استهلاك الأدوية المهدئة إلى ارتفاع في لبنان
بيروت - تسجل أمراض الاكتئاب والقلق والفصام والوسواس القهري أكثر الأمراض النفسية انتشاراً في لبنان الذي يعد بين أكثر بلدان العالم استهلاكًا لمهدئات الأعصاب، اذ يعاني نصف سكّانه تقريبا من حالات اكتئاب عصبيّ.
ووفقا لدراسة أعدّتها جمعية "غالوب" وهي شركة أميركية تقدّم مجموعة من البحوث في الخدمات المتعلقة بإدارة الأعمال فإن لبنان احتل في عام 2014 المرتبة العاشرة بين البلدان الأكثر حزناً وكآبة في العالم.
وفي ترتيب قائمة الأدوية المستوردة سنويا في لبنان، تأتي الأدوية المهدئة في المرتبة الثانية بعد المضادات الحيوية.
ويرى خبراء ان ارتفاع نسبة المصابين بالضغط النفسي والاكتئاب والقلق في لبنان يأتي نتيجة المشاكل الاقتصادية المتراكمة منذ 70 سنة، عندما شعر المواطن اللبناني ان الدولة لم تلب كل مطالبه، مما خلق لديه نوعا من التشاؤم والافكار السوداء وصلت الى درجة الاكتئاب، حيث يعجز الاطباء النفسيون عن ايجاد علاج مباشر للمرض النفسي الذي يعاني منه المرء في هذه الايام الضاغطة، فيضطرون الى مداواتهم بالادوية المهدئة.
وهناك فئات أكثر عرضة من غيرها لمعايشة ضغوط اجتماعية ترفع من احتمال إصابتها باضطرابات نفسية، وهي في لبنان: النازحون، السجناء، عائلات المفقودين، الناجون من التعذيب، عاملات المنازل، الناجون من العنف المبني على النوع الاجتماعي.
واستنادا لإحصاءات محلية سجل لبنان أكثر من مئة حالة انتحار منذ بداية العام 2018، ما يشير إلى ارتفاع نسبة الانتحار قياسا بالسنوات السابقة وبخاصة في صفوف الشباب الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات حول أسباب هذه الظاهرة.
الحل موجود لدى الإنسان بشخصه، فالإنسان هو معيار كل شيء، فهو الذي يقرر إن كان يريد أن يبقى حزينا وقلقا، أو يكون في حالة فرح
ويعتبر الاختصاصي في الإرشاد والتوجيه الزوجي والعائلي الدكتور رائد محسن أن "الانتحار غالباً ما ينتج عن مرض نفسي وتحديداً عن يأس واكتئاب، إذ يُخيّل للمريض بأنّ مشكلته هي الأكبر في العالم، ولا يمكن التعايش معها كالوقوع بأزمة مادية وعليه أن يوفي الديون للناس، ولا أمل لديه في تأمين المبلغ، وبما أنه لا يهين عليه أن يكون مديونا، فيُقرر الانتحار، مردداً لنفسه: وجودي وعدم وجودي ما عاد يؤثّر في المحيط".
وتحدثت للموقع الاخباري اللبناني"ليبانون ديبايت" صيدلانية في منطقة بيروت ترى ان "ازدياد الطلب على المهدئات ومضادات الاكتئاب يعود الى الضغط النفسي الذي يعيشه اللبنانيون في ظلّ الاوضاع الراهنة".
وأوضح الدكتور انطوان الشرتوني لـ"ليبانون ديبايت" أن "هناك أسباب كثيرة تدفع الشعب إلى الشعور بالقلق الزائد وصولا إلى الاكتئاب والاضطربات النفسية، ذلك بسبب الحالة الاقتصادية-الاجتماعية-السياسية المزرية، فالإنسان لا يمكن أن ينفي نفسه من المجتمع لذلك يتأثر بما يحدث".
وأضاف أن "هذه التأثيرات لها أثر سلبي على كل إنسان، مما يدفع الشخص للجوء إلى الأدوية المهدئة من أجل الشعور بالراحة"، وشدد على أنه "لا يمكن تعميم هذه الحالات فلكل شيء حدود، وعلى أن هذه الأدوية يجب أن تكون تحت إشراف طبي وليس كل من قال أنه لا يشعر بالراحة عليه اللجوء إلى المهدئات".
وقال عن علاج هذه الظاهرة "الحل موجود لدى الإنسان بشخصه، فالإنسان هو معيار كل شيء، فهو الذي يقرر إن كان يريد أن يبقى حزينا وقلقا، أو يكون في حالة فرح"، مشدداً على أن "كل إنسان عليه أن يفكر ويقتنع بأن الحياة ستستمر بحلوها وبمرها، فالأفضل أن تكون بحلوها وأن يمارس حياته بطريقة جيدة وصحيحة، وينظر للأشياء بطريقة إيجابية".
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن الاكتئاب سوف يكون السبب الثاني الرئيسي للوفيات في العالم عام 2020.