركية المستعجلة لإيجاد حل في أفغانستان "تحاول حركة طالبان الاستيلاء على حصة كبيرة في مستقبل البلاد (أفغانستان)".

بدورها تستعد السعودية، خلال يناير/كانون الثاني الجاري، لاستضافة اجتماع في مدينة جدة، يلتقي فيه ممثلو الحكومة الأفغانية مع ممثلي طالبان، بشكل مباشر.

وأعرب الناطق باسم المجلس الأعلى للسلام في أفغانستان، سيد إحسان طاهري، عن أمله في أن يتم عقد لقاء مباشرا مع ممثلي حركة طالبان في السعودية.

وتابع طاهري، "ندعم كل المبادرات من أجل السلام في أفغانستان، ونأمل أن يتم الالتزام بالوعود التي قطعت". يشار أنه في نوفمبر الماضي، أجرى خليل زاد، محادثات مع ممثلين عن طالبان في قطر، استمرت ثلاثة أيام.

وخلال الفترة بين 4 و14 أكتوبر الماضي، أجرى خليل زاد، جولة شملت أفغانستان وباكستان والإمارات وقطر والسعودية ضمن جهود الدفع بالسلام في أفغانستان. ومطلع سبتمبر/ أيلول الماضي، عينت الإدارة الأمريكية خليل زاد، مبعوثا إلى أفغانستان.

ولخصت الخارجية الأميركية في بيان سابق مهمة خليل زاد، بتنسيق وتوجيه الجهود الأميركية التي تهدف إلى ضمان جلوس "طالبان" على طاولة المفاوضات.