اشتعال الجبهة ينسف آمال سكان شمال إسرائيل بالعودة

العديد من سكان المناطق الإسرائيلية على الحدود مع لبنان يعتقدون أن العودة إلى منازلهم لن تتم قبل عام آخر.

بيروت - شن الجيش الإسرائيلي اليوم الثلاثاء موجة جديدة من الضربات واسعة النطاق على أهداف لحزب الله، بعد إعلان لبنان مقتل المئات في حملة من الغارات الكثيفة الاثنين، بينما تضاءلت آمال سكان شمال إسرائيل في العودة إلى مناطقهم التي هجروها بعد اندلاع الاشتباكات مع الجماعة اللبنانية.

وقال هرتسي هاليفي رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي إن الهجمات على الجماعة المتحالفة مع إيران سيجري تكثيفها، وذلك بعد يوم من إعلان السلطات اللبنانية أن أكثر من 500 شخص قتلوا في الهجمات.

وذكر هاليفي بعد إجراء تقييم أمني "يتطلب الوضع استمرار التحركات وتكثيفها على جميع الجبهات".

وقال مبعوث إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون اليوم الثلاثاء إن إسرائيل منفتحة على أفكار لتهدئة الصراع في لبنان، وذلك غداة إعلان الولايات المتحدة أنها تستكشف بعض "الأفكار الملموسة" مع الحلفاء والشركاء.

وأضاف للصحفيين "بينما نتحدث، هناك قوى مهمة تحاول طرح أفكار ونحن منفتحون على ذلك. لا نرغب في شن أي غزو بري في أي مكان... نفضل الحل الدبلوماسي".

وترى الحكومة الإسرائيلية أن تأمين الحدود الشمالية وإعادة السكان إليها هي أولوية عسكرية مما يمهد الطريق لصراع طويل، في حين توعدت جماعة حزب الله بمواصلة القتال لحين التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.

ونسف التصعيد الدائر آمال العودة لدى سكان شمال إسرائيل ويقول شارون الذي لجأ قبل عدة أشهر إلى يوكنئام إيليت في منطقة حيفا، ثالث مدن البلاد، "أعتقد أن الأمر سيستغرق عاماً آخر قبل أن نتمكن من العودة إلى منزلنا".

ويضيف إن المواجهات "تدفع للاعتقاد بأننا نتجه نحو الحرب، ولكن بعد ذلك سنكون قادرين على العودة".

ومنذ اندلاع الحرب في قطاع غزة بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في 7 أكتوبر/تشرين الأول في إسرائيل، أعلن حزب الله مساندة غزة عبر قصف شمال إسرائيل.

وتم إجلاء عشرات الآلاف من سكان الشمال من المناطق القريبة من الحدود، وما زال نحو 60 ألفا منهم داخل البلاد، بحسب البيانات الرسمية. وتمارس ضغوط على الحكومة لتأمين عودتهم.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في 10 سبتمبر/أيلول "لدينا مهمة هنا لم تنجز بعد، وهذه المهمة هي تغيير الوضع الأمني وإعادة الناس إلى منازلهم".

ومنذ ذلك الحين، كثف الجيش الإسرائيلي غاراته الجوية التي يعلن أنها تستهدف مواقع حزب الله في لبنان.

وأدت غارات كثيفة واسعة النطاق الاثنين إلى مقتل 558 شخصا على الأقل وفقا للسلطات اللبنانية، وهي أكبر حصيلة منذ الحرب الأخيرة بين إسرائيل ولبنان في عام 2006.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد إن بلاده "لا يمكنها أن تتسامح مع إطلاق النار على سكانها"، مؤكدا أنه عازم على التحرك من أجل عودة السكان إلى الشمال، مشددا على أن العملية ضد حزب الله ستستمر وتتسع.

وقال شارون، وهو مدرس يبلغ من العمر 29 عاماً، غيَّر مكان إقامته نحو عشر مرات وغيَّر مهنته وحياته منذ نحو سنة منذ بدء الحرب "قد ينتهي الأمر خلال شهر، أو ثمانية أشهر، أو سنتين، لا يمكننا أن نعرف ماذا سيحدث".

وعلى الرغم من رغبته في العودة إلى منزله، يقول إن الأمر يتطلب إصلاح البنية التحتية والمنازل التي تم إخلاؤها، وتأمين المنطقة.

ويضيف "لا أحد يضمن لي أن ما حدث في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 لن يتكرر مرة أخرى في الشمال".

ديدي التي تحدوها الرغبة نفسها في العودة إلى حياتها السابقة هي على قناعة بأن كل شيء قد تغير. استقرت مدرسة المسرح واليوغا البالغة من العمر 44 عاما في منطقة كليل، على بعد نحو ثلاثين كيلومترا إلى الجنوب من منزلها في كيبوتس أدميت، على الحدود مع لبنان.

وتقول ديدي التي فضلت عدم ذكر اسمها كاملا، "لست خائفة على الإطلاق، لكن الانتظار محبط. أعتقد أنه لن يعود أي شيء إلى ما كان عليه من قبل في إسرائيل، لأن ما حدث جنوني تماما".

ومثل كثيرين، تبدو الحرب حتمية بالنسبة لها، قائلة "حتى وإن كان الأمر محزنا، خوض إسرائيل هذه الحرب جيد وكان لا بد منه على أي حال"، موضحة أنها لا تملك الحل.

وما يثقل الأجواء والشعور بالخوف إطلاق الصواريخ من لبنان واعتراضات الدفاع الجوي الإسرائيلي التي تملأ السماء بانفجارات مدوية، وسط هدير الطائرات العسكرية الذي لا يهدأ.

بدوره غادر إيدو روفين، وهو مرشد سياحي يبلغ من العمر 27 عاما، كريات شمونة إلى قرية جفعات أفني التي استأجر فيها منزلا وتعرضت لقصف صاروخي الاثنين.

ويقول روفين "تبدو الأيام المقبلة صعبة، لكن يجب أن نأمل أن تسير الأمور نحو الأفضل". لكنه يضيف أنه يعيش يوميا تجارب صعبة يختبر خلالها تقلب مشاعره بين الخوف والقلق والحزن والارتياح.