اقتصاد تركيا يتوقع الأسوأ مع شلل السياحة بسبب كورونا

السلطات التركية تعلن ارتفاع عدد المصابين بكورونا إلى 47 حالة وتغلق المقاهي وأماكن الترفيه والرياضة وتمنع صلاة الجماعة في المساجد وتوسع حظر طيران ليشمل 20 دولة لاحتواء الفيروس.
قطاع السياحة الذي يشكل 13 بالمئة من الاقتصاد التركي أكبر الخاسرين
حظر الرحلات الجوية من وإلى تركيا يشمل 20 دولة
مخاوف الأتراك تأتي من أماكن الحرب المشارك فيها الجيش التركي

إسطنبول - اعتقلت وزارة الداخلية التركية 19 شخصا في البلاد بسبب مشاركتهم تعليقات حول فيروس كورونا المستجد الذي يطالب المواطنون الأتراك منذ أيام بمنع تفشيه أكثر عبر اتخاذ إجراءات احترازية واستباقية لحمايتهم لكن السلطات اختارت إسكات الأصوات المعارضة لها تخوفا من تأثيرات كارثية على قطاع السياحة الذي استطاع ولو بنسبة ضئيلة التغطية على انهيار الاقتصاد التركي مؤخرا.

وقالت وزارة الداخلية التركية إن البلاد رصدت 93 شخصا كتبوا منشورات "لا أساس لها من الصحة ومستفزة" على مواقع التواصل الاجتماعي عن تفشي فيروس كورونا واعتقلت 19 شخصا منهم.

وجاء ذلك في الوقت الذي أغلقت فيه تركيا المقاهي وأماكن الترفيه والرياضة ومنعت صلاة الجماعة في المساجد ووسعت حظر طيران ليشمل 20 دولة لاحتواء تفشي الفيروس بعد أن زاد عدد الحالات المؤكدة في البلاد إلى 47 حالة.

وأفاد بيان الداخلية بوجود منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تستهدف مسؤولين وتنشر الفزع والخوف بالإشارة إلى أن الفيروس انتشر على نطاق واسع في تركيا وأن المسؤولين لم يتخذوا إجراءات كافية.

وقال البيان الذي نشر في وقت متأخر من مساء أمس الاثنين "جرى اعتقال 19 من المشتبه بهم وعملية اعتقال الآخرين الذين تم التعرف عليهم مستمرة".

وأصبحت تركيا يوم الأربعاء الماضي أحدث اقتصاد كبير يعلن ظهور حالات إصابة بفيروس كورونا وأعلن وزير الصحة فخر الدين قوجه 29 حالة إصابة جديدة مساء الاثنين ليصل إجمالي عدد الحالات إلى 47. ولم تعلن البلاد أي وفيات.

وقال رئيس بلدية إسطنبول الاثنين إن الأتراك الراغبين في العودة لبلادهم من تسع دول أوروبية سينقلون بحلول منتصف ليل اليوم 17 مارس/آذار بشرط أن يبقوا في الحجر الصحي مدة 14 يوما.

وقال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، اليوم الثلاثاء، إن بلاده ستقوم بإجلاء أكثر من 3600 مواطن في تسع دول أوروبية، بحلول منتصف ليل الثلاثاء.

وسيتم وضع الأشخاص الذين سيتم إجلاؤهم قيد الحجر الصحي لمدة 14 يوما، في مهاجع بإسطنبول ومدينة قوجه ايلي، الواقعة على بعد نحو 100 كيلومتر ناحية الشرق. وليس هناك ما يشير إلى المدة التي ستستغرقها تلك الإجراءات.

وساد القلق في تركيا منذ اتخاذ السلطات قرار تعليق الرحلات الجوية مع إيران وإغلاق الحدود البرية "مؤقتا" في فبراير الماضي بعد أن أصبحت بؤرة لتفشي المرض في المنطقة، وزاد تكتم السلطات عن عدد المصابين المخاوف من دخول البلاد في مرحلة متقدمة من انتشار الفيروس في ظل سيطرة الدولة على وسائل الإعلام.

ا
إسطنبول خالية من السياح

وانتقد نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية سياسة حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم وتركيزه على الأضرار الاقتصادية للفيروس على حساب صحة المواطنين، حيث يعيش الاقتصاد التركي منذ أكثر من ثلاث سنوات أزمة حادة تعمقت بفعل العداءات المجانية التي خلقها الرئيس رجب طيب أردوغان تجاه الدول الغربية ودول الجوار بالاتحاد الأوروبي وخوضه في أكثر من جبهة معارك سببت خسائر عسكرية قاسية للجيش التركي لاسيما في معركة إدلب شمال سوريا.

ويشعر الأتراك بقلق متزايد من انتقال الفيروس المستجد إلى بلادهم عبر مناطق الحرب التي يشارك فيها الجيش التركي مثل سوريا وليبيا حيث لا يوجد نظام صحي مشدد يكشف انتقال العدوى، خصوصا بعد أن تحدثت تقارير عن إصابة عدد من مقاتلي الفصائل السورية المدعومة من أنقرة والذين تم نقلهم عبر مطارات تركية نحو العاصمة الليبية طرابلس في الأسابيع الأخيرة.

ونقلت صحيفة "زمان" التركية بالعربية عن موقع إخباري محلي الثلاثاء أن فيروس كورونا منتشر في مناطق الصراع بسوريا، مشيرة إلى أن "جنودا أتراكا وبعض فصائل المعارضة أصيبوا بالفيروس".

وأضافت أن "الجنود الأتراك المصابون تم نقلهم إلى ريحانلي ومن ثم إلى أكاديمية جولهانة الطبية العسكرية حيث تم وضعهم في الحجر الصحي". 

ويفسر مراقبون تشديد أنقرة الرقابة على وسائل الإعلام وعلى كل من يتحدث عن انتشار الفيروس في البلاد إلى تخوف الحكومة من تأثيرات ذلك على قطاع السياحة الذي يشكل نحو 13 بالمئة من الاقتصاد التركي الذي يمر بأزمة حادة أصلا.

وكانت وزيرة التجارة التركية روهصار بكجان قد أعلنت في وقت سابق تأجيل المعارض المقررة في الفترة بين 16 مارس/آذار ونهاية إبريل/نيسان، في إطار التدابير المتخذة للحيلولة دون تفشي فيروس "كوفيد_19" أكثر.

ومن المرجح أن يتم تأجيل الموسم السياحي في تركيا في وقت تتوقع شركات الطيران والسياحة تسجيل خسائر فادحة بسبب إغلاق الحدود وتعليق الرحلات مع بقية البلدان الأوروبية والعربية والآسيوية.

ويرى أغلب الأتراك أن حكومة بلادهم لا تعتمد الشفافية اللازمة بخصوص عدد المصابين بفيروس كورونا المعلن عنها رسميا مع احتكار الدولة لعملية الاختبارات وسيطرتها الصارمة على سجلات المستشفيات، وهي مخاوف تبدو واقعية في وقت بلغ فيه عدد الوفيات في الجارة إيران إلى 853 حالة و14991 إصابة. 

وفي ظل تزايد الضغط الداخلي من وسائل الإعلام والنشطاء بالإضافة إلى تشديد بلدان العالم لإجراءات الوقاية، أجبرت أنقرة إلى اتخاذ قرارات إضافية فأغلقت الاثنين المدارس والجامعات بالفعل. كما أغلقت أماكن مغلقة، تتضمن دور السينما والمقاهي والمطاعم التي تعزف فيها موسيقى حيّة، ومقاهي النارجيلة ومقاهي الإنترنت ومدن الملاهي والمسابح والصالات الرياضية وقاعات الأفراح.

وكانت السلطات أغلقت اعتباراً من الاثنين وبصورة "مؤقتة" الملاهي الليلية والحانات والمراقص.

ودفع ارتفاع عدد المصابين بالفيروس أيضا إلى منع إقامة صلاة الجماعة في المساجد بعد أيام من تجاهل مديرية الشؤون الدينية التركية التوقعات بإغلاق المساجد.

وقال رئيس هيئة الشؤون الدينية التركية علي إرباش "بات ضرورياً تعليق الصلوات الجماعية في المساجد"، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن نحو 90 ألف مسجد في تركيا ستبقى مع ذلك مفتوحةً أمام الراغبين في "أداء الصلاة بشكل فردي".

كما وضعت الأحد آلاف المعتمرين الوافدين من السعودية في الحجر الصحي.

بدورها قالت مؤسسة الحاخامية الكبرى في تركيا في تغريدة على تويتر إنّ معظم الكُنُس في البلاد ستُغلق اعتباراً من الأربعاء.