
اعتداء إرهابي حوثي بمسيرات مفخخة على مصفاة نفط سعودية
الرياض - أعلن مصدر في وزارة الطاقة السعودية اليوم الجمعة أن "مصفاة تكرير البترول في الرياض تعرضت لاعتداء بطائرات مسيرة ونجم عن الهجوم حريقٌ تمت السيطرة عليه" مشيرا إلى عدم وقوع إصابات، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء السعودية.
واستخدم الحوثيون الذين تبنوا الهجوم 6 طائرات مسيرة ما تسبب في اندلاع النيران في المصفاة، فيما يأتي الاعتداء الإرهابي بعد أن حقق المتمردون تقدما ميدانيا في مدينة مأرب اليمنية التي تدور حولها معارك عنيفة منذ أسابيع.
ويعد الاعتداء الإرهابي الثاني الذي يستهدف منشأة طاقة سعودية هذا الشهر، ما يمثل تصعيدا خطيرا في الحرب المستمرة منذ ست سنوات في اليمن بين تحالف تقوده السعودية دعما للحكومة المعترف بها دوليا والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.
وسبق ان حذّرت المملكة من أن استهداف منشآتها النفطية من قبل الحوثيين يشكل تهديدا لأمن العالم من الطاقة بينما يأتي هذا التصعيد الخطير مدفوعا بتراخ دولي وبموقف أميركي غير متوازن حيال تنظيم كان على اللائحة الأميركية للتنظيمات الإرهابية قبل أن يلغيه الرئيس الديمقراطي جو بايدن ضمن مراجعات تجريها إدارته لقرارات سابقة اتخذتها إدارة سلفه دونالد ترامب.
واكتفت واشنطن بادانة الهجوم، واصفة إياه بالمحاولة "لإعاقة إمدادات النفط العالمية". وقالت الناطقة باسم الخارجية الأميركية جالينا بورتر للصحافيين "ندين محاولات الحوثيين لإعاقة إمدادات الطاقة العالمية عبر استهداف البنى التحتية السعودية"، معربة عن "القلق العميق (في واشنطن) حيال وتيرة الهجمات على المملكة".
وتابعت "يكشف هذا السلوك عن عدم الاكتراث المطلق بسلامة المدنيين سواء كانوا من السكان أو العاملين قرب المواقع".
ويريد بايدن تقديم الخيار الدبلوماسي في حل النزاع اليمني وأيضا في إعادة إيران الداعمة الرئيسية للحوثيين إلى الاتفاق النووي للعام 2015، ما يسلط الضوء على إستراتيجية مربكة تخدم أنشطة مزعزعة للاستقرار في المنطقة.
ولم تقدم الإدارة الأميركية بدائل للتعاطي مع تعنت الحوثيين الذين رفضوا مقترحا أميركيا لوقف إطلاق النار من أجل تهيئة الظروف لإحياء محادثات السلام اليمنية.
وكان المتمردون الحوثيون أعلنوا في وقت سابق أنهم قاموا باستهداف "شركة أرامكو في الرياض بست طائرات مسيرة أصابت أهدافها بدقة عالية".
وصعّد المتمرّدون هجماتهم على السعودية بعدما شطبتهم الولايات المتحدة من لائحة المنظمات الإرهابية التي أدرجتهم عليها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. وحذرت المنظمات الإنسانية من أن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية يعوق تقديم مساعدات ضرورية للبلد الغارق في الحرب وهو مجرد تقدير موقف يجانب الصواب، فالميليشيا المدعومة من إيران لم تتجاوب في السابق مع جهود الإغاثة الإنسانية بل كانت معطلا لها، وفق تقارير أممية كانت قد أكدت أن المتمردين نهبوا مساعدات دولية وحولوا وجهتها إلى مخازنهم.
وتبدو المخاوف المعلنة من أن تصنيف الحوثيين تنظيما إرهابيا سيؤثر على مسار المساعدات الإغاثية مبالغ فيها.
ويأتي هجوم الجمعة بعد أن حقق الحوثيون تقدما باتجاه مدينة مأرب بعد إحكام سيطرتهم على منطقة جبلية إستراتيجية في أعقاب معارك خلفت عشرات القتلى والجرحى.
وكان مصدر عسكري حكومي يمني قال إن المتمردين "سيطروا على جبل هيلان المطل على مأرب بعد معارك خلفت عشرات القتلى والجرحى من الطرفين".
وذكر مصدر عسكري يمني أن سقوط جبل هيلان يشكل "تهديدا لجبهات الدفاع الأولى عن مأرب"، موضحا أن الحوثيين "تمكنوا من قطع خطوط إمداد بعض الجبهات وباتوا يسيطرون على جبهة المشجح شمال غربي مأرب".
وحذر المسؤول من أن مدينة مأرب "بعد سقوط جبل هيلان باتت في خطر"، مشيرا إلى أنه أعلى مرتفع يطل على المدينة، فيما قال مسؤول آخر إن قوات التحالف بقيادة السعودية شنت عشر غارات جوية على مواقع تابعة للحوثيين بعد ذلك.
وأكد المتمردون عبر قناة المسيرة الناطقة باسمهم وقوع غارات جوية في مأرب. ولا يعلن المتمردون الحوثيون في العادة عن خسائرهم.
ورأى ماجد المذحجي من مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية أنه "لا يوجد إمكانية لسقوط مأرب على المدى القريب"، لكنه قال إنه بالنسبة للمتمردين الحوثيين فإن المعركة في مأرب "أساسية وحاسمة".
وأضاف أنه في حال سيطر الحوثيون على مأرب "لا يوجد فرصة لسلام قريب في اليمن، على الأقل ليس في السنوات الثلاث أو الأربع المقبلة".
ومنذ عام ونصف العام يحاول الحوثيون المدعومون من إيران السيطرة على مدينة مأرب الغنية بالنفط بهدف وضع أيديهم على كامل الشمال اليمني.
وبعد فترة من التهدئة، استأنف المتمردون في الثامن من فبراير/شباط هجومهم على القوات الحكومية المدعومة من تحالف عسكري تقوده السعودية في أفقر دول شبه الجزيرة العربية منذ مارس/اذار 2015.
ويسعى الحوثيون للسيطرة على مأرب قبل الدخول في أي محادثات جديدة مع الحكومة المعترف بها خصوصا في ظل ضغوط إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للدفع باتجاه الحل السياسي.
ومن شأن سيطرة الحوثيين على مأرب توجيه ضربة قوية إلى الحكومة اليمنية، إذ سيسيطرون بذلك على كامل شمال اليمن.
وبقيت مدينة مأرب الواقعة على بعد حوالي 120 كيلومترا شرق العاصمة صنعاء حيث يفرض المتمردون سيطرتهم منذ 2014، في منأى عن الحرب في بدايتها.
وأدان مجلس الأمن الدولي الخميس "التصعيد" في المواجهات المسلحة حول مدينة مأرب اليمنيّة، محذرا من تفاقم المأساة الإنسانيّة في البلد المنهار أصلا.
وقال مجلس الأمن الدولي في بيان إن معركة مأرب "تعرّض مليون نازح داخليا لخطر كبير وتهدد جهود التوصل إلى حلّ سياسي، في وقت يتحد المجتمع الدولي بشكل متزايد لإنهاء النزاع".
وشدد على "ضرورة وقف التصعيد" من كلّ الأطراف، دعيا خصوصا الحوثيين المدعومين من إيران إلى وقف أعمالهم العسكرية في مأرب.
ويشهد اليمن بعد ست سنوات من الاقتتال على السلطة في نزاع حصد أرواح الآلاف، انهيارا في قطاعات الصحة والاقتصاد والتعليم وغيرها، فيما يعيش أكثر من 3.3 ملايين نازح في مدارس ومخيمات تتفشى فيها الأمراض كالكوليرا بفعل شح المياه النظيفة.
وأسفر النزاع منذ 2014 عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين، بحسب منظمات دولية، بينما بات ما يقرب من 80 بالمئة من سكان اليمن البالغ عددهم 29 مليونا يعتمدون على المساعدات في إطار أكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم.
وتبدو الحياة نوعا ما طبيعية في مدينة مأرب على الرغم من تصعيد القتال خارجها، بينما يتخوف سكانها من اقتراب القتال.
وقالت أم علي وهي واحدة من سكان المدينة "نستنكر ما تتعرض له مدينة مأرب. أطفالنا يشعرون بالفزع والخوف الشديد".
بدوره قال محمد يحيى المقيم أيضا في المدينة "مأرب ستظل صامدة. هذا ما يذكره لنا التاريخ. ظلت مأرب على مدى العصور الشوكة التي تكسر أي عدو يضمر لليمن أي سوء".

مع تسلم جو بايدن الرئاسة في يناير/كانون الثاني الماضي، بدأت الإدارة الجديدة بإلقاء ثقلها الدبلوماسي خلف مبعوث الأمم المتحدة لليمن مارتن غريفيث الذي تتمثل مهمته المعقدة في دفع الجانبين للجلوس حول طاولة المفاوضات.
وطالب المتمردون اليمنيون برفع القيود على الحركة في المطارات والموانئ الواقعة في مناطق سيطرتهم قبل الموافقة على الدخول في مفاوضات لوقف إطلاق النار في البلد الذي يواجه شبح مجاعة واسعة النطاق.
وتطالب الأمم المتحدة بهدنة فورية وبالعودة سريعا إلى طاولة المفاوضات لإنهاء معاناة أفقر دول شبه الجزيرة العربية المستمرة منذ 2014، وسط جهود أميركية لدفع عملية السلام قدما.
وإلى حدّ الآن لم تسفر الجهود الأميركية عن إحراز أي تقدم بل على العكس رافقها تصعيد خطير من قبل الحوثيين دون أن تقدم إدارة بايدن اي بديل لكبح إرهاب تدعمه إيران.
وبمنطق الربح والخسارة فإن واشنطن بموقفها المرن تجاه ممارسات الحوثيين وإيران، تبدو في موقف ضعف وفي إحراج بعد أن أدار المتمردون ظهرهم لجهود السلام ولمبادرة أميركية مربكة في توقيتها ومضمونها.
وتنتقد شخصيات جمهورية نافذة سياسة بايدن حيال تطورات الوضع في اليمن وحيال شريك استراتيجي في المنطقة هو السعودية أكبر منتج للنفط في العالم.
ادانات واسعة للحوثيين وتضامن مع المملكة
وأدانت دول ومنظمات الاعتداء الإرهابي الذي شنه الحوثيون على مصفاة تكرير البترول في الرياض بطائرات مُسيّرة.
ونددت جامعة الدول العربية بالهجوم، مؤكدة في بيان لها أنه يُشير بوضوح إلى أجندة جماعة الحوثي وداعميها التي لا تستهدف السعودية وحدها وإنما تسعى لتهديد إمدادات الطاقة.
وأدان الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور نايف فلاح مبارك الحجرف، تعرض مصفاة تكرير البترول في الرياض لاعتداء إرهابي متعمد بطائرات مسيرة.
وأكّد أن "هذا الاعتداء وما سبقه من أعمال إرهابية وتخريبية، تكرر ارتكابها ضد المنشآت الحيوية والأعيان المدنية في المملكة العربية السعودية التي كان آخرها محاولة استهداف مصفاة رأس تنورة والحي السكني التابع لشركة أرامكو السعودية في مدينة الظهران، لا يستهدفان أمن المملكة العربية السعودية ومقدراتها الاقتصادية فقط وإنما يستهدفان أمن دول المجلس والأمن والاستقرار الإقليمي والدولي".
وأدان الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يوسف بن أحمد العثيمين، بأشد العبارات تعرض مصفاة تكرير البترول في الرياض لاعتداء إرهابي بطائرات مسيرة.
وأكد العثيمين في بيان أن هذا الهجوم عمل إرهابي وتخريبي جبان، مشددا على أن الاعتداءات على المنشآت الحيوية لا تستهدف المملكة فقط بل تطال أمن واستقرار إمدادات الطاقة في العالم، وتشكل تهديدا لأرواح المدنيين.
وأدانت مصر بأشد العبارات أيضا استهداف ميليشيا الحوثي الإرهابية مصفاة تكرير البترول في الرياض.
وأكّدت الخارجية المصرية في بيان لها على عميق شجبها ورفضها الكامل لاستمرار هذه الاعتداءات التخريبية الجبانة التي تُمثل تهديدا مباشرا لأمن واستقرار المملكة وشعبها وكذا لأمن واستقرار إمدادات الطاقة.
وأعربت دولة الإمارات العربية المتحدة عن إدانتها واستنكارها الشديدين للاعتداء الذي وصفته بالجبان الذي ارتكبته ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران.
وأعربت دولة الكويت عن إدانتها واستنكارها الشديدين للاعتداء. وأكدت وزارة الخارجية الكويتية في بيان لها الجمعة أن تكرار هذه العمليات الإرهابية وتصاعد وتيرتها واستهدافها المناطق المدنية والحيوية لا يشكل تهديدا لأمن المملكة العربية السعودية واستقرار المنطقة فحسب وإنما تهديدا مباشرا لإمدادات الطاقة والاقتصاد العالمي وتحديا مباشرا للقوانين الدولية والإنسانية.
وشدد الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأردنية السفير ضيف الله الفايز على موقف بلاده الدائم بالوقوف المطلق إلى جانب المملكة العربية السعودية في وجه كل ما يهدد أمنها وأمن شعبها، مؤكدا أن أمن البلدين واحد لا يتجزأ وأي تهديد لأمن المملكة هو تهديد لأمن واستقرار المنطقة بأكملها.
وأكدت وزارة الخارجية البحرينية موقف مملكة البحرين الراسخ والمتضامن مع السعودية ضد كل ما يستهدف أمنها وسلامتها، مشددة على ضرورة قيام المجتمع الدولي بمسؤولياته في إدانة الأعمال الإرهابية الإجرامية التي تقوم بها مليشيات الحوثي والتي تهدد الأمن والسلم الإقليمي.
وأدانت جمهورية جيبوتي بشدة تعرض مصفاة تكرير البترول في الرياض لاعتداء إرهابي بطائرات مسيرة.
كما أدانت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا بأشد العبارات استمرار جرائم الميليشيات الحوثية الإرهابية ضد المنشآت الحيوية والأعيان المدنية في المملكة العربية السعودية والتي كان آخرها استهداف مصفاة تكرير البترول في الرياض بطائرات مسيرة مفخخة.