الجمود يسيطر على نشاط أوبرا دمشق بانتظار قرار رسمي لاستئنافه

مخاوف من فرض قيود لاحقة على حرية التعبير الفني، مع تغيّر المناخ الثقافي في البلاد، رغم عدم وجود أي قرار رسمي بمنع العروض.

دمشق – كشف مدير أوبرا دمشق المايسترو ميساك باغبودريان أن الدار تنتظر مرسوما رسميا لتغيير اسمها المرتبط بعائلة الحكم السابق، فيما توقفت برمجة الأنشطة الدورية منذ وصول السلطة الجديدة إلى دمشق، ويحشى الفنانون على مختلف أنماطهم من تقييد حرية التعبير في ظل حكومة إسلامية ووجود فصائل تحاول فرض هيمنتها على المشهد العام.

وقبل بالإطاحة بالرئيس بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول، كان الاسم الرسمي للدار هو "دار الأسد للثقافة والفنون"، لكن العاملين ينتظرون اليوم من وزارة الثقافة تغيير اسمها، آملين أن يتم اعتماد اسم "دار أوبرا دمشق".

وأوضح باغبودريان أن "الإشكالية الكبيرة اليوم هي الاسم الرسمي للدار، نحن بانتظار مرسوم، وآمل أن يكون الاسم الرسمي هو دار أوبرا دمشق، أو ببساطة أوبرا دمشق" الذي يشكل "الاسم الأنسب لهذا الصرح الثقافي".

ومنذ الإطاحة بنظام الحكم السابق، توقفت النشاطات الفنية الدورية التي كانت تُنظمها الدار، والتي تشمل عروضا مسرحية وموسيقية وفنونا راقصة ومعاصرة.

وسيطر "الجمود" على أنشطة الدار وفق باغبودريان الذي أرجع ذلك إلى أمور "لوجستية متعلقة بالبنية التحتية للدار، وأخرى إدارية تتعلق بوزارة الثقافة، ما أدى إلى تراجع النشاط الفني وتراجع إقبال الجمهور".

ومنذ ذلك الوقت، يقتصر نشاط الدار على استضافة عروض خاصة أو احتفالات رسمية، على غرار أمسية شعرية الشهر الماضي "احتفالا بالنصر".

وأشار المايسترو الذي يقود الفرقة السيمفونية الوطنية السورية إلى أن تأخر صدور الموازنة المخصصة للدار حال دون وضع برنامج فعاليات لهذا العام حتى اللحظة، وقال "وُعدنا بأن نحصل على الموازنة مطلع حزيران/يونيو، وهو ما نحتاجه كي نبدأ بنشاطات حقيقية".

ولفت باغبودريان إلى أن الدار أرسلت إلى وزارة الثقافة مقترحات لعروض عدة، من دون أن تحصل على ردّ عليها.

ولا يخفي مدير الدار مخاوفه من فرض قيود لاحقة على حرية التعبير الفني، مع تغيّر المناخ الثقافي في البلاد، رغم عدم وجود أي قرار رسمي بمنع العروض.

وقال "آمل ألا يكون هناك قيود، وأن ننتهي من موضوع تقييد الفن، سواء في المسرح أو الرقص أو الموسيقى".

وتابع "لدينا الكثير من الأسئلة، ولا نعرف كيف ستكون ردود الفعل، وهل سنحصل على موافقات أم لا"، مشيرا إلى أنه كان هناك "برامج دروية لاستضافة فرق عالمية واحتكاك مع فنانين عالميين وعروض فنية راقصة وعروض مسرحية".

وتسود حالة من الترقب في الأوساط الثقافية حول مستقبل حرية التعبير الفني والفنون الاستعراضية، لا سيما في ظل غياب تصريحات رسمية واضحة بشأن سياسة الدولة الجديدة تجاه النشاط الثقافي.

وكانت دار الأوبرا قد افتُتحت عام 2004 كمركز رئيسي للفنون الموسيقية والمسرحية في سوريا، وتحوّلت خلال السنوات الماضية إلى واجهة للعرض الفني الرسمي قبل أن يتوقف نشاطها تقريبا منذ أواخر العام الماضي.

ولم تُحدّد السلطات الجديدة بعد سياسة واضحة تجاه الفنون المسرحية والرقص والموسيقى، بينما أعرب كثيرون عن خوفهم من فرض الإسلام المتشدد على الحياة اليومية في سوريا ومنع الموسيقى وأن تعمل على حل الفرق الموسيقية وعبرت إحدى عازفات الكمان "نحن الموسيقيين شعرنا بقلق بالغ تجاه فكرة منع الأوبرا، والأنشطة الموسيقية، أو الموسيقى عموماً".

بدورها، أثارت نقابة الفنانين السوريين الجدل في الأوساط الثقافية والفنية، بعد تعميمها بمنع مزاولة المهنة دون ترخيص أو عقد مصدق من قبلها، استناداً إلى كتاب رسمي صادر عن وزارة الداخلية، الأمر الذي وصفه البعض بأنه "محاولة لتنظيم المهنة"، بينما اعتبره آخرون حلقة جديدة في مسلسل التضييق على حرية التعبير والعمل الفني.

ورأت المخرجة إيناس حقي في القرار تجسيداً لفهم مغلوط لدور النقابات عموماً، مؤكدة أن "الفن حق لكل الناس، ويمكن لأي شخص أن يختار أن يعمل في الفن دون أن يكون عضوا في النقابة"، وأضافت في منشور لها "من الضروري أن نخرج من عقلية الشرطة الرقيبة على المجتمع... في العالم، ليس من الضروري أن يكون الإنسان عضوا في النقابة ليعمل في مجاله".

وشددت على أن "الفن ليس حكرا على المنتسبين إلى النقابة، بل حق إنساني متاح للجميع من يريد التنظيم والضمانات ينضم للنقابة، ومن لا يريد، لا ينبغي محاصرته بمنطق التفتيش والترخيص".