افتتاح المسجد الأقصى بعد إغلاقه لأكثر من شهرين

المسجد يعيد فتح أبوابه أمام المصلين فجر الأحد بعد إغلاقه في مارس بسبب فيروس كورونا مع فرض بعض الإجراءات الاحترازية في ظل تحذير مسؤولي الصحة من ارتفاع الإصابات بالفيروس.

القدس - عبر مئات المسلمين فجر الأحد باب حُطة الخشبي الأخضر الكبير أحد أبواب الحرم القدسي ليؤدوا الصلاة فيه للمرة الأولى منذ إغلاقه قبل شهرين للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، غداة مقتل فلسطيني بالقرب من المكان في حادثة أثارت غضب الفلسطينيين.

وكان مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في القدس أعلن في آذار/مارس الماضي تعليق حضور المصلين للمسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة لفترة موقتة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد.

وعادة تفتح عند صلاة الفجر ثلاثة من أصل عشرة أبواب للحرم القدسي بينما تفتح الأبواب الأخرى في وقت لاحق من الصباح.

ودخل المؤمنون إلى الباحات بعيد الساعة الثالثة، أي قبل الأذان وهم يرددون "الله أكبر، بالروح بالدم نفديك يا أقصى".

وكان في استقبالهم مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني الذي هنأهم على صبرهم عبر مكبرات الصوت.

وأعلن الكسواني عن فتح جميع المصليات المسقوفة في الحرم القدسي بما فيها مسجدي قبة الصخرة والمصلى القبلي (الأقصى) أبوابها أيضا للمصلين صباح الأحد.

وحث مدير المسجد المصلين مرارا على التقيد بتعليمات التباعد الاجتماعي المعلنة.

وعقب الصلاة، قال الكسواني أن ما بين ثلاثة وأربعة آلاف مصل أدوا صلاة فجر الأحد في الحرم القدسي، حيث تم تعزيز عدد الحراس والسدنة بستين عنصرا إضافيا لتوجيه المصلين وضمان التزامهم بتعليمات التباعد.

وأهاب الكسواني "بأهلنا وشعبنا الحفاظ على التباعد ووضع الكمامات لأن الفيروس ما زال موجود وحتى لا يستغل الطرف الآخر الأمر ويتدخل بشؤون المسجد".

وقال مدير المسجد إن مجلس الأوقاف قرر التعايش مع الفيروس لكن "على شعبنا الالتزام بالتعليمات".

وتسكن "أم راتب" خارج باب السلسلة وهو أحد أبواب الحرم القدسي. وتقول السيدة التي كانت تجلس في الزاوية المخصصة للنساء داخل المسجد الأقصى إنها سعيدة بإعادة فتح المسجد. وتضيف وقد غطت رأسها بحجاب أسود، "الحمدلله أنا سعيدة بكرم الله".

وتصف أم راتب شعورها خلال إغلاق المسجد بأنه "تعيس"، موضحة "كنا في السابق نقضي معظم وقتنا هنا ونترك الأطفال يلعبون، الأقصى حياة".

وبلغ عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد في إسرائيل التي يبلغ عدد سكانها نحو تسعة ملايين نسمة، أكثر من 17 ألفا و284 وفاة.

وفي الجانب الفلسطيني أحصيت 447 إصابة مؤكدة وثلاث وفيات في الضفة الغربية وقطاع غزة لعدد سكان يبلغ نحو خمسة ملايين نسمة.

وكانت الشرطة الإسرائيلية أطلقت النار السبت على فلسطيني ثلاثيني أعزل من ذوي الاحتياجات الخاصة، اشتبهت بأنه مسلح وأردته قتيلا في البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة.

اصطف المصلون الذين غطت الكمامات الصحية وجوههم على السجاد الذي وضعت عليه أشرطة لاصقة سمراء وأخرى بيضاء لتحديد المسافات بينهم، في الوقت الذين كان فيه المتطوعون يفرغون المعقمات الصحية على أيدي المصلين.

وكانت الطرق المؤدية إلى الحرم القدسي مبللة بعد عمليات تعقيم وتنظيف قام بها موظفو الأوقاف الإسلامية قبيل إعادة فتحه. ووزع الحراس الذين تواجدوا خارج الأبواب قبيل فتحها الكمامات الواقية على المصلين الذين لا يمتلكونها، كما قاموا بقياس درجات الحرارة للمصلين بعد فتح الأبواب.

ويعتبر الشاب رمزي عبيسان (33عاما) من بلدة الطور المشرفة على البلدة القديمة اليوم بأنه " عيد". يقول رمزي "لم يكن هناك رمضان ولا عيد فطر، اليوم هو العيد، كل شيء في الأقصى مختلف".

ويشير الشاب الثلاثيني الذي يبدو مقتنعا بوجود أهداف سياسية إلى جانب الفيروس خلف الإغلاق الذي استمر لأكثر من شهرين، إلى التزام المصلين بالقواعد والتعليمات.

ويضيف "الناس أظهروا وعيا كبيرا. فيهم يعون الخطر المحدق بالمسجد"، معتبرا أن "أحد أسباب الإغلاق رغبة الجانب الإسرائيلي بتحقيق مكاسب سياسية وتغيير وضع السيادة".

ويقع المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، في القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل بعد حرب 1967، وهو في صلب النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.

وتسيطر القوات الإسرائيلية على مداخل الموقع الذي تتولى إدارته دائرة الأوقاف الإسلامية التابعة للأردن. ويقول اليهود إنه موقع جبل الهيكل أكثر الأماكن الدينية قدسية لديهم.

ومنذ انتشار الفيروس، دعا المؤذنون إلى الصلاة، لكن في البيوت حتى خلال شهر رمضان الذي انتهى الأسبوع الماضي.

والشهر الماضي قال فراس القزاز أحد مؤذني المسجد الأقصى وهي مهمة تتوارثها العائلة منذ أكثر من 500 عام، "أشعر بأن قلبي قد كسر عندما أقول في نهاية الآذان صلوا في بيوتكم".

وأعيد فتح المساجد بعد تخفيف القيود المفروضة على السكان في ظل تراجع ملحوظ في عدد الإصابات الجديدة بالفيروس.

يخشى الفلسطينيون محاولة إسرائيل تغيير الوضع القائم في المسجد منذ حرب 1967 والذي يسمح بمقتضاه للمسلمين بدخوله في أي وقت في حين لا يسمح لليهود بذلك إلا في أوقات محددة وبدون الصلاة فيه.

وصباح الأحد، دخل نحو مئة مستوطن إلى باحات المسجد والتجول فيه وسط حراسة مشددة من الشرطة الإسرائيلية. وكان من بين المستوطنين، اليميني المتشدد يهودا غليك ووزير الزراعة السابق أوري أرييل.

وتزامن دخولهم مع اعتقال عناصر الشرطة الإسرائيلية الذي انتشروا في الباحات، أربعة أشخاص بينهم صحافية أطلق سراحها بعد مدة قصيرة مع قرار بالإبعاد لمدة أسبوع عن المسجد.

خارج الحرم القدسي، وفي البلدة القديمة نفذت الشرطة الإسرائيلية عددا من الاعتقالات. وطال الاعتقال مدير نادي الأسير الفلسطيني في المدينة المحتلة ناصر قوس الذي افرج عنه لاحقا مع قرار بالإبعاد عن المسجد لمدة أسبوع.