استهداف السعودية من جديد

إذا كان البعض يظن أن المصالحة مع قطر ربما تبعد المطامع التركية والايرانية أو تخفف منها، فهذا أبعد ما يكون عن الصواب.

يدعي المحللون السياسيون أن قرارات الكونغرس الأميركي رمزية ولا تؤثر على السعودية بشيء، وهي مناكفة داخلية بين البيت الأبيض والكونغرس، وأظنهم مخطئون، فالسعودية مستهدفة ولن يتركوها إلا عندما يسحبوا جميع ثرواتها، وإذا كان هناك من يلام على ذلك فهو العرب الذين تحالفوا مع الولايات المتحدة. فهذه الدولة تريد هدم قوة العرب وتقسيمهم بين إسرائيل وايران، وقد أظهر الاتفاق النووي الذي أبرمته الولايات المتحدة وأوروبا مع ايران أنهم في الغرب يحترمون ايران. ومن تابع تفاصيل الأخبار في الصحف الكبرى، لا بد وأنه شاهد الرأي العالمي بايران وحضارتها وثقافتها، وكثيرا ما عقدت المقارنات بين ايران والعرب في تلك الصحف، وأبرزت فيها فضائل ايران ورذائل العرب.

إن الاستمرار في التحالف مع الولايات المتحدة سيؤدي إلى انهيار العرب دولة بعد أخرى وقد لدغ العرب مئات المرات من نفس الجحر، وآن لهم أن يغيروا تحالفاتهم قبل أن يركبوا جميعا قوارب الهجرة إلى أي بلد تؤويهم، وليس أمامهم سوى التحالف البيني مع الدول العربية، والاتجاه شرقا إلى الصين وكوريا الشمالية وروسيا والهند ودول آسيا الوسطى. وإذا كانوا يظنون أن الاستسلام الكامل للولايات المتحدة سينجيهم فهم مخطئون، لأن الولايات المتحدة جالسة في حضن العرب تأخذ ما تشاء وتسيرهم كيفما تشاء منذ عشرات السنين ومع ذلك فإنهم لم يأمنوا شرها. إن الإشارات واضحة جدا، فهي تنوي القضاء عليهم، وتقسيمهم بين إسرائيل وإيران، وكلما طال الأمد بدون حسم، كلما نضبت ثرواتهم واستولت عليها الولايات المتحدة بالكامل، ومن ثم ستقضي عليهم عسكريا.

إن الدول المحترمة تفرض سطوتها، وأبرز دليل هو إيران التي كسبت المفاوضات النووية، قبل أن يأتي ترامب بخطته الرامية إلى الاستيلاء على موارد العرب قبل أن يقتلهم، ويعلن انسحابه من الاتفاقية النووية مع ايران، بهدف تأجيج حالة العداء والصدمات العسكرية بين العرب وايران، وابتزاز العرب بأكبر فائدة ممكنة من أموالهم، فهي عملية تأجيل لا أكثر. أما ايران فهي تسير بخطى واثقة وتكسب الجولات واحدة بعد أخرى.

إذا كان البعض يظن أن المصالحة مع قطر ربما تبعد المطامع التركية والايرانية أو تخفف منها، فهذا أبعد ما يكون عن الصواب. وأنا عملت في وزارة الخارجية القطرية لمدة ثماني سنوات ورأيت العنصر الفارسي يملأ الوزارة والوجود العربي الخالص بسيط ولا تأثير له. ثم أن قطر تعمل في الخفاء دائما ولا يمكن الوثوق بما تقوله جهرا، فهي حليفة الإخوان المسلمين وتتصرف وفقا لمبادئهم وهم يؤيدون التحالف مع ايران ويتوقون لإعادة الخلافة الاسلامية، ولا يوجد تناقضات بين تصرفات قطر وآيدولوجيتها.

اليوم، هناك ثلاثة وحوش تتأهب للانقضاض على السعودية وهم تركيا وايران والولايات المتحدة، وهي وحوش كاسرة ولا يرغب أحد من العرب أن يروا دولة عربية كبرى يحدث فيها ما حدث في العراق وسوريا وليبيا واليمن، ولا بد من اتخاذ خطوات فعالة وفورية التنفيذ، وليس مجرد اتفاقيات يجري تنفيذها على المدى البعيد.