اعتقال قيادات المعارضة خلال مسيرة "الرحيل" نحو قصر البشير

السلطات السودانية تعتقل عدداً من قيادات المعارضة التي نفذت مشاركة غير مسبوقة مع تجمع المهنيين في مسيرة بهدف تسليم مذكرة تطالب بتنحي الرئيس.
اعتقال ثلاثة أعضاء بارزين من حزب الأمة
مسيرة لتسليم مذكرة تطالب البشير بالتنحي الفوري
مواجهات مع قوات الأمن في السوق العربي

الخرطوم - اعتقلت السلطات الأمنية السودانية في الخرطوم، اليوم الخميس، أكثر من 10 من قيادات الأحزاب المعارضة خلال مسيرة "الرحيل" التي كانت متجهة نحو القصر الرئاسي.

وقالت القيادية بأكبر حزب معارض في السودان، رباح الصادق المهدي، أن قوات الأمن اعتقلت عددا من زعماء الأحزاب البارزين كانوا في طريقهم لتسليم التماس للقصر الرئاسي يطالب بتغيير في الحكومة.

وأكدت رباح، وهي ابنة زعيم المعارضة الصادق المهدي الذي يرأس حزب الأمة، إن من بين المعتقلين محمد مختار الخطيب الأمين العام للحزب الشيوعي وثلاثة أعضاء بارزين من حزب الأمة وهم نائب رئيس الحزب مريم الصادق وكذلك الأمين العام للحزب سارة نقدالله ونجل الصادق المهدي صديق.

وقال شهود عيان، اليوم الخميس،  إن "مجموعة من سيارات الأمن اعتقلت قادة الأحزاب المتحالفة مع تجمع المهنيين، من أمام بوابة مسجد بمنطقة السوق العربي وعلى بعد خطوات من القصر الرئاسي.

وأكد الشهود أنه من بين المعتقلين رئيس حزب البعث السوداني يحي الحسين، وممثل تجمع المهنيين محمد يوسف المصطفى، وقد تم اقتيادهم لمباني الأمن السياسي بمدينة بحري.

ووفقا للشهود، فأن الشرطة السودانية فرقت بالغاز المسيل للدموع المئات من المتظاهرين بمنطقة السوق العربي في قلب العاصمة الخرطوم، مع انطلاق موكب "الرحيل" الذي نادى له تجمع المهنيين السودانيين وقوى الحرية والتغيير .

وتحولت منطقة السوق العربي إلي ساحة كر وفر بين المتظاهرين والأجهزة الأمنية التي سيطرت على المكان واعتقلت مجموعة من المتظاهرين، بحسب شهود عيان .

وأعاقت الأجهزة الأمنية وصول موكب "الرحيل" إلي محطته النهائية نحو القصر الرئاسي وفق ما كان مخطط له، وتسليم مذكرة تطالب نظام الرئيس السوداني عمر البشير بالتنحي الفوري وتدعو لتكوين حكومة قومية بفترة انتقالية لأربعة أعوام وبدستور مؤقت .

وذكر شهود أن المظاهرات لازالت مستمرة في أنحاء متفرقة وسط الخرطوم وعدد من الأحياء.

وتشهد السودان منذ أكثر من شهرين سلسلة تظاهرات احتجاجية تولى تجمع المهنيين زمام الدعوة إليها للتنديد بالأوضاع الاقتصادية والمطالبة بإسقاط النظام.

وجددت الولايات المتحدة، أمس الأربعاء، تحذيراتها للسلطات السودانية من مواصلة قمعها للمتظاهرين مهددة بإبقائها ضمن قائمة الدول الداعمة للإرهاب.

وقال رجال أعمال وناشطون وأساتذة جامعيون إن التدهور الاقتصادي أثار استياء طبقة المهنيين التي تحمل البشير وحزب المؤتمر الوطني الحاكم مسؤولية مشاكلها.

وأضعف ذلك سلطة البشير وشجع حركة الاحتجاج التي استمرت رغم حملة أمنية سقط فيها عشرات القتلى.

واجتذب تجمع المهنيين السودانيين الذي دعا على وسائل التواصل الاجتماعي لتنظيم احتجاجات ونظم إضرابات أطباء ومدرسين ومحامين وغيرهم ممن يشكون منذ عشرات السنين من سوء الإدارة الاقتصادية والعزلة.

وتأسس الاتحاد عام 2015 وكان يعتزم التقدم بطلب للبرلمان السوداني لزيادة المستوى الأساسي لمرتبات العاملين في القطاع العام كل شهر والبالغ 650 جنيها سودانيا، تعادل الآن 13.60 دولار فقط بسعر الصرف الرسمي، وذلك في 25 ديسمبر بعد ستة أيام من بدء تصعيد الاحتجاجات.

وقال محمد يوسف أحمد المصطفى المتحدث باسم التجمع وأستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم "قررنا رفع سقف مطالب مذكرتنا من تحسين الأجور وبيئة العمل والحق في قيام نقابات مهنية إلى المطالبة بتنحي النظام واستشعارا بالرغبة الشعبية قرننا تحويل مكان تقديم المذكرة من البرلمان إلى القصر الرئاسي".

وأضاف "كانت هناك استجابة كبيرة لنا لأن هناك أزمة اقتصادية وفشل للحكومة وأزمات في الوقود والخبز والسيولة النقدية كما أن المهنيين ليس جماعة فوقية فنحن موجودون في وسط الشعب ونحن جزء منه لذلك اكتسب حراك التجمع ثقة شعبية".

لكن المسؤولون نسبوا الاضطرابات إلى متسللين مجهولين وعزلة السودان الدولية وقالوا إنهم يأخذون خطوات لمعالجة اضطراب الوضع الاقتصادي. ويقول مصرفيون إن العقوبات الأميركية كبلت الاقتصاد رغم تخفيفها.

ويقول دبلوماسيون إن البشير حاول أن يكون رده متوازنا لتحسين صورته الدولية إذ أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت أمرا بالقبض عليه بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور كما أنه يتطلع للحصول على مساعدات مالية من صندوق النقد الدولي.

وقد خفف البشير من حدة تحذيراته للمحتجين باستخدام تعبيرات تشير إلى تعاطفه مع محنتهم.

غير أن الاحتجاجات في الخرطوم ومدن أخرى استمرت بصفة شبه يومية ودعا المتظاهرون إلى نهاية حكم البشير الذي يرون أنه يرقى إلى نهب أموال الشعب ويتسم بالعجز.

ومن الهتافات التي رددها المتظاهرون "يسقط بس" و"سلمية سلمية ضد الحرامية".

وكثير من المحتجين من الشبان والشابات الذي يكافحون للعثور على وظيفة يمكن أن تحقق لهم دخلا يسد احتياجاتهم المعيشية في بلد يعد أكثر من نصف سكانه البالغ عددهم 42 مليون نسمة دون سن التاسعة عشرة.

ويتذكر بعض السودانيين الأكبر سنا كيف كان الوضع مختلفا قبل وصول البشير للسلطة في انقلاب عام 1989.