استقالة ماي تدخل بريكست في متاهة جديدة

مع إعلان رئيسة الوزراء البريطانية استقالتها من زعامة حزب المحافظين وبالتالي من رئاسة الوزراء يدخل مسار بريكست في منعطف جديد منذرا بالمزيد من الصدام مع الاتحاد الأوروبي ومرحلة أخرى من التعقيدات.

استقالة ماي تنذر بصدام جديد مع الاتحاد الأوروبي
الاتحاد الأوروبي يرفض إعادة التفاوض على بريكست جديد
استقالة ماي لن تغير شيئا في وضع بريكست
اسم خليفة تيريزا ماي لن يُعرف قبل عدة أسابيع

لاهاي/بروكسل - دخل مسار بريكست اليوم الجمعة منعطفا جديدا مع اضطرار رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إعلان استقالتها من منصبها ما ينذر بجولة جديدة من الصدام مع الاتحاد الأوروبي الذي أعلن رفضه إعادة التفاوض على الاتفاق السابق.

ومن المتوقع أن تدخل الاستقالة التي كانت متوقعة بعد سلسلة نكسات منيت بها ماي، اتفاق بريكست في متاهة جديدة أكثر تعقيدا وغموضا.

وحذّر رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي من أنّ الاتّحاد الأوروبي لن يقبل بإعادة التفاوض على اتّفاق بريكست مع الشخصية التي ستخلف تيريزا ماي، رئيسة الوزراء البريطانية التي أعلنت الجمعة استقالتها من زعامة الحزب الحاكم وبالتالي من رئاسة الوزراء.

تيريزا ماي خاضت معارك ضارية لتمرير اتفاق بريكست
تيريزا ماي قاومت حتى آخر لحظة لتمرير اتفاق بريكست

وبعيد ساعات على إعلان استقالتها بسبب إخفاقها ثلاث مرات في تمرير اتفاق بريكست في البرلمان البريطاني، قال روتي خلال مؤتمر صحافي في لاهاي إنّ "اتفاق الانسحاب ليس قابلا لإعادة التفاوض عليه".

وأضاف أنّ الغموض المحيط بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "زاد بدلا من أن يقلّ"، مشدّدا في الوقت نفسه على أنّ "هولندا مستعدة لكلّ الاحتمالات، بما في ذلك سيناريو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتّفاق".

ويعتبر موقف روتي هذا الأكثر تشدّدا بين المواقف التي عبّر عنها القادة الأوروبيون حتى الساعة وهو يضع بعضا من الطامحين لخلافة ماي في مأزق لأنّهم قالوا إنهم سيسعون لإعادة التفاوض على اتفاق بريكست الذي أبرمته ماي مع بروكسل.

وأضاف رئيس الوزراء الهولندي "المشكلة لا تكمن في تيريزا ماي" بل في الشروط الصارمة التي وضعتها بريطانيا لإبرام أي اتفاق مع بروكسل.

تيريزا ماي منيت بنكسات متتالية في معارك انتهت باستقالتها دون تمرير اتفاق بريكست
تيريزا ماي منيت بنكسات متتالية في معارك انتهت باستقالتها دون تمرير اتفاق بريكست

وأعلن روتي في مؤتمره الصحافي أنّه اتّصل بماي عقب إعلانها استقالتها. وقال "لقد اتّصلت بها على الفور صباح اليوم وقلت لها إنّني أعتقد أنّ ما قامت به في السنوات الأخيرة كان شجاعا وإنّها عملت في ظروف غاية في الصعوبة للتوصّل إلى بريكست".

ورفض رئيس الوزراء الهولندي التعليق على الشخصية التي يمكن أن تخلف ماي. وقال "لن أعلّق على بوريس جونسون ولا على سواه من المرشحين. علينا أن ننتظر النتيجة".

لن يُعرف اسم خليفة تيريزا ماي قبل عدة أسابيع. ومن المرجح أن يرغب أو ترغب خليفتها في التفاوض من جديد مع الاتحاد الأوروبي حول شروط الخروج لأنّ ماي أخفقت في ضمان المصادقة على خطتها وذلك رغم أنّ بروكسل أكدت أنّ الاتفاق الوحيد الممكن هو الذي توصلت إليه مع رئيسة الوزراء المستقيلة.

في هذا الصدد، يمكن للمملكة المتحدة أن تطلب من الاتحاد الأوروبي تأجيلا جديدا ولا سيما أنّ لا النواب البريطانيين ولا النواب الأوروبيين سيرغبون في خروج بلا اتفاق.

وكانت المملكة المتحدة حصلت على تأجيل لغاية 31 أكتوبر/تشرين الأول 2018 حدا أقصى للخروج من الاتحاد الأوروبي، بينما كان محددا تنفيذ بريكست في 29 مارس/آذار ومن المتوقع أن تبحث قمة أوروبية في نهاية يونيو/حزيران مسألة بريكست.

شخصيات مرشحة لخلافة تيريزا ماي
شخصيات مرشحة لخلافة تيريزا ماي

وهذا السيناريو الذي تخشاه الأوساط الاقتصادية، سيعني خروجا من الاتحاد الأوروبي يفتقر إلى مرحلة انتقالية، على أن تخضع في هذه الحال العلاقات بين المملكة المتحدة والاتحاد إلى قواعد منظمة التجارة العالمية نظرا إلى خروج لندن من السوق الموحّدة والاتحاد الجمركي.

ويمكن أن يميل خليفة تيريزا ماي الذي سيكون مؤيدا لبريكست بلا أدنى شك، نحو بريكست متشدد بشكل يسمح للمملكة المتحدة عقد اتفاقات تجارية خاصة بها.

وكثّف الاتحاد والمملكة المتحدة في الأشهر الأخيرة التحضيرات لاحتمال التوصل إلى مرحلة "لا اتفاق"، لا سيما إذا حلّ مكان تيريزا ماي على رأس حزب المحافظين وبالتالي في رئاسة الحكومة أكثر المؤيدين لبريكست وزير الخارجية السابق بوريس جونسون.

ونظريا، يمكن لسيناريو كهذا أن يتحقق في حال إجراء استفتاء جديد تكون نتائجه معاكسة للاستفتاء الأول.

وكانت تيريزا ماي تطرقت إلى هذا الاحتمال في آخر صيغة لخطتها الخاصة بالخروج من الاتحاد الأوروبي بهدف جذب المؤيدين لأوروبا،غير أنّ ذلك أدى إلى إثارة غضب المشككين بأوروبا ضمن حزبها وسرّع بسقوطها.

وسبق للنواب أن رفضوا هذا الخيار خلال سلسلة عمليات تصويت في البرلمان في منتصف مارس/اذار، ما يجعل احتمال حدوثه ضعيفا جدا.