اسلاميو الجزائر خسروا السلطة ولم يكسبوا الحراك

إسلاميو الجزائر يتقلبون بين موقف ونقيضه من السلطة، جلبهم بوتفليقة لأحضان النظام قبل أن يقفزوا من سفينته وأيدوا تبون في مواقف وعارضوه في أخرى بحثا عن إعادة التموقع في ساحة سياسية لم يفارقها التوتر.
إسلاميو الجزائر قدم في المعارضة والأخرى مع السلطة
'حمس' تعارض مشروع الدستور الجديد فقط لأن السلطة لم تُشركها بالمشاورات
مواقف 'حمس' المتناقضة لا تخرج عن تكتيك سياسي دأب الإخوان على إتباعه

الجزائر- يتقلب إسلاميو الجزائر بين أشد وأكثر المواقف المتناقضة في ساحة سياسية لم يفارقها التوتر منذ استقالة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الذي نجح خلال حكمه في جلب أكبر حزب إخواني هو حركة مجتمع السلم (حمص) إلى حضن السلطة والتي لم تفارقها إلا حين شعرت بأن زمن بوتفليقة انتهى.

وكانت 'حمس' التي تعتبر الفرع الجزائري للإخوان المسلمين قد دعمت بوتفليقة قبل أن تقفز من سفينة النظام أشهرا قبل سقوطه، ثم ولت وجهها نحو الحراك الشعبي وركبت على موجة التغيير من دون أن تعارض الرئيس عبدالمجيد تبون الذي يعتبر امتدادا للنظام السابق، حتى قيل إنها وضعت قدما في الحراك وأخرى مع السلطة، في موقف متأرجح فسره البعض بتكتيك سياسي دأب الإخوان على إتباعه.

وفي أحدث موقف للحركة الإسلامية الأكبر في الجزائر، أعلنت 'حمس' أنها ستتوجه للشعب الجزائري للتصويت بـ"لا" على مشروع الدستور وهو المشروع الذي تؤكد السلطة أنه يستجيب لحد كبير إلى تطلعات الحراك الشعبي.

وقال الأمين العام لحركة مجتمع السلم عبدالرزاق مقري اليوم الاثنين في مؤتمر صحفي عقده الاثنين بمقر حزبه بالعاصمة، إن هناك "تيارا أفكاره ومنهجه موجودة في مشروع الدستور ويتمنى تمريره بقوة، لكنه بالمقابل يدعو ظاهريا لمقاطعة الاستفتاء الشعبي يوم 1 نوفمبر (تشرين الثاني)."

حمس دعمت بوتفليقة قبل أن تقفز من سفينة النظام أشهرا قبل سقوطه ثم ولت وجهها نحو الحراك الشعبي وركبت موجة التغيير من دون أن تعارض الرئيس عبدالمجيد تبون

ودعا الجزائريين للمشاركة بقوة في الاستفتاء على مشروع الدستور والتوجه بالملايين لصناديق الاقتراع في نوفمبر/تشرين الثاني والتصويت بـ"لا"، مضيفا أن "الأغلبية تستطيع التغلب على المتمكنين ماليا وإعلاميا".

وتابع"مشروع الدستور غير توافقي واللجنة التي أعدته غير تمثيلية وتمريره من قبل نواب الموالاة في البرلمان كانت أسبابا لإعلاننا لموقفنا الرافض لمحتواه". وكان حزب حركة مجتمع السلم في ما مضى من أحزاب الموالاة خلال حكم بوتفليقة.

وبرر مقري دعوته لرفض مشروع الدستور بأنه (المشروع) "لم يأخذ بمقترحات الحزب  ومنها تحديد طبيعة النظام السياسي وتعيين رئيس حكومة من الأغلبية إلى جانب وجود فقرات مسمومة تهدد الهوية منها حيادية المدرسة بالإضافة إلى  المادة 67 التي تحدد توزيع المناصب العليا في الدولة".

وكان لافتا أن موقف 'حمس' مبني على المصلحة الحزبية وعلى التموقع والنفوذ في الخارطة السياسية الجديدة لمرحلة ما بعد بوتفليقة.

ويحاول إسلاميو الجزائر العودة إلى الساحة السياسية، إلا أنهم فشلوا في السابق في تشكيل تحالف قوي قادر على مقارعة السلطة بسبب خلافات بين الأحزاب الإسلامية حول الموقف من النظام، فحمس على سبيل المثال اختارت في فترة ما من حكم بوتفليقة أن ترتمي في أحضان السلطة مقابل مكاسب سياسية سرعان ما انهارت مع سقوط النظام.

وخسرت 'حمس' ود نظرائها من الأحزاب الإسلامية ولم تكسب ودّ السلطة الجديدة التي تبدلت معها الوجوه من دون أن تخرج من عباءة النظام السابق.   

ويأتي موقف 'حمس' بينما أعلنت السلطة المستقلة للانتخابات في الجزائر الاثنين أن الحملة الدعائية للاستفتاء الشعبي على مشروع الدستور المعدل ستنطلق في 7 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، لكن دون تجمعات شعبية بسبب جائحة "كورونا".

وقال محمد شرفي رئيس السلطة في حوار مع الإذاعة الرسمية، إن "انطلاق الحملة الانتخابية للاستفتاء سيكون في السابع من أكتوبر".

مشروع تعديل الدستور يتضمن منع الترشح للرئاسة لأكثر من فترتين (5 سنوات لكل واحدة) سواء متتاليتين أو منفصلتين ويلزم رئيس الدولة بتعيين رئيس للحكومة من الأغلبية البرلمانية

وتنتهي هذه الحملة قبل أربعة أيام من الاستفتاء الشعبي على مشروع الدستور المقرر في 1 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وأضاف "أستبعد تنظيم تجمعات شعبية خلال الحملة الانتخابية بالنظر إلى الظرف الصحي الذي تمر به البلاد، لكن سيتم ضبط رزنامة عمل تخص نشاطات الأحزاب والجمعيات والشخصيات الوطنية حول مشروع الدستور".

وسجلت الجزائر حتى الأحد 51 ألفا و67 إصابة بالفيروس، بينها 1714 وفاة و35 ألفا و860 حالة شفاء، وفق وزارة الصحة.

وتابع شرفي "هذا الاقتراع له خصوصيته، حيث لا يكتسي حلة المنافسة وسيوجه فيه التركيز خلال الحملة على جانب تحسيس (توعية) المواطن للقيام بواجب المواطنة وشرح مضمون المشروع".

ويتألف مشروع تعديل الدستور من ديباجة و7 أبواب ومن أهم بنوده منع الترشح لرئاسة الجمهورية لأكثر من فترتين (5 سنوات لكل واحدة)، سواء متتاليتين أو منفصلتين.

كما يلزم رئيس الجمهورية بتعيين رئيس الحكومة من الأغلبية البرلمانية والسماح بمشاركة الجيش في مهام خارج الحدود بشرط موافقة ثلثي أعضاء البرلمان.

وتشكك قوى معارضة في وعود النظام الحاكم بالإصلاح الجذري وتعتبر أن ما أعلنه من إصلاح هو مجرد شعارات ومحاولة لتجديد واجهته من دون إحداث انتقال ديمقراطي حقيقي.

لكن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون اعتبر تعديل الدستور بمثابة حجر الأساس في إصلاحات جذرية وعد بها قبل وبعد اعتلائه سدة الحكم في 19 ديسمبر/كانون الأول 2019.

وفاز تبون بأول انتخابات رئاسية أُجريت بعد أن أجبرت احتجاجات شعبية عبدالعزيز بوتفليقة على الاستقالة من الرئاسة في 2 أبريل/نيسان 2019 بعد عشرين عاما في المنصب.

وتولى تبون الرئاسة خلفا للرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح الذي كان يعتبر الرجل الثاني في الدولة والذي آلت إليه رئاسة البلاد خلفا لبوتفليقة وفق الآليات الدستورية كونه كان رئيسا للبرلمان.