الأردن يتهيأ لمحاكمة الأمير حمزة بتهمة التخطيط لانقلاب

أجهزة الحكم تمرر للرأي العام تاكيدات على تورط متعمد لولي العهد السابق في التآمر وتصف سلوكه بالوهم الجنوني وتتحدث عن "ساعة صفر" لبدء مخطط الاستيلاء على الحكم.
الملكة نور الحسين تدافع عن ابنها في تغريدات من الولايات المتحدة
"مصالح وطموحات وأوهام" جمعت الامير حمزة مع باسم عوض الله

عمان – منذ اعلن العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني الاسبوع الماضي ان اخاه غير الشقيق الامير حمزة "في قصره وتحت رعايتي" ساد اعتقاد بأن الامير حمزة يخضع للاقامة الجبرية، لكن اشارات جديدة تدل على التوجه نحو اجراء محاكمة علنية لولي العهد السابق بتهمة "التآمر".
وأثيرت تساؤلات من والدة الامير حمزة الملكة نور الحسين، المقيمة في الولايات المتحدة عن ظروف إقامته واعربت الأمم المتحدة عن القلق بشأن احتمال تعرض الأمير لاحتجاز منزلي "بحكم الأمر الواقع".
الخلاف بين الملك والأمير أثار أزمة غير مسبوقة سرعان ما خرجت إلى الملأ. وتضمنت انتقادات لطريقة الحكم على لسان الأمير تلتها "مصالحة عائلية" ثم الرسالة التي وجهها العاهل الأردني إلى مواطنيه.
يتمتع الأمير حمزة بشعبية واسعة في اوساط العشائر ومحافظات الأطراف ولقيت انتقاداته أصداء لدى الحركة الاحتجاجية التي تطالب بإصلاحات سياسية جذرية ومكافحة الفساد.
لكن أجهزة الحكم مررت الأحد الى الرأي العام مؤشرات إلى ان الأمير كان يسعى عن قصد إلى الانقلاب على الحكم وان محاكمته وربما سجنه تبقى مسألة وقت.
وقال الكاتب الاردني فهد الخيطان وهو من المقربين الى اجهزة الحكم، في مقال "كان الاعتقاد الأولي بأن رموز الفتنة عملوا على توظيف الأمير لتحقيق مآربهم، لكن المعلومات الاستخبارية التي جرى جمعها على مدار أشهر تشير بوضوح إلى دور مختلف للأمير، وانخراط كامل في عمليات التحضير لساعة الصفر".

الأمير حمزة اشترط تولي قيادة الجيش والأجهزة الأمنية ليتوقف عن نشاطاته

في المقال الذي نشرته صحيفة الغد اليومية الاحد ويحمل نبرة هجومية غير معتادة على احد افراد العائلة الهاشمية، كتب الخيطان "لقد بلغ الوهم حدا جنونيا عندما اشترط الأمير تولي قيادة الجيش والإشراف على الأجهزة الأمنية ليتوقف عن نشاطاته المناوئة للحكم، في تحد صارخ لنص دستوري واضح وصريح".
وتزامنت مقالة الخيطان مع ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز الاميركية ايضا، نقلا عن مصادرها بشأن طلب الامير الذي رفضه الملك.
وقال الخيطان وهو رئيس مجلس ادارة تلفزيون المملكة الممول من الحكومة ان الأمير حمزة "حرص فور انتهاء اللقاء على إرسال التسجيل الصوتي لخارج البلاد، في سلوك لا ينم عن احترام لمكانته الهاشمية، ولا لكونه ضابطا سابقا في الجيش العربي".
أكثر ما أثار تساؤلات الرأي العام بشأن "المؤامرة" هي العلاقة المفترضة وغير المعقولة حتى الان بين الامير حمزة ورئيس الديوان الملكي السابق باسم عوض الله، التي علّق عليها الخيطان قائلا "ستكشف الوقائع كيف يمكن للمصالح والطموحات والأوهام أن تجمع بين الطرفين".
وللأمير حمزة وعوض الله توجهات متباعدة في قضايا شتى، من دور الحكومة في الاقتصاد وتأثير العشائر في منظومة الحكم الى القضية الفلسطينية وتبعات تسويتها على الأردن. 
ورغم ظهور الأمير حمزة الاحد في صور مع العائلة المالكة الاحد خلال زيارة للاضرحة الهاشمية بمناسبة الذكرى المئة لتأسيس الاردن، لم تعلق الحكومة على التساؤلات التي تثار منذ الاسبوع الماضي حول ظروف إقامة الأمير حمزة.

ظهور بروتوكولي محدود للامير حمزة مع الملك
ظهور بروتوكولي محدود للامير حمزة مع الملك

ووصف مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان التابع للامم المتحدة الجمعة الاتهامات الموجهة الى الامير بـ"الفضفاضة"، معربا عن "القلق من نقص الشفافية حول هذه التوقيفات والاعتقالات" التي طالت 16 بينهم مقربون من الأمير حمزة.
وقال المكتب ايضا ان "من غير الواضح بالنسبة إلينا إذا كان بعد وساطة الخامس من نيسان/ابريل لا يزال الأمير حمزة تحت الإقامة الجبرية بحكم الأمر الواقع أم لا".
ويشير المكتب بذلك الى المصالحة التي انجزها الأمير الحسن بن طلال داخل القصر بعد رسالة الولاء للملك الموقعة من قبل الأمير حمزة وقبل الرسالة الملكية للأردنيين التي كانت اول تعليق من العاهل الاردني على الأزمة، وقال فيها ان "الخطوات القادمة ستكون محكومة بالمعيار الذي يحكم كل قرارتنا: مصلحة الوطن ومصلحة شعبنا الوفي".
لكن الحديث الان عن "ساعة صفر" كانت تستهدف الانقلاب على الحكم يعني تورط ضباط من الجيش في المؤامرة المفترضة، وهو ما نفته الحكومة من البداية وقالت انه لا يوجد عسكريون بين المعتقلين.
واذا ما جرت محاكمة الامير حمزة بتهمة التحضير لانقلاب، فهذا يحتاج الى مكاشفة تامة تضمن توضيح طبيعة مخطط الاستيلاء على الحكم والعلاقات بين المتورطين فيه.
ولم توفر الملكة نور انتقاداتها الصريحة والضمنية للبيانات الحكومية بشأن ما اسمته "الافتراء الآثم" حول الاتهامات الموجهة الى ابنها مع المعتقلين، وشاركت هاشتاغ #اين_الامير_حمزة الذي يشهد مشاركة واسعة على السوشيال ميديا في الاردن.
في صفحتها على تويتر، نشرت أرملة الملك الراحل الحسين بن طلال الجمعة تصريحات مفوض حقوق الانسان حول المحتجزين، وكتبت تغريدة في نفس اليوم تعليقا على قمع الاحتجاجات في ميانمار "ممارسة يبدو انها شائعة هذه الايام".
الحركة الاحتجاجية التي عادت الى الظهور في الاردن الشهر الماضي وفرقتها قوات الأمن بمجرد خروجها الى الشوارع في المدن الكبرى، اتخذت زخما أكبر منذ الكشف عن الاتهامات الموجهة الى الأمير حمزة الذي يحظى بقبول واسع في اوساط هذه الحركة.
وقالت مصادر ووسائل اعلام محلية ان بعض الاحتجاجات هتفت باسم الامير حمزة، وهو الذي دعا في احد مقاطع الفيديو الى مكافحة الفساد و"وقف الخراب" في المملكة التي كان ولي عهدها لخمس سنوات انتهت في 2004. ويمثل تجريد الأمير حمزة من ولاية العهد آنذاك المحرك الرئيسي للازمة الراهنة.