استياء المرتزقة في ليبيا بعد تخلف تركيا عن وعودها

ندم مرتزقة أردوغان على القتال يأتي بعد تراجع الرئيس التركي عن دفع مستحقات المقاتلين البالغة 2000 دولار شهريا.
مرتزقة تركيا يستعدون للعودة إلى سوريا بعد 'مقلب' أردوغان

بيروت - كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان الأحد استياء كبيرا يخيم على أوساط المقاتلين السوريين الذين أرسلهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى ليبيا، بسبب تخلف تركيا عن الوفاء بوعودها، فيما يعيش المرتزقة حالة مزرية في معسكرات طرابلس.

وفي هذا الإطار نقل المرصد تسجيلا صوتيا لأحد المقاتلين تحدث فيه عن ندم جميع المقاتلين بشأن القدوم إلى ليبيا، مشيرا إلى تورطهم بذلك.

ونقل المقاتل دعوة جميع العناصر السورية المقاتلة في طرابلس للراغبين بالذهاب إلى ليبيا بأن يتراجعوا عن قرارهم لسوء الوضع، مؤكدين أن "الأتراك تخلفوا عن دفع مستحقات المقاتلين البالغة 2000 دولار أميركي للشهر الواحد".

وأضاف المقاتل إن "تركيا دفعت راتب شهر واحد فقط ثم لم تقدم لنا أي شيء، نحن نقيم في المنزل وحتى السجائر لا نحصل عليها في غالب الأوقات ولا نستطيع الخروج من المنزل لأن المنطقة ممتئلة بخلايا تابعة لقوات حفتر".

وتابع إن "الجميع يريد العودة إلى سوريا وهناك دفعات تتحضر بالعودة عبر فيلق الشام".

وكان المرصد قد رصد في الأيام القليلة الماضية مقتل المزيد من المرتزقة السوريين الذي أرسلتهم أنقرة للقتال في صف الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق الليبية بقيادة فايز السراج، فيما يستمر نزيف المرتزقة على خلفية مقتل وجرح دفعات جديدة منهم في معارك ليبيا.

ووصل قبل نحو عشرة أيام ما لا يقل عن 14 جثة جديدة من مرتزقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في ليبيا إلى مناطق نفوذ الأتراك في ريف حلب شمال سوريا.

وبلغت حصيلة القتلى في صفوف الفصائل السورية، إلى 143 عنصرا تابعين إلى "لواء المعتصم وفرقة السلطان مراد ولواء صقور الشمال والحمزات وسليمان شاه"، وفق المرصد.

وأكد المرصد أن القتلى سقطوا خلال مواجهات دامية على محاور حي صلاح الدين جنوب طرابلس، ومحور الرملة قرب مطار طرابلس ومحور مشروع الهضبة وفي معارك مصراتة ومناطق أخرى في ليبيا.

وينحدر القتلى الجدد بحسب المرصد من مدن تدمر وسلقين والبوكمال والباب السورية، ما يعمق أزمة النظام التركي العالق في تدخله العسكري في الحرب الليبية.

وذكر المرصد أن تركيا خفضت رواتب المقاتلين السوريين الذين جرى إرسالهم للقتال في ليبيا، مشيرا  إلى أن ذلك جرى "بعدما فاق تعداد المجندين الحد الذي وضعته تركيا وهو ستة آلاف مقاتل".

وكشف المرصد مؤخرا عن ارتفاع عدد الفصائل السورية المسلحة الذين وصلوا إلى العاصمة طرابلس إلى نحو 4750 مقاتلا، فيما بلغت حصيلة المجندين بمعسكرات التدريب التركية 1900 منجد.

وتعكس هذه المستجدات مدى تورط أنقرة في تدخلها العسكري في ليبيا على لاسيما بعد الخسائر البشرية التي تكبدها الجيش التركي في معركة طرابلس، فضلا عن الاضطرابات التي تعيشها حكومة الوفاق أمام تقدم الجيش الوطني الليبي وسيطرته على مناطق إستراتيجية حول العاصمة طرابلس.

والاثنين الماضي أعلن الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر مقتل 4 عسكريين أتراك واحتجاز قيادي في الميليشيات السورية المرتزقة، بعد استهداف مدرعة تركية حديثة من طرز 'ACV- 15'، ليرتفع عدد القتلى من الجنود الاتراك في ليبيا إلى 16 جنديا.

ويواصل القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر منذ أبريل/نيسان الماضي عملية تحرير العاصمة الليبية من سيطرة الميليشيات الإرهابية المسلحة الموالية للسراج ضمن مساعي إرساء السلام في ليبيا ونزع سلاح المتطرفين.

لكن التدخل العسكري التركي المستمر يشق جهود وقف النار البلد الذي يعيش تقلبات أمنية منذ العام 2011، حيث كشفت تقارير إعلامية لصحيفة العرب اللندنية واسعة الانتشار أن المخابرات التركية لم تتوقف رغم الهدنة المعلنة عن إرسال المزيد من المعدات العسكرية والأسلحة إلى ليبيا، ما يعكس خرق أنقرة لمقررات قمة برلين التي عقدت في 19 يناير/كانون الثاني الماضي حول وقف إطلاق النار واحترام حظر الأسلحة بالأراضي الليبية.

وترجح التعزيزات التركية ودعهما لميليشيات السراج بالعدة والعتاد، تفاقم وتيرة المعارك بين طرفي الصراع في ليبيا خلال الأيام القليلة القادمة.

وأربك تقدم الجيش الوطني الليبي وسيطرته على مناطق جديدة وسط العاصمة طرابلس، حكومة السراج وأحدث تصدعات كبيرة في صفوف قيادات الحكومة التي ينحسر نفوذها بشكل متسارع بعد فقدانها السيطرة على أبرز المنطق الإستراتيجية في ليبيا.

ورغم الدعوة الدولية الحثيثة لوقف النار في ليبيا في ظل ظهور إصابات بكورونا في بلد يعاني هشاشة بالقطاع الصحي بسبب الحرب، يواصل أردوغان الذي لا يتوقف عن تغذية الصراع بين الفرقاء الليبيين تهوره ضاربا بذلك عرض الحائط الدعوات الدولية والإقليمية لخفض العنف في ليبيا ليتسنى التفرغ لمواجهة الوباء.

ويحاول الرئيس التركي استغلال انشغال أغلب دول العالم بانتشار الوباء القاتل، لتدارك خسائره العسكرية والمادية في ليبيا وإعادة التموقع في العاصمة طرابلس وفي مدينة مصراتة بنشر مزيد من القوات والمعدات العسكرية.