استفتاء على إردوغان في إعادة انتخابات إسطنبول

خسارة مدينة إسطنبول ستشكل حرجا كبيرا وهزيمة ثانية مذلة لأردوغان ستُضعف قبضته الحديدية على السلطة.
ميزانية بلدية إسطنبول تبلغ حوالي أربعة مليارات دولار
أكثر من 10 ملايين شخص يحق لهم التصويت في إسطنبول
حملة أردوغان ضد المعارضة وصلت للإهانات والاتهامات
حزب الشعب الجمهوري ينشر 200 ألف شخص عبر كل مراكز الاقتراع

إسطنبول - بدأ ملايين من سكان إسطنبول الإدلاء بأصواتهم اليوم الأحد، في إعادة انتخابات رئاسة البلدية التي باتت استفتاء على سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان واختبارا للديمقراطية المتعثرة في تركيا.

وفي الانتخابات الأولى التي أجريت في 31 مارس/آذار، حقق حزب الشعب الجمهوري المعارض انتصارا بفارق ضئيل على حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان في أكبر مدينة بتركيا في هزيمة انتخابية نادرة للرئيس في خضم مشاكل اقتصادية متزايدة.

لكن بعد أسابيع من طعون حزب العدالة والتنمية، ألغى المجلس الأعلى للانتخابات في تركيا في مايو/أيار الانتخابات بسبب مخالفات. ووصفت المعارضة القرار بأنه "انقلاب" على الديمقراطية.

وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها في جميع أنحاء إسطنبول في الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي، ويحق لنحو 10.56 مليون شخص التصويت في المدينة التي تشكل قرابة خُمس سكان تركيا البالغ عددهم 82 مليون نسمة. وينتهي التصويت في الساعة الخامسة مساء. وسيتم إعلان النتائج في المساء.

وكرر أردوغان اعتقاده بأن "من يفوز بإسطنبول يفوز بتركيا". وستمثل خسارة المدينة مرة ثانية حرجا لأردوغان وقد تُضعف ما بدا حتى وقت قريب أنها قبضته الحديدية على السلطة.

وتعتبر هذه الانتخابات شخصية بالنسبة لأردوغان، حيث أنه ولد في حي قاسم باشا للطبقة العاملة في إسطنبول. كما أنها المدينة التي بدأ فيها حياته السياسية باختياره عمدة لها في عام .1994

وكان مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو،  البالغ من العمر 49 عاما، قد هزم بن علي يلديرم (63 عاما) من حزب العدالة والتنمية الحاكم بفارق 13 ألفا و 729 صوتا في انتخابات على رئاسة البلدية في مارس الماضي.

وقال إمام أوغلو الذي أجبر على ترك منصبة بعد 18 يوما فقط، للمؤيدين في منطقة سلطان بيلي المحافظة في الجانب الأسيوي من المدينة "أنا في الشوارع منذ ستة أشهر. لقد ذهبت إلى كل ضاحية (في إسطنبول). لم أهاجم خصمي شخصيا قط".

وأضاف "سوف يفوز الحب والاحترام".

وشهدت الحملة الانتخابية تحولا عندما حث الزعيم الكردي المسجون عبدالله أوجلان حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد على البقاء محايدا في الانتخابات. واتهم حزب الشعوب الديمقراطي، الذي يدعم إمام أوغلو، أردوغان بمحاولة تقسيم الأكراد.

وبعد أن خاض أردوغان حملة انتخابية شرسة قبل انتخابات مارس/آذار، في استراتيجية يعتقد كثيرون من أعضاء حزب العدالة والتنمية أنها جاءت بنتائج عكسية، ظل أردوغان في البداية هادئا هذا الشهر. لكنه عاد الأسبوع الماضي إلى حملته بقوة واستهدف إمام أوغلو مباشرة وهدده باتخاذ إجراء قانوني ضده، مما أثار تساؤلات بشأن ما إذا كان حزب العدالة والتنمية سيقبل بهزيمة ثانية.

ووصلت الحملة التي يشنها أردوغان ضد المعارضة منذ يوم الاثنين، للإهانات والاتهامات بما في ذلك وجود روابط مزعومة لإمام أوغلو بالإرهاب.

ونفى إمام أوغلو، وهو مرشح معتدل من حزب الشعب الجمهوري العلماني، الاتهامات وامتنع بشكل كبير عن رد الإهانات. كما تعهد بقلب "اللاشرعية"، مشيرا إلى قرار إعادة الانتخابات بدون تسمية مفوضية الانتخابات.

وقال لمئات من أنصاره في تجمع حاشد منفصل في أوسكودار "سوف نعمل ليل ونهار. وإسطنبول فيها الكثير من القضايا. نحن قادمون لإرساء العدالة".

وقال حزب الشعب الجمهوري إنه سوف ينشر 200 ألف شخص عبر كل مراكز الاقتراع وكذلك مراقبيهم لكل صندوق اقتراع. كما سيكون هناك مراقبون من مجلس أوروبا حاضرون عند مراكز الاقتراع.

وقاطعت الحشود خطاب إمام أوغلو كثيرا بهتافات "العمدة أكرم" و "الحقوق والقانون والعدالة". وتعهد إمام أوغلو بإنهاء إهدار النفقات ومشاركة موارد المدينة مع المواطنين.

وأظهرت استطلاعات الرأي تقدم إمام أوغلو على منافسه من حزب العدالة والتنمية رئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم. وأشارت بعض الاستطلاعات إلى أنه متقدم بما يصل إلى تسع نقاط مئوية.

ولتقليل الفارق الذي بلغ 13 ألف صوت في مارس/آذار، أعاد حزب العدالة والتنمية توجيه رسالته لجذب الناخبين الأكراد، الذين يشكلون حوالي 15 في المئة من سكان المدينة البالغ عددهم 15 مليون نسمة.

ويتحالف حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان مع حزب الحركة القومية اليميني المتطرف ويسيطر على الحكومة المركزية. وفاز أيضا بالأغلبية في الانتخابات المحلية في جميع أنحاء البلاد قبل ثلاثة أشهر.

لكن حزب أردوغان عانى من خسائر فادحة في سباق انتخابات رئاسة البلدية المهمة في العاصمة، أنقرة، ومدينة إسطنبول والتي سيطر عليهما المحافظون الإسلاميون على مدى 25 عامًا.

وتمثل مدينة إسطنبول أهمية لأنها العاصمة المالية والثقافية للبلاد، فضلاً عن أنها المدينة الأكثر اكتظاظًا بالسكان، كما أنها تعد المحرك للاقتصاد التركي، كما أنها موطن مشاريع البنية التحتية المربحة بملايين الدولارات وتسهم بثلث الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

ويعاني الاقتصاد التركي من حالة ركود وهددت الولايات المتحدة، حليفة تركيا في حلف شمال الأطلسي، بفرض عقوبات إذا مضى أردوغان في شراء منظومة دفاع صاروخي روسية.

وقد تلقي خسارة ثانية لحزب العدالة والتنمية مزيدا من الضوء على ما وصفه إمام أوغلو بأنه تبديد لمليارات الليرات في بلدية إسطنبول التي تبلغ ميزانيتها حوالي أربعة مليارات دولار.

وقال الصحفي والكاتب مراد يتكين "إذا فاز إمام أوغلو مرة أخرى، فستكون هناك سلسلة من التغييرات الخطيرة في السياسة التركية".

وتابع قائلا "سيتم تفسير ذلك على أنه بداية تراجع لحزب العدالة والتنمية ولأردوغان أيضا"، مشيرا إلى أن الرئيس نفسه وصف الانتخابات بأنها "مسألة بقاء".

وأضاف يتكين أن فوزا ثانيا لإمام أوغلو قد يؤدي في نهاية المطاف إلى إجراء انتخابات عامة قبل عام 2023 كما هو مقرر وتعديل وزاري وربما حتى تعديل في السياسة الخارجية.

وأثار قرار إعادة الانتخابات انتقادات دولية واتهامات من المعارضة بتآكل سيادة القانون. وخرج سكان في عدد من المناطق إلى الشوارع وهم يقرعون الأواني احتجاجا على ذلك.

وقال بعض الناخبين إن فوز حزب العدالة والتنمية اليوم الأحد قد يؤدي إلى احتجاجات أكبر.